تلاحظ معظم الأمهات أن بناتهن الصغيرات مهتمات جدا بجمالهن وأناقتهن, فتحرص الطفلة علي الظهور في أفضل صورة لها عند الخروج مع الأهل والصديقات أو حتي عند الذهاب إلي المدرسة, ويتزايد هذا الاهتمام مع بداية مرحلة المراهقة حيث تمضي الفتاة ساعات طويلة أمام المرآة حتي يخيل لكل من حولها أن هذا هو اهتمامها الوحيد في الحياة, ويكون ذلك سببا في كثير من المشاحنات بينها وبين والديها.. فما رأي علما الاجتماع في هذا الموضوع؟ تقول د.سامية الساعاتي أستاذ علم الاجتماع في جامعة عين شمس أن الإنسان يحتاج إلي الجمال مثلما يحتاج إلي الخبز ليحيا سعيدا, ولكن الجمال ليس مجرد وجه جميل ولكنه كما قال الشاعر الكبير خليل جبرانضوء يشرق في القلب كما أن ليس كل ما هو جميل حسن وجيد وإنما ما هو حسن وجيد دائما جميل, لذلك يجب علي الوالدين الإشادة بكل ما هو جميل في طفلتهما منذ نعومة أظافرها, ليس فقط جمالها الخارجي ولكن أيضا ذكاؤها وقلبها الكبير وخصالها الحميدة وحبها للآخرين وعطفها علي الفقراء وحنوها علي شقيقها الصغير ومساعدتها للأجداد, وغيرها من الصفات الإنسانية النبيلة التي تتحلي بها, وذلك حتي لا تظل الفتاة سجينة صورتها الذاتية. وعلي الأم أن تعلم ابنتها منذ سنين عمرها الأولي أن الجمال مرتبط بالنظافة الشخصية والحمام اليومي واختيار قصة الشعر المناسبة لسنها, وتقليم ونظافة أظافرها, واستخدام مزيل لرائحة العرق, واختيار ألوان مستحضرات التجميل الطبيعية والتنوع فيها بعد ذلك وفقا للمناسبات ومراحل التقدم في العمر. وتنصح د.سامية الأمهات بضرورة تفهم أن الفتيات في هذه المرحلة السنية يسعين دائما إلي إثبات ذواتهن من خلال معارضة الوالدين في كل كبيرة وصغيرة, بالإضافة إلي محاولاتهن المستمرة في التشبه بالصديقات والنجمات الشهيرات, لذلك يجب علي الأم ترك مساحة للفتاة لتتحرك فيها بحرية, وذلك حتي لا يكون مظهرها غريبا عن صديقاتها أو مثيرا لسخريتهن, خاصة وأن الفتيات في سن المراهقة يمكن أن يتميزن بالقسوة وغلظة القلب تجاه بعضهن البعض.. كما أنه من المعروف أن الفتاة التي تشعر أنها جميلة تكون أكثر ثقة في نفسها وأكثر جرأة علي مواجهة المواقف التي يمكن أن تتعرض لها, بشرط أن يكون هذا الجمال متوافقا مع المجتمع الذي تعيش فيه.. المهم أيضا أن تكون الأم قدوة لابنتها وتفهمها أن الجمال مطلوب في كل مكان, وأنه قيمة من القيم الإنسانية الكبيرة وأنه انعكاس للثقة الذاتية الداخلية, وعليها بالتالي أن تعلمها كيف تتذوقه, وذلك من خلال حرصها علي نظافة وجمال بيتها واستشارتها في اللمسات الديكورية التي يمكن أن تضيفها إليه وأنواع النباتات التي تفضلها لأصائص الزرع وأشكال الستائر البسيطة, وتشجعها علي تذوق مظاهر الجمال المختلفة سواء كان ذلك في شكل الحدائق الغناء أو السماء المرصعة بالنجوم أو الشواطيء أو الفنون بأنواعها, عندئذ لن تضطر الفتاة إلي التطلع إلي نفسها في كل مرآة تجدها أمامها لأنها ستكون أكثر ثقة في نفسها, الثقة التي أكتسبتها من نظرة والديها إليها ونجحا في غرسها فيها, ومع الوقت سوف تدرك أن الجمال الذي لا يتوافق مع المجتمع يسبب التعاسة لصاحبته, كما أن الجمال الذي لا تصاحبه فضائل جميلة وحميدة لا يجدي في شيء بل يمكن أن يتحول إلي نقمة فيفسد حياة صاحبته ويحيلها إلي جحيم.