كان الصحفي البريطاني ديفيد هيرست واحدا من هؤلاء المؤمنين بأسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر مثل جان كلود جيبوه وربما أكثر ولكن ما حدث في أكتوبر1973 دفعه إلي إعادة نظر شاملة في رؤيته وقد عبر عنها في كتاب البندقية وغصن الزيتون.. يقول هيرست في كتابه: إن حرب أكتوير كانت بمثابة زلزال.. فلأول مرة في تاريخ الصهيونية حاول العرب ونجحوا في فرض أمر واقع بقوة السلاح.. ولم تكن النكسة مجرد نكسة عسكرية بل إنها أصابت جميع العناصر السيكولوجية والدبلوماسية والاقتصادية التي تتكون منها قوة وحيوية أي أمة... وقد دفع الإسرائيليون ثمنا غاليا لمجرد محافظتهم علي حالة التعادل بينهم وبين مهاجميهم وفقدوا خلال ثلاثة أسابيع وفقا للأرقام الرسمية 2523 رجلا وهي خسارة تبلغ من حيث النسبة ما خسرته أمريكا خلال عشر سنوات في حرب فيتنام مرتين ونصف المرة. ويدلل هيرست في كتابه علي عمق الصدمة فيقول: لقد أسفرت الحروب الإسرائيلية العربية السابقة عن صدور سيل من الكتب المصورة المصقولة بالورق تخليدا لذكري النصر أما في هذه المرة فإن أول كتاب صدر في إسرائيل كان يحمل اسم( المحدال) أي التقصير.. وفي عام1967 ألقي الجنرالات الإسرائيليون كلهم رفاق سلاح محاضرات علي جمهورهم المعجب بهم حول حملاتهم المختلفة, وما كادت حرب1973 تبدأ حتي أخذوا يتبادلون الاتهامات.. وأقسي الإهانات... واستقبلت الأمهات الثكلي والأرامل فيما بعد موشي ديان المعبود الذي هوي بالهتافات التي تصفه بأنه سفاك دماء, وكانت الحروب السابقة تعقبها استعراضات عسكرية مهيبة في ذكري عيد الاستقلال مع استعراض الغنائم التي تم الاستيلاء عليها, أما في هذه المرة فإن شيئا من هذا لم يحدث بل علي العكس سرعان ما عرف الإسرائيليون أن معرضا كبيرا للغنائم قد افتتح في القاهرة.. ولأول مرة أيضا شاهد الإسرائيليون المنظر المخذي لأسراهم ورءوسهم منكسة علي شاشات التليفزيون العربي. خير الكلام: كل الأسلحة تصدأ بمرور الزمن... سلاح الروح لا يصدأ أبدا! لمزيد من مقالات مرسى عطا الله