من حسن الطالع أن تختتم في هذه الأيام الدراسة الخاصة بتنمية سيناء التي بدأ العمل فيها منذ عام2009, واستمرت أربع سنوات بمشاركة محلية ودولية, وتضمنت تشخيصا دقيقا لموارد أرض الفيروز, ووضع قواعد لتعظيم فوائدها, لا سيما بمنطقة المغارة, وذلك من حيث استخدامات الأراضي, وتحديد المواقع ذات التميز التاريخي والتراث الطبيعي والتنوع النباتي والحيواني, ليكون ذلك نقطة البداية لإنجاز تنمية حقيقية في سيناء التي حرمت طوال الحقبة الماضية من برامج جادة للنهضة. الدراسة تمثل أحد روافد دراسة شاملة ضمت المغرب, وأطلق عليها التقييم البيئي للألفية, وتمت بمبادرة للأمم المتحدة, بهدف الحفاظ علي الثراء البيئي بشمال سيناء, وتحديدا منطقة المغارة, بحيث تراعي أن يكون هناك تشخيص دقيق لحالة المناطق المستهدفة بالتنمية. وكما يتناولها الدكتور أحمد عبد الرحيم- المدير الإقليمي بمركز البيئة والتنمية للإقليم العربي وأوربا( سيداري)- فهذا المشروع يندرج تحت تعهد هيئة الأممالمتحدة من خلال مبادرتها بصيانة الأنظمة البيئية, وحمايتها من أي تدهور يلحق بها من جراء التنمية غير المقننة التي تتم في كثير من المناطق ذات الحساسية البيئية بدول العالم المختلفة. لماذا المغارة؟! عن تفاصيل الدراسة يقول المنسق العام لها الدكتور محمد توفيق- الأستاذ بجامعة قناة السويس-: حرصت الدراسة علي الاستفادة بالخبرات العالمية لعلماء جامعة الأممالمتحدة( طوكيو) وجامعات القاهرة والمنوفية والمنصورة ومركز البحوث الزراعية. ويضيف: تم اختيار منطقة وادي المغارة بمحافظة شمال سيناء لأهميتها كواحدة من أهم مراكز وجود النباتات الطبية في الشرق الأوسط, ولتميزها بمجموعة نباتية متميزة ذات قيمة طبية وإقتصادية عالية قد لا توجد بنفس الثراء والانتشار في مكان آخربالمنطقة العربية, كما تتميز المغارة بوجود غابة الشيخ حميد التي تعد من أهم المعالم البيئية في المنطقة, وتضم مجموعة من الأشجار المتميزة, وإن كانت للأسف لا تخضع لإدارة بيئية رشيدة, بل تتعرض بشكل مفرط لتدهور بيئي حاد يشمل تكسيرا جائرا للأحجار أدي إلي تدمير عدد كبير من الأشجار المحيطة بها. مضار.. ورسائل ويتابع الدكتور محمد توفيق: سكان منطقة المغارة هم الأكثر فقرا بين سكان سيناء, والطبيعة الشاقة للمنطقة تحد من هجرة غير البدو, كما تحد من امتداد التحضر, ومع ذلك فهي لاتزال المنطقة الوحيدة المميزة في سيناء, إذ تسود فيها الحضارة البدوية,وبالنسبة للجانب السلبي الذي تعاني منه المغارة نجد مجموعة من الصناعات التعدينية خاصة الفحم والرخام, وهي صناعات لها تأثير قاس علي البيئة المحيطة بتلويثها الشديد للمنطقة, واستنزاف مواردها الطبيعية, وفقد التنوع البيولوجي, إضافة لتلوث الأراضي والمياه بسبب مناجم الفحم التي ينجم عنها أيضا نفايات صلبة. ويضيف: هذا التدهور البيئي هو العامل الرئيس وراء ارتفاع مستوي الفقر بين سكانها من البدو, كما أسهم بعد منطقة المغارة عن صناع القرار في صعوبة تقدير حجم هذه الأضرار, وجعل من الصعب بالنسبة لسكانها أن ينقلوا مطالبهم إلي صناع القرار, لذا كان أحد الأهداف الرئيسية للتقييم البيئي للمغارة جذب انتباه صناع القرار إلي تلك الأضرار, والمطالبة بإدارة بيئية رشيدة تعالج هذا التدهور البيئي ثم تنميتها بما يتناسب مع أهميتها. وأظهرت نتائج المسح للمجموعة النباتية الموجودة في وديان منطقة المغارة( الحمة, ومزيرع, ومساجد وعروسية), ومقارنتها بحصر المناطق نفسها- في ستينيات القرن الماضي- غياب الكثير من أصناف النباتات التي كانت متواجدة, وهو ما يدل علي تأثر التنوع الحيوي للثروة النباتية للمغارة نتيجة عوامل متنوعة أغلبها من صنع الإنسان. وعن كيفية الاستفادة من النتائج التي توصلت إليها الدراسة, يقول الدكتور أحمد عبدالرحيم: تمكن النتائج من رسم خريطة مستقبلية لمنطقة المغارة في وسط سيناء لسبل التنمية خاصة التنمية الزراعية للمنطقة, إذ شملت تحديد الأماكن الصالحة للزراعة, ومدي كفاءة التربة في المناطق المختلفة من وادي المغارة من حيث قابليتها للزراعة, كما شملت الدراسة رصدا لكميات المياه المتاحة لسكان المنطقة ونصيب الفرد في كل منطقة من مياه الشرب, و تحديد لمواقع الإبار بالمنطقة ونوعية المياه في معظمها, ومدي ملاءمة مصادر المياه للزراعة.