مشكلة المرور في مصر من أخطر عشر مشكلات تواجه البلاد, بل هي علي رأس تلك المشكلات التي تمثل صداعا رهيبا في رأس أي مسئول, الشارع المصري أصبح خليطا من الفوضي والانفلات المروري . البعض يوجه سهام غضبه ونقده لإدارة المرور وكأنها تملك عصي سحرية لحل أزمة مستعصية تتفاقم يوما بعد يوم, والبعض الآخر ينتظر الفرج ومعجزة إلهية لحل مشكلة المرور في مصر. اللواء حسن البرديسي مساعد وزير الداخلية ومدير مرور العاصمة يحذر من اقتراب مشكلة المرور في مصر إلي المربع الأحمر الخطر والذي بعده لا ينفع معها أي حل, ولا يمكن أن نلقي اللوم علي إدارة المرور وحدها في حل تلك الأزمة, فقضية المرور في مصر أصبحت قضية أمن قومي حقيقي علي مؤسسات الدولة بكاملها الوقوف سريعا لإيجاد وتفعيل حلول جذرية عاجلة. وقال اللواء البرديسي: إن مشكلة المرور لها جذور عميقة ولم تتم معالجتها علي مدي30 عاما مضت, مشيرا إلي أن الإدارة طالبت الدولة بمجموعة حلول منذ سنوات ولم يتم تنفيذها لسوء التخطيط والتنظيم كان أبسطها تفريغ وسط العاصمة من المنشآت والهيئات والمصالح الخدمية للمواطنين, ففي وسط القاهرة يوجد ما لا يقل عن60 بنكا وشركة صرافة و9 وزارات ومبني مجمع التحرير ومباني مجلسي الشعب والشوري ومكاتب وشركات كبري أخري يتردد عليها الألوف من المواطنين يوميا.. وهذا لم يحدث. كما أن عدم وجود محاور عرضية لمدينة القاهرة للربط بينها وبين محافظات القاهرة الكبري لمواجهة الكثافات المرورية وتسهيل حركة المرور أصبح يزيد من الأزمة يوما بعد يوم. وأشار إلي أن عدم وجود وسيلة نقل جماعي مناسبة تشجع المواطنين علي ترك سياراتهم بدعم وتطوير وتحديث منظومة النقل الجماعي لم يحدث أيضا. وأشار مدير مرور العاصمة إلي أن وجود سوء تخطيط هندسي لبعض المناطق بالقاهرة مثل مدينة نصر التي شيدت بها أربعة مولات ضخمة تجذب عشرات الآلاف كل ساعة دون عمل حساب للجراجات أو أماكن ترك السيارات وإلغاء الجراجات منذ سنوات وتحويلها إلي محلات زاد من المشكلة. وتساءل اللواء البرديسي عمن سمح بتعلية العقارات بهذا الكم فجأة بالمخالفة للقانون مما زاد من العبء المروري في أكبر المحاور والشرايين المرورية بالقاهرة, ومن أعطي تصاريح لعمل مولات وفتح مقار للبنوك مؤخرا مرة أخري في مناطق وسط البلد وشرق القاهرة بدلا من إنشائها خارج المدينة؟! وأوضح اللواء البرديسي أننا عانينا في السنتين ونصف الماضتين قدر ما عانيناه في30 عاما مضت, وقال إن القاهرة تختنق, وإن الظروف الأمنية فرضت غلق حوالي ربع أهم المناطق بالقاهرة في شرق وغرب منها ميدان التحرير والقصر العيني وبعض شوارع وسط المدينة المؤدية لوزارة الداخلية وكذا ميدان رابعة العدوية وأحيانا الميرغني والقبة وأي إغلاق لمثل هذه المحاور الرئيسية يؤثر تأثيرا كبيرا ويزيد من الأزمة المرورية في مصر, وأوضح أن أي عطل في سيارة فجأة يحدث فورا تأثيرا مباشرا للتدفق المروري مثل نفق الأزهر الذي إذا حدث فيه عطل سيارة فإن إجراءات الرفع بالونش وسحب السيارة وما يحتاجه من وقت يقوم بشل حركة المرور بالعاصمة بالكامل. وأوضح اللواء البرديسي أن أعمال الصيانة أيضا هي السبب الرئيسي للاختناقات المرورية, مشيرا إلي أن إصلاحات كوبري أكتوبر وما يتم من أعمال في أطول شارع بالقاهرة وهو شارع صلاح سالم الذي يمتد من مطار القاهرة وحتي حدود الجيزة يسير من4 حارات إلي حارتين فقط, كما أن أعمال الصيانة في بعض مناطق الطريق الدائري تؤدي إلي اختناق بعض منازل هذا الطريق ويحدث تكدس مروري. وقال إن محور نفق الأزهر الذي يربط غرب وشرق القاهرة حدث فيه نوع من سوء التخطيط في عصر الرئيس السابق مبارك فهو كان مخططا له3 حارات في الجانبين وتم عمل حارتين فقط, وفي4 سنوات تنفيذه تكلف4 مليارات ومليونين وكان الأجدر أن يتم تنفيذه ب3 حارات لولا رفض مبارك تطويل مدة التنفيذ وها نحن ندفع ضريبة ذلك! وأوضح مساعد وزير الداخلية لمرور القاهرة أن ضابط المرور في الشارع في أي دولة مهمته هي ضبط المخالفة وليس تنظيم المرور, ونحن الآن نقوم بضبط وتنظيم المرور معا وغير مجدي, وضبطنا مليون و600 ألف مخالفة مرورية منذ أول العام حتي الآن كما ضبطنا12 ألف موتوسيكل بدون لوحات وبعضه مسروق كانت تستخدم في ارتكاب جرائم متعددة. وأكد اللواء البرديسي أن القاهرة تشهد24 مليون رحلة مرور كل يوم, منها3 ملايين رحلة للمواطنين بالمترو و3 ملايين رحلة بأتوبيسات, و6 ملايين رحلة يقطعها المواطنون بسياراتهم, والباقي وهو12 مليون رحلة تتحكم فيها أسوأ وسيلة مواصلات في العالم وموجودة عندنا وهي الميكروباص, فلابد من تعديل أسطول هيئة النقل العام فورا وعلي وزارة المالية أن تحل مشاكل التاكسي والميكروباص والسيارات الخردة, وفي شوارع مصر هناك ما لا يقل عن مليون سيارة قديمة لا تصلح للسير ومنتهية فترة صلاحيتها ويجب أن تكهن لأنها عبء علي الطرق والشوارع, وبالمناسبة نحن رفعنا220 سيارة متهالكة ومركونة في الشوارع خلال شهر واحد فقط, وطالبنا بنقل أسواق السيارات في مدينة نصر والبساتين لخارج القاهرة, فهناك250 ألف سيارة يحضرها أصحابها إلي كل سوق لعرضها, وعملية إنشاء سوق حضارية للسيارات المستعملة أو للسيارات الجديدة مطلب مهم ويمكن للقوات المسلحة تنفيذه وفق مخطط عالمي يفيد لاستثمارات هائلة للبلاد, كما أن فكرة إنشاء الجراجات الذكية الطولية ندرس فكرة إدخالها الخدمة في مصر عن طريق شركات عالمية, كما أننا ندرس إنشاء كباري مشاة بسلالم الكترونية مقابل حق انتفاع بإعلان للشركات الكبري والأمر متوقف علي دراسة السيد محافظ القاهرة الذي ننتظر منه اتخاذ قرار بعيدا عن البيروقراطية. ويوضح مدير مرور القاهرة أن حالة الانفلات المروري تتزايد وتتضخم بسبب سلوكيات المواطنين سواء من قائدي السيارات أو المشاة والتي يرتكبونها في الشارع حيث تؤدي إلي عرقلة المرور.. مشيرا إلي أن هناك العديد من المشاكل المستعصية فعلاي والتي تتداخل مع بعضها وينتج عنها تفاقم أزمة المرور في مصر والتي من ضمنها الزيادة الرهيبة والمطردة والملحوظة في عدد المركبات والسيارات التي يتم ترخيصها دون أن تقابلها أي زيادة في محاور أو كباري أو طرق أو مشروعات انشائية.. وهذه الزيادة ستؤدي إلي كثافة للحركة المرورية وانخفاض معدل السرعة للسيارات.. وهذا التناقص الخطير لمعدل السرعة سيؤدي إلي شلل مرور فعلا.. وهنا تصبح الأزمة كارثة! وقال اللواء حسن البرديسي.. أن هناك خططا دائمة لمنظومة عمل متكاملة بين المرور وأجهزة الأمن الأخري لمواجهة أزمة المرور.. ولكن تحت ظروف عمل صعبة وفق المتطلبات الأمنية الحالية.. والضباط يوجدون في مواقعهم منذ السابعة صباحا للسيطرة علي الحركة المرورية ومنع أي اختناقات وتحقيق السيولة بمساعدة غرفة العمليات الرئيسية من خلال25 كاميرا حديثة تم نشرها تغطي العاصمة بأكملها طوال42 ساعة. وأكد مدير مرور العاصمة.. أنه آن الآوان لانشاء قناة اذاعية للمرور لتوجيه رسائل للمواطنين عن أماكن الاختناقات والحوادث لتلافيها.. مشيرا إلي أن نجاح خدمة الرسائل القصيرة جعلت الشركة المنفذة تغلق الخدمة لإعادة استثمارها برؤية مالية فقط.. وهذا يجعلنا ندرس قناة المرور لتقديم خدمة للمواطنين لوجه الله. وقال: إننا محتاجون لانشاء مدارس القيادة مثل بقية دول العالم لاستخراج الرخصة من خلال المدرسة بدلا من الاسلوب المتبع حاليا. وأعلن مدير مرور القاهرة.. أنه قد تم الانتهاء من إعداد مشرورع قانون جديد لتلافي كل خروقات وعيوب القانون الحالي وجاهز للعرض علي اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية.. لتتم مناقشته في الوزارة وعرضه علي مجلس الوزراء لتفعيل وتغليظ بعض مخالفات المرور لأنه لابد وأن يخضع جميع المصريين للقانون. ويؤكد اللواء البرديسي.. أن مشكلة المرور بمثابة انذار خطير لمصر كلها.. وعلي كل المؤسسات ومسئولي الدولة وضعها بمستوي أمن قومي وننتظر مشاركة الجميع في وضع الحلول.. موضحا أن المرور يكبد الدولة خسارة قدرها21 مليار جنيه سنويا نتيجة حاجة واحدة فقط وهي استهلاك البنزين والوقوف في اشارات المرور!! وأشار إلي أن قيام الجمارك برفع قيمة الضريبة في تحصيل جمارك السيارات أسهم في زيادة مشكلة المرور.. بمعني تحصيل فلوس كثيرة للدولة.. ولكن الخسائر التي يدفعها المرور أكبر بكثير.. ومع عدم وجود طريق واحد في مصر يخضع للمواصفات العالمية.. فإن هناك خسائر فادحة في أرواح المواطنين كل عام ونفقد أكثر من6 آلاف قتيل و052 ألف معاق بسبب حوادث المرور. كذلك فإن الموضوع جد خطير ولابد للناس أن تتكاتف وتعدل من بعض سلوكياتها الخاطئة أولا في استخدامها للسيارات قبل أن تنتقد المرور.. ثم يأتي دور الدولة الذي يجب أن يكون ومنذ سنوات واعطاء قضية المرور أولوية أهم لحلها فوق جميع المشكلات التي يعاني منها المجتمع المصري.