وهي الرواية الأولي للكاتب شريف لطفي, الذي يعبر عن نفسه روائيا عبر شخصية البطل سعيد المصري الممزق بين روحين غربية وشرقية, ويحتار إلي أيهما ينتمي حتي يجد ذاته بعد معاناة طويلة وقاسية ورحلة من الضياع علي خلفية أحداث الثورة المصرية. يبني هيكل الرواية علي سعيد المصري الذي يمر بأزمات حادة في حياته اليومية وتتبلور المأساة الأكبر في أزمة هوية تجعله منفصلا عن واقع المجتمع الذي يعيش فيه, وتتطور الأحداث لتصل بسعيد إلي أعماق مظلمة تقوده إلي التساؤل عن هويته و يصل إلي حد يتساءل فيه عن الأسباب التي من أجلها يعذب إلي هذه الدرجة. حيث ولد سعيد لأب مصري وأم أجنبية من عائلتين ميسورتي الحال, كانت نشأته أوروبية إلي حد كبير فعلي الرغم من تمضية عمره كله في مصر, فإنه كان شديد التأثر بالثقافة الأوروبية بحكم علاقاته الوطيدة بوالدته, وكان مع قربه لوالدته يزداد بعدا عن أبناء بلده يوما بعد يوم, ويعاني اغترابا شديدا في المجتمع المصري, ينفصل عن أقرانه, وليس لديه أصدقاء ولا يعجبه حال البلد الذي يعيش فيه, ويقارن بين وضعه فيها وبين حياته كمواطن أوروبي ذهنا ووجدانا, ثم تأتي أحداث الثورة المصرية لتضعه في قلب الحدث, ويعثر علي ذاته. يستسلم سعيد لنداء داخلي يقوده إلي منطقة الأحداث, حيث يدخل سعيد ميدان التحرير ليفاجأ بحشد كبير من الناس مختلفين و لكنهم واقفون صفا واحدا في وجه قضية واحدة أعظم من أي خلاف فيذوب سعيد في هذا الحشد و يملؤه إحساس بالانتماء إلي شيء يجمع بينه و بين وطنه, ويتفاعل مع الأحداث وينخرط في الهتافات والمسيرات التي من خلالها يجد صوته الحر لأول مرة في حياته فيتذوق طعم الحرية و يتخلص من القيود المكبلة له و يحلق في سماء الوطن في حالة عشق و تحرر, ويتجاوز سعيد أزمته ويذوب في نسيج الوطن لينتهي به الأمر مقتولا برصاص قناص في جبهته فيستشهد سعيد منتشيا باكتشاف هويته ومعايشته لها ولو لدقائق, ويموت سعيد وهو يرفع إلي السماء التي تملؤها أصوات نواقيس الكنائس وأذان المساجد مرحبة به في عالم جديد لا تسوده أي فوارق بين أبناء الوطن الواحد. وقد لقيت الرواية صدي نقديا وجماهيريا واسعا حيث ستصدر طبعتها الثانية خلال أيام في أقل من أربعة أشهر منذ صدورها. صدرت عن الدار المصرية اللبنانية