ونحن نحتفل في هذه الأيام بمرور40 عاما علي انتصارات أكتوبر المجيدة لايمكن أن نغفل دورالمرأة الفعال والمؤثر في هذه الانتصارات, فهي وإن لم تكن في صفوف المقاتلين إلا أن دورها كان له أكبر الأثر في تفرغ الجنود من ابن وزوج لمهمتهم الكبري وحثهم علي البذل والعطاء, وحمت الجبهة الداخلية وتبرعت بما تملك وتطوعت لخدمة الجنود وأسرهم وحثت الأخريات علي التبرع والتطوع, لتسطر في تاريخ مصر أروع قيم التضحية والعطاء.. وكلمات أصحاب الفكر والرأي تؤكد ذلك. يقول د.أحمد يحيي عبد الحميد أستاذ علم الاجتماع بجامعه السويس: إن المرأة المصرية شاركت في حرب أكتوبر1973 من خلال مقار التنظيم النسائي والجمعيات النسائية الأهلية في خدمة أسر الشهداء والجرحي وفي بث الحملات الإعلامية للتطوع في التمريض والتبرع بالدم, كما كونت لجنة صديقات القلم لترجمة كل ما يكتب عن القضية المصرية وإرساله لمختلف الاتحادات والمنظمات النسائية العالمية لتعريف المرأة في العالم بحقيقة ما يدور في الشرق الأوسط. ويضيف: المرأة في أثناء حرب أكتوبر كانت تعاني تدني الأوضاع في مختلف المجالات وهذا يرجع لظروف البلد في أثناء الإعداد للحرب أو وقتها, وكانت علي قدر المسئولية وحصنا للجبهة الداخلية, فعملت بالمستشفيات من خلال الهلال, ووقفت بجانب الجنود المصابين والمعاقين تساندهم وتضمد جراحهم. وكان التبرع من أهم الوسائل التي ساهمت بها المرأة في تلك الحرب, فكانت النساء يقمن بذلك من أجل حل مشاكل أسرالأبطال الذين ذهبوا للقتال, فنجد النساء اللاتي في موقع القيادة وزوجات المسئولين والضباط يتبرعن بالملابس والبطاطين وكافة احتياجات الأسرة ويقمن بتوزيعها علي الذين فقدوا العائل بالاستشهاد أو الإصابة, وتبرعت العاملات بجزء من أجرهن الشهري للمجهود الحربي, واختفي الغياب وارتفعت طاقاتهن الإنتاجية حتي أن بعضهن عملن في العيد, ورفضن إعداد الكعك تضامنا مع المحاصرين في مدينة السويس. ومن أبرز الأسماء التي كانت تتبرع بأجرها كاملا- كما يقول د.أحمد يحيي- السيده أم كلثوم التي تعتبر من أبرز من تبرعوا بالمال والجهد, كما غنت للجندي المصري واستحثت الشعراء لكتابة قصائد وطنية حماسية لتشد من أزرهم, فقد كان فن أم كلثوم لا يقل عن أي سلاح تم استخدامه في الحرب لذلك فهي تعتبربطلة من أبطال حرب أكتوبر. ويقول د.صابر أحمد عبدالباقي الأستاذ بكلية الآداب جامعة المنيا إن المرأة في السويس تحملت كثيرا في أثناء حرب أكتوبر, فهي التي دفعت بالإبن والزوج علي خط الجبهة, وهي التي تم تهجيرها من وطنها بسبب الاحتلال, وهي التي شاركت في سنوات الحصار وكانت صابرة, بل إنها غرست المثابرة والتحمل في نفوس أبنائها وأعدت جيلا جديدا قادرا علي العطاء ومواجهة التحديات. ويضيف مؤكدا أن العدو الإسرائيلي لم يستطع التغلغل داخل كيان أهل سيناء أو تجنيد أحد أبنائها لأن المرأة المصرية غرست في أطفالها عن طريق تربيتها لهم حب الوطن, وعندما أراد العدو الصهيوني تدويل سيناء من خلال مؤتمر دولي في الحسنة وقف جميع أهل سيناء رجال ونساء وقالوا إن باطن الأرض خير لنا من ظهرها إذا تخلينا عن مصر أو فرطنا في سيناء, وكان للبنات أيضا دور في الحرب بتكوين اتحاد لنساء سيناء ينظم حركتهن ونزلن للمستشفيات ووقفن صفا ثانيا لا يعرف الخوف أو الضعف وراء الأبطال, كما قدمت كل ست بيت ما لديها من ماكينات خياطة أوتريكو لتكون في خدمة المعركة. ويشير د.صابر أحمد إلي أن المرأة البدوية كان لها أيضا أثر فعال في حرب أكتوبر, فهي التي قامت بتهريب الفدائيين وعلاجهم ومساعدتهم في الوصول إلي الأراضي المصرية من خلال طرق لم يعرفها العدو, رغم أن هذه المرأة لم تتعلم ولم تتدرب, ولكنها قامت بهذه الأعمال بفطرة الانتماء وحب الوطن, بالإضافة إلي أنها كانت من أهم وسائل الاتصال بين قيادات الجيش في القاهرة والجنود في سيناء, وتم استخدام البدويات في توصيل الرسائل والمعلومات للجنود خلال فترة الحرب حفاظا علي سرية المعلومات وخشية وقوعها في يد الجواسيس. وفي النهاية يجب أن نؤكد دور المرأة في تحقيق النصر لأنها كانت تقوم في البيت وحدها بدورها ودور الرجل معا, وتتحمل الأعباء حتي يعود زوجها, وكانت تشجعه دائما بقولها مصر أهم من أي شيء آخر لذلك فإن المرأة المصرية كانت محاربا وقائدا داخل المنزل, وكان دورها أساسيا ومحوريا, لأن الجندي لايستطيع العمل في الجبهة بذهن صاف إذا كان منشغلا بشيء آخر.