ولدت في مدينة طما بمحافظة سوهاج.. والدها كان كبير العائلة وكان من أعيان البلد وعضو مجلس محلي المحافظة.. كانت آخر العنقود وكان ترتيبها العاشرة بين إخوتها.. الوحيدة بين شقيقاتها البنات التي استطاعت تكملة دراستها حتي حصلت علي الدكتوراه.. إنها د.عايدة أبو غريب أستاذ المناهج وطرق التدريس بالمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية التي بدأت حديثها وكأنها تقرأ كتاب تاريخ حياتها قائلة: شقيقاتي الأربع الكبريات لم يحالفهن الحظ أن يواصلن تعليمهن بعد الابتدائية لأن بلدنا لم يكن بها مدارس ثانوية سواء للبنين أو البنات.. وتزوجن مثل باقي الفتيات في ذلك الوقت.. أما أشقائي الذكور فكانوا يضطرون للسفر كل يوم لإحدي المدن المجاورة التي يوجد بها مدرسة ثانوية.. أما أنا فقد حالفني الحظ حين تم افتتاح مدرسة إعدادية وأخري ثانوية في طما فأتممت دراستي وحصلت علي الثانوية العامة أدبي( لعدم وجود فصل علمي بمدرسة البنات).. ورغم إصرار والدتي علي رفض سفري ومواصلة تعليمي الجامعي إلا أن شقيقاي الأكبر مني نجحا في إقناع والدي باشتراكي في المدينة الجامعية والتحاقي بكلية بنات عين شمس تحت إشرافهما لأنهما كانا قد تخرجا, أحدهما في كلية الشرطة والآخر في الكلية الحربية وتم تعيينهما في القاهرة.. وفي هذه الأثناء توطدت علاقتي بابن عمي الذي كان يرعي إخوته بعد وفاة والده لأنه كان أكبرهم. وتخرجت وتم تعييني- لتفوقي- مدرسة في مدرسة إمبابة الثانوية للبنات بالقاهرة, لكن والدي رفض هذا التعيين بشدة, فأرسل شقيقي الأكبر الذي كان يعمل في مهنة التدريس رسالة لوزير التربية والتعليم يحمله مسئولية تعيين فتاة بالقاهرة بعيدا عن أسرتها فوافق الوزير علي نقلي لأعمل في مدينتي بمدرسة سوهاج الثانوية للبنات.. ولكني رجعت إلي القاهرة لأعمل مدرسة في مدرسة السنية عقب زواجي من ابن عمي عالم الجيولوجيا د.أحمد عاطف دردير, بعد أن أنهي مهمته تجاه أشقائه.. ثم سافرنا عام1970 إلي مدينة سان بطرسبرج بالاتحاد السوفيتي ليحصل هو علي الدكتوراه وأكمل أنا دراساتي العليا.. ولأن زوجي أنهي دراسته قبلي بسنة اضطررت للبقاء وحدي في روسيا, وكانت هذه المرة الأولي التي أعيش فيها بعيداعن أهلي أو زوجي الذي عاد إلي القاهرة بعد حصوله علي الدكتوراه ليعمل بهيئة المساحة الجيولوجية التي كان يعتبرها بيته. بعد عودتي من روسيا.. تمت إعارتي إلي كلية البنات بالرياض, ورافقني زوجي الذي تم تعيينه خبيرا للموارد الطبيعية في وزارة التخطيط السعودية, ولكن شاء القدر ألا نكمل الإعارة لأن زوجي اختير رئيسا لمجلس إدارة هيئة المساحة الجيولوجية ففضل العودة لأرض الوطن. وبعد استقرارنا في مصر بدأنا, وعلي مدار13 سنة, ننظم احتفالات في مدينة طما لتوزيع الجوائز علي أوائل التعليم العام والأزهري. ولأن زوجي كان يقضي معظم وقته في الصحراء فقد أعطيت كل وقتي لأبحاثي ودراساتي.. لقد تحملت غيابه لفترات طويلة لكن ما لم أتحمله غيابه منذ شهور للأبد نتيجة لإصابته بجلطة مفاجئة في الرئة أنهت حياته.. لقد كان نعم الزوج والرفيق والصديق.. رحل وترك لي تلاميذه ليكونوا نعم الأبناء الذين لم أنجبهم, كما ترك مكتبة علمية وثقافية ضخمة قدمتها لهيئة المساحة الجيولوجية, حسب وصيته, لتكون صدقة جارية علي روحه ويستفيد منها تلاميذه وطلاب العلم.. ود.عايدة أمضت كل حياتها تجري الدراسات والأبحاث في مجال التعليم.. لذا فقد حرصت علي أن تنهي حديثها بالكلام عن هذا المجال, خاصة وأن دستورا جديدا للبلاد علي وشك الصدور, فقالت بكل أسي إن دستور2012 غابت فيه الرؤية الخاصة بتوضيح آليات تطوير التعليم وحل مشكلاته.. كذلك لوحظ غياب المعنيين بالتعليم في لجنة ال الخمسين التي شكلت بعد ثورة30 يونيو لتعديل الدستور.. فلا يمكن لدولة أن تتقدم إلا بالتعليم.