تناقش لجنة الخمسين مواد الدستور حاليا, وتبحث نقاط الاتفاق والاختلاف في محاوره ومواده وعناصره , خاصة في المسائل الجدلية والخلافية, التي نحن الآن في أمس الحاجة إلي إعادة النظر فيها, وهي المواد التي تختلف حولها التيارات الليبرالية والمدنية وبعض التيارات الدينية ومنها المواد المتعلقة بنصوص الحريات والمرأة والمسئوليات المجتمعية وبعض السلطات كسلطة الرئيس والمجالس النيابية والمحلية وننبه إلي أن هناك اغفالا وظلما فادحا وتناسيا تاما لدور لغتنا العربية في الدستور الجديد( دستور2102) الذي يتم تعديله الآن وهو الدستور الذي من المقرر ان يرسم تفاصيل حياة المصريين الحقوقية والقانونية والتشريعية والإنسانية والاجتماعية والثقافية في المستقبل القريب والبعيد, وإذا نظرنا إلي موقع لغتنا الجميلة من اعراب الدستور التشريعي الجديد فسنجدها قد وقعت في خبر كان لسبب واضح وبسيط, وهو أن موقع هذه اللغة العظيمة بات محصورا في هياكل الصيغ التقليدية, والدباجات الكلاسيكية والرسمية, وهو أمر لا يضيف جديدا فيه, ولا يحدد دورا مستقبليا وحاسما لهذه اللغة العصماء, ولا يختلف عما وجدناه في الدساتير الفائتة, إلا دستور4591 الذي حاول فيه رموزنا الكبار طه حسين والعقاد والسنهوري باشا, أصحاب الدور البارز في صياغته, خلق دور جديد ومتميز للغتنا الجميلة في سياق المعاملات الرسمية وغير الرسمية وفي طبيعة اللغة الإعلامية وخاصة لغة الصحافة والإعلام والإذاعة المصرية وفي النطاق التعليمي في مدارسنا وجامعاتنا, حيث أقروا قانونا يلزم المدارس والجامعات المصرية بجميع أشكالها وألوانها بتدريس اللغة العربية إلي المراحل النهائية في المدارس الحكومية والأجنبية والأكاديمية الجامعية, بمناهج تشرف عليها وزارة التعليم والتعليم العالي, ولا يستثني من ذلك أحد حتي يصبح الخريج علي دراية تامة ووعي بأصول لغته الكريمة, وكذلك الأمر بالنسبة للغة المؤلفات الأدبية وغير الأدبية والدوريات الثقافية والعامة, ولغة الخطابة السياسية وغيرها, وكانوا يقصدون آنذاك مجابهة حركات الهيمنة التي بدأت تلوح للهجات العامية في مصر, والتي أخذت تنتشر في زمانهم, وان كانت لا تمثل أية نسبة تذكر إذا قيست إلي وقتنا المعاصر وزمننا الراهن, ويحسب لهم أنهم نجحوا في ذلك. ونلفت النظر لهذه القضية خاصة أننا نتحدث عن هويتنا القومية في دستورنا الجديد, فإذا كان المعارضون لمواد الدستور الجديد قد نجحوا في أن يعرضوا نقاط الخلاف, وحدود الفرقة في الدستور, فمن المهم أن تكون قضية لغتنا المجيدة ومستقبلها ودورها في خدمة الوطن علي مائدة البحث والدراسة بمشاركة علماء اللغة والمتخصصين وتكون كذلك من أهم القضايا التي تطرح للبحث إذا أردنا تعديلا في الدستور قبل أن تضيع وتندثر, وعلي الجميع أن يتذكروا النداء الذي وجهته منظمة اليونسكو في يونيو الماضي2102 من أن هناك لغات ستتعرض لخطر الاندثار خلال الأعوام الخمسين المقبلة وعلي رأسها اللغة العربية الفصحي إذا لم يتحرك أصحابها لنجدتها, ولذا فمن الواجب علي المتخصصين ان يرسموا لنا الطريق لنجدة اللغة العربية من براثن طغيان العامية المعاصرة التي تتطور يوما وراء يوم مع الأجيال الجديدة, وان يلزموا الدولة بجعل لغة التعامل في مدارسنا وجامعاتنا هي اللغة الفصحي وفي لغة الإعلام بكل أنواعه, وأن تلزم الوزارات المعنية بالتعليم بإعادة النظر في مناهج اللغة العربية بمدارسنا وتكليف أساتذة اللغة العربية بجامعاتنا المختلفة بوضع برامج ومناهج جديدة لتقريب اللغة من حس الاجيال الجديدة وان تستمر دراسة اللغة الأم إلي المراحل الجامعية في جميع تخصصاتها وليس في نطاق الكليات الفرعية التي تهتم بدراسة اللغة ككليات الآداب والتربية ودار العلوم وكليات جامعة الأزهر. د. بهاء حسب الله كلية الآداب جامعة حلوان