هي عبارة موجزة ومؤثرة تمس شغاف القلوب أطلقها صناع الفن اليدوي عبر تحقيقات الأهرام حيث قالوا الحكومة سايبانا نموت, ناس كتير أغلقت الورش وذهبت تبحث عن لقمة العيش في مهنة أخري. إنهم, حقا, أصحاب الأنامل الذهبية الذين يصارعون البقاء, ويرفعون الراية البيضاء نتيجة للركود والتراجع الواضح في الأنشطة السياحية والتي انعكست بصورة سلبية علي أنشطتهم التي يعمل بها ما يقرب من مليون شخص حتي إنهم بدأوا يهجرون مهنة ويتجهون الي مهنة أخري مثل قيادة التكاتك والميكروباصات وغيرها! والنتيجة الطبيعية لذلك هي اندثار مثل هذه الصناعات الفنية الدقيقة والتي تعتبر بمثابة ذاكرة الأمة وميراثها الحضاري عبر آلاف السنين.. ومعني ذلك أننا نستنسخ بصورة أخري ما أقدم عليه محمد علي عندما اعتلي سدة الحكم في مصر بأن أمر بإرسال معظم الحرفيين المهرة إلي الأستانة( تركيا) دون اعتبار لأهميتهم في المجتمع المصري.. صحيح أننا نعاني من مواضع سياسية واقتصادية غير جيدة إلي حد ما ولكنها, بالطبع, لن تدوم.. ولابد أن يتعافي الاقتصاد وتستقر الأحوال العامة في البلاد, ولذلك فإنني أتوجه بالنداء للوزراء المختصين بهذا الأمر خاصة وزير الثقافة للأخذ بيد هؤلاء الصناع, وتقديم أوجه الدعم المادي والمعنوي لهم حفاظا علي هذه المهن والحرف الدقيقة من أن تندثر بمرور الزمن, وأري أن الأمر يستلزم, أيضا, مساندة منظمة اليونسكو بصفتها المنظمة العالمية التي تعني بالآثار والحرف المتميزة مثلما فعلت معنا, من قبل, لإنقاذ معبد أبو سمبل من الغرق عندما تم الشروع في بناء السد العالي جنوبي أسوان.. إذن, فلسنا أقل من كثير من الدول التي ما تفتأ تسارع إلي تسجيل آثارها ومواقعها الأثرية وفنونها التراثية وأطعمتها القومية مهما تكن درجة أهميتها لدي تلك المنظمة حفاظا عليها واستمرارا لبقائها.. وللتدليل علي ذلك أورد فيما يلي بعض المواقع الطبيعية والثقافية التي أدرجت علي قائمة اليونسكو للعام الحالي(2013) وهي علي سبيل المثال.. بركان اتنا في إيطاليا وجبل فوجي باليابان وبحر الرمال في ناميبيا, ومصاطب الأرز في هونج كونج وموقع الوبارة الأثري في قطر. هذا عن التراث المادي, وهناك أيضا تراث غير مادي مثل مهرجانات الأناشيد والرقصات لبعض الدول مثل رقصة التانجو الأرجنتينية. ليس هذا فقط, بل تتجه بعض الدول لإدراج منتجاتها الغذائية التي تتميز بها علي قائمة التراث غير المادي باليونسكو وأوضح مثال لذلك الخبز الألماني الذي يعتبر جزءا من الهوية الألمانية.. وإذا كانت لدينا مواقع أثرية عديدة مدرجة بقائمة التراث باليونسكو فإن لدينا, أيضا, الكثير من التراث غير المادي يتعين إدراجه.. فلدينا في الفن رقصة التنورة والأراجوز كمثال.. وفي الأطعمة لدينا وجبات ذات شهرة عالمية مثل الكشري والملوخية والطعمية وغير ذلك كثير.. والخلاصة أن علينا واجب حماية الصناعات الدقيقة, والعمل علي إدراجها علي قائمة اليونسكو وبمساعدتها, إضافة إلي دعم مؤسساتنا الخيرية والاجتماعية للأخذ بيد أصحاب هذه الحرف والصناعات لإقالتهم من عثراتهم المؤقتة حتي لا يزداد طابور البطالة طولا إذا لم نقدم لهم العون والمدد. محمد فكري عبدالجليل