اعلن منير فخري عبد النور وزير التجارة والصناعة عن اتفاقه مع الدكتور هشام رامز محافظ البنك المركزي علي عقد اجتماع عاجل مع رؤساء البنوك التجارية العاملة بمصر. للاتفاق علي آليات محددة لتيسير حصول المستثمرين الصناعيين علي تمويل من الجهاز المصرفي والذي يعد من المشكلات الرئيسية التي تحد من النمو الصناعي في مصر. وقال ان الفترة المقبلة سوف تشهد زيادة في حجم التمويل المتاح للاستثمارات الخاصة في ظل الخطوات التي تتخذها الحكومة لتقليل مزاحمتها للقطاع الخاص علي التمويل المقدم من البنوك التي فضلت عادة اقراض الخزانة العامة لتمويل عجز موازنة الدولة وللاسف كان ذلك علي حساب نشاط القطاع الخاص. وكشف في حوار خاص لالأهرام عن عدة اجراءات ستتخذها الحكومة ممثلة في وزارة التجارة والصناعة لدفع معدل التنمية الصناعية, اهمها العمل علي وضع الضوابط البيئية لاستخدام الفحم والكوك والمخلفات الصلبة كوقود صناعي بما يسمح بفتح باب استيراد الفحم لاستخدامه كوقود بمصانع انتاج الاسمنت وهو ما سيوفر اكثر من450 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي يوميا تستهلكها مصانع الاسمنت, بحيث يعاد توزيعها علي الاستثمارات الجديدة بالقطاعات الصناعية الاخري...وفيما يلي نص حوار وزير التجارة والصناعة مع الاهرام. بداية كيف تري وضع الصناعة المصرية في الوقت الراهن؟ الصناعة المصرية تعاني من4 مشكلات رئيسية, وهي الانفلات الامني ونقص الطاقة والتمويل المصرفي وندرة الاراضي الصناعية المرفقة, ونتيجة لهذه المشكلات فان عددا كبيرا من المصانع لاتعمل بكامل طاقتها الانتاجية بل بنحو50 أو60% فقط من طاقتها, بجانب ان هناك بعض المصانع خاصة الصغيرة والمتوسطة متوقفة حاليا عن العمل. لكن كيف تري سبل علاج تلك المشكلات؟ واقع الحال ان علاج مشكلة الامن ليست في يد وزير الصناعة وانما هي مسئولية وزير الداخلية في المقام الاول, وامل في الفترة المقبلة ان نستعيد الاستقرار الامني بصورة كاملة, لكن هذا لا ينفي ان هناك تحسنا ملموسا في الوضع الامني وبصورة كبيرة, يكفي للدلالة علي ذلك ان مركز تحديث الصناعة اجري تحليلا3 مرات مختلفة لاسباب تعثر المصانع مرة في يناير2012 والمرة الثانية في ديسمبر2012 واخيرا في يوليو واغسطس2013, واظهر التحليل في اغسطس الماضي اختفاء المخاطر الامنية ولم تعد من اسباب هذا التعثر. لكن ما هي اذن اسباب تعثر المنشآت الصناعية؟ التحليل اظهر ان نحو84% من المصانع والمنشآت الصناعية المتعثرة ترجع لنقص في التمويل, والنسبة الاخري تعود لعاملين اما مشكلات فنية خاصة بالانتاج او بالتسويق ومشكلات عمالية او امنية والعوامل الاخيرة عمالية وامنية بدأت تستقر الان, وحاليا نعمل من خلال مركز تحديث الصناعة علي حل المشكلات الفنية والانتاجية لاعادة هذه المصانع للعمل مرة اخري. هذا يعود بنا للحديث عن المشكلات الثلاث الاخري التي تواجه الصناعة المصرية, فما الاجراءات التي تدرسونها للتغلب علي تلك المشكلات؟ هناك عدة اجراءات فمثلا اتفقت مع الدكتور هشام رامز محافظ البنك المركزي لعقد اجتماع عاجل مع رؤساء البنوك التجارية العاملة بمصر لبحث مشكلة المصانع المتعثرة بحيث نخرج من الاجتماع بآليات محددة لتيسير حصولها علي قروض لتعويمها بحيث تعامل المصانع المتعثرة من هذه البنوك بقدر من المرونة, كما ندرس من خلال مركز تحديث الصناعة وضع هذه المصانع حالة بحالة للوقوف علي افضل اسلوب لعلاج مشكلاتها, وسوف نساعد ايضا البنوك في اعداد دراسات فنية بجانب الدراسات المالية التي يجريها البنك. واود ان اؤكد هنا ان مركز تحديث الصناعة لديه كوادر وموارد بشرية مميزة للغاية ويمكنها تقديم الكثير لخدمة الصناعة المصرية ومن الظلم ان يتم تجاهله في الفترات السابقة. هذا جانب من الجهد الذي نقوم به, وهناك جانب اخر لعلاج مشكلة التمويل للصناعة ككل, حيث نعمل علي اعادة صياغة السياسة المالية والاقتصادية لمصر, بحيث نقلل مزاحمة الخزانة العامة للقطاع الخاص علي التمويل المصرفي, ففي الفترات السابقة فضلت البنوك اقراض الحكومة علي تمويل القطاع الخاص باعتبار الاستثمار في اذون وسندات الخزانة هو اقراض أمن ودون اي مخاطر وفي ذات الوقت الاستفادة من اسعار الفائدة التي كانت مرتفعة, الآن في ظل السياسة الاقتصادية الجديدة الوضع يتغير حيث تتجه الدولة للاعتماد علي آليات تمويل خارج الجهاز المصرفي مثل حزمة المساعدات العربية ايضا طرح سندات دولارية بالخارج, وبالتالي فان حجم التمويل الذي سيتاح للقطاع الخاص سيتزايد بصورة اكبر من الوضع السابق. ماذا عن مشكلات ندرة الاراضي الصناعية ونقص الطاقة؟ بالنسبة لنقص الطاقة فهناك اجراءات ندرسها حاليا حيث ندفع باقصي جهد للاسراع في موافقة وزارة البيئة علي استخدام الفحم والكوك والمخلفات الصلبة كوقود لمصانع الاسمنت, علما بان85% من مصانع الاسمنت بالدول الكبري تستخدم الفحم كوقود وفق ضوابط معينة لضمان عدم تلوث البيئة المحيطة سواء في المواني او اثناء النقل علي الطرق واخيرا عند الاستخدام في افران الحرق, واذا تحققت تلك الخطوة فان الاقتصاد المصري سيستفيد من اعادة توجيه450 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا تستهلكها مصانع الاسمنت الي المنشآت الصناعية الجديدة في القطاعات الاخري سواء مصانع الاسمدة او الحديد او البتروكيماويات او الزجاج او غيرها من صناعات اخري. وبالنسبة لندرة الاراضي الصناعية فاننا سنعلن قريبا عن طرح1692 قطعة ارض صناعية كاملة المرافق منها600 قطعة بالعاشر من رمضان انتهت هيئة الخدمات الحكومية من اعادة تقييم اسعارها, كما يجري حاليا اعادة تقييم1092 قطعة الاخري موزعة علي عدة مدن مثل6 اكتوبر والعبور والسادات. لكن هل هذا العدد يكفي لتلبية احتياجات المستثمرين من الاراضي الصناعية؟ بالتاكيد ليس كافيا ولكنها خطوة علي الطريق, ولا تنسوا ان هناك3 مليارات جنيه ضمن حزمة تنشيط الاقتصاد خصصت لترفيق المزيد من الاراضي الصناعية, ايضا فان وجود طلب كبير علي الاراضي الصناعية يشير الي وضع خاطئ في اسلوب توفير الاراضي الصناعية, فالدولة ليست تاجر اراض واذا كنا نريد تحقيق تنمية صناعية فيجب ان نوفر المزيد من الاراضي باسعار مناسبة للنشاط الصناعي وفي نفس الوقت بالمعدل المطلوب, وهذا يتطلب فك التشابك الحالي في اسلوب تخصيص الاراضي بحيث تتولي وزارة الصناعة ممثلة في هيئة التنمية الصناعية مهمة التخصيص علي مستوي الجمهورية بغض النظر عن تبعية الاراضي للمحافظات ام لوزارة الاسكان ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة, ففي النهاية الارض احد عوامل الانتاج وليست هدفا في حد ذاتها واذا كنا نريد تشجيع تطور الصناعات المصرية فيجب ان تعي ذلك الحكومة الحالية وايضا الحكومات المقبلة. لكن هل يمكن فصل السياسة عن الوضع الاقتصادي, بمعني ان الشارع المصري غاضب من الحكومة التركية ويطالب باجراءات ضد تركيا, كيف تري تأثير ذلك علي الاقتصاد؟ السياسة تفرض نفسها علي كل الملفات فنجد بصمتها علي الصناعة والتجارة وكافة مجالات الحياة, ولكن ليس معني ذلك ان يترك صانع السياسة نفسه تنساق وراء العواطف ولكن يجب ان يوازن الامور ويتخذ القرارات التي تحقق المصلحة العامة اولا واخيرا. كما ان علاقاتنا الاقتصادية لابد ان يحكمها مبدأ عام وهو اننا نريد علاقات جيدة مع جميع دول العالم وتجارة حرة ومنافسة عادلة لان هذا هو ما سينعكس علي الوضع الاقتصادي من خلال جذب الاستثمارات والتكنولوجيا الحديثة وزيادة الصادرات المصرية والاهم سلع وخدمات اكثر جودة. وبالنسبة لتركيا من السهل ان ننساق وراء رأي الشارع في مصر ونتخذ مواقف علي الصعيد الاقتصادي لا تحقق مصلحة مصر اولا واخيرا, فالمتابع لملف العلاقات التجارية بين مصر وتركيا يدرك حجم الطفرة التي شهدتها العلاقات خاصة بالنسبة للصادرات المصرية واذا حللنا الارقام جيدا سنجد انها في صالح مصر. ايضا لا بد ان نراعي حجم الاستثمارات التركية بمصر وحجم العمالة المصرية بها فهي تزيد علي52 الف عامل اي52 الف اسرة مصرية بخلاف عشرات الالاف من الاسر التي تكسب معاشها من العمل بالتجارة مع تركيا, هذه الاسر تحتم علي صانع القرار الا ينجرف وراء مشاعره, ثم اننا نتعامل مع موقف تركيا سياسيا وهذا هو الانسب في الوقت الراهن. هذا يأخذنا للحديث عن التوترات السياسية هل يمكن للاقتصاد ان يتجاهل هذه التوترات ويمضي قدما؟ يجب ان نواجه الحقائق بكل صراحة وجرأة فالاقتصاد لا يمكن ان يحقق نموا وتنمية حقيقية في غياب الامن والثقة في الدولة وفي القائمين علي ادارتها اي الحكومة, وفي الثقة في النظام القضائي وان المنازعات تسوي بالعدل, وهذا هو الحل لما نواجهه من منازعات سياسية ان نحكم القانون وان تسود دولة القانون والمخطئ ينال عقابه, ودعوني استعين بشعار حزب الوفد الحق فوق القوة. ايضا هناك حاجة للاهتمام اكثر ببعض الدول العربية مثل العراق التي برغم ظروفها الامنية الا انها يمكنها استقبال المزيد من الصادرات المصرية وفي مناطقها الثلاث خاصة كردستان التي تمتلك وضعا اقتصاديا متميزا بفضل ثروتها البترولية.