تواجه دول الربيع العربي( مصر وليبيا وتونس) خطرا متصاعدا علي أمنها واستقرارها ووحدة أراضيها يستوجب التنسيق فورا فيما بينها ومع جيرانها وعدم التردد في طلب المساعدة ممن لديهم الخبرة ووسائل التكنولوجيا اللازمة للتصدي للجماعات الإرهابية والمتطرفة ودعاة الانفصال. هذا الخطر استشعره البرلمان الانتقالي الليبي فبدأ مناقشة اقتراح بالاستعانة بقوات حفظ سلام أجنبية للمساعدة علي فرض الاستقرار والأمن ومنع تمزق الدولة. كما أغلقت تونس حدودها مع ليبيا والجزائر لمواجهة هجمات الجماعات المتطرفة في الوقت الذي تخوض فيه القوات المسلحة المصرية معركة شرسة لاستئصال عناصر التطرف والإرهاب في سيناء. زاد الوضع خطورة حث الارهابي مختار بلمختار أحد قيادات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي أتباعه علي محاربة المسئولين عن إسقاط ما وصفه بالحكم الإسلامي وقيامه بدمج كتائب الملثمين وحركة التوحيد والجهاد المتطرفتين في تنظيم واحد باسم المرابطون لشن هجمات انتقامية ضد أهداف في دول المغرب العربي والساحل الإفريقي تخص الدول التي شتت شملها في مالي وضد مصر انتقاما لاسقاط حكم الاخوان وتونس وليبيا اللتين يضيق فيهما الخناق حول رقبتي حركة النهضة وجماعة الإخوان. خطورة هذا التنظيم المتوقعة تنبع من خبرة وذكاء وجرأة مؤسسه بلمختار مخطط ومنفذ عملية مجمع غاز عين أميناس التي راح ضحيتها38 أجنبيا و22 جزائريا بجنوب الجزائر في يناير الماضي والهجوم علي منجم يورانيوم تديره شركة فرنسية بالنيجر خلال مايو.كما يسعي لضم فرع القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة أنصار الدين في مالي وجماعات متطرفة ناشطة في تونس,وجعل الدول العربية أحد أهدافه التي قال ان مجالها من النيل الي المحيط الأطلنطي.فاذا نجح في الدمج بين تلك الجماعات التي اغترفت من أسلحة نظام القذافي الكثير فإن الخطر يصبح ماثلا أكثر خاصة أن نظم الحكم في الدول الثلاث مازالت عاجزة عن السيطرة الكاملة علي حدودها الممتدة آلاف الكيلومترات. في مصر لا يأتي الخطر فقط من الشرق حيث تتصدي القوات المسلحة بقوة للإرهابيين والمتطرفين وانما أيضا من الغرب حيث الصحراء المترامية الأطراف والحدود التي يزيد طولها علي2000 كم مع ليبيا بما يسمح بتزايد إمكان تهريب الأسلحة والمتطرفين والارهابيين المصريين والأجانب, وكذلك من الجنوب عبر الحدود الطويلة مع السودان وسط شائعات عن سعي متطرفين للانفصال بالصعيد وضبط خرائط لتقسيم مصر الي أربع دول مع متهمين قالوا انهم حصلوا عليها من عناصر جهادية. ولو صح ذلك وتمكنت جماعات ارهابية ومتطرفة في دول مجاورة من التواصل معهم ونقل أسلحة اليهم لأصبح الموقف جد خطير. ولعل ضبط حرس الحدود166 متسللا مختلفي الجنسية عابرين بأسلحتهم من ليبيا مثال لذلك. أما في ليبيا فالوضع أسوأ وأخطر جدا في غياب الجيش والشرطة المنهارين منذ سقوط القذافي واستيلاء الميليشيات المسلحة علي مناطق نفوذ تحدت بها الحكومة الانتقالية ورفضت تسليم أسلحتها لدرجة أن بعضهم أوقف تصدير البترول واتصل بمستوردين لبيعه لحسابه. ويكاد لا يمر يوم دون اغتيال شخصية أمنية أوعسكرية أوقضائية أوتفجير مقر للشرطة أوالجيش أوالقضاء أو وزارة الخارجية فضلا عن اعلان اقليم برقه الذي يقبع فوق70% من احتياطي بترول الدولة الحكم الذاتي وتلاه اقليم فزان الجنوبي فأصبحت ليبيا مثل برميل بارود ينتظر مجرد اشتعال عود ثقاب.وفي غمرة انشغال الحكومة بكيفية مواجهة هذه الأوضاع أصبحت الجماعات الارهابية والمتطرفة تمرح بلا خوف في صحراء ليبيا الشاسعة قادرة علي النفاذ عبر الحدود الي مصر وتونسوالجزائر وتشاد والسودان. وفي تونس التي حظرت تنظيم أنصار الشريعة واعتبرته إرهابيا إثر هجمات تهدف لاقامة أول امارة اسلامية في شمال افريقيا علي ترابها يخوض الجيش معارك طاحنة في جبل الشعانبي علي الحدود مع الجزائر ضد متطرفين مدعومين من الخارج بينما الخلافات السياسية بين الحكومة بقيادة حركة النهضة الاسلامية والمعارضة العلمانية بلغت ذروتها وهددت بتكرار ما حدث للاخوان في مصر.وأوضحت احصائية أخيرا أن المتشددين الاسلاميين سيطروا علي20% من مساجد تونس ال5000 بما فيها مسجد الزيتونة التاريخي الذي لا يسمحون لأحد بدخوله أو المتحف الملحق به الا اذا نطق بالشهادتين! فماذا يخبئ القدر لشعوب أسقطت حكاما متسلطين لتفاجأ باسلاميين أكثر تسلطا؟. لمزيد من مقالات عطيه عيسوى