أخطر ما في دلالات المحاولة الخسيسة لاغتيال وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم, لا يقتصر علي جانب إشاعة الفزع والرعب في نفوس المصريين وسد آفاق المستقبل الواعد, وزعزعة الاستقرار الداخلي باستهداف المسئول الأول عن الأمن. بل في أن الإرهابيين الجبناء يسعون للسير علي خطي النموذج العراقي الدموي بالمسطرة. فالجناة يرون أنه لا يوجد أفضل من السيارات المفخخة الموضوعة في مناطق مكتظة بالسكان, لإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا, كوسيلة مضمونة النجاح لتمزيق المجتمع المصري وشق صفوفه المتراصة بإحكام وإفقاده اتزانه, بعد خروج الجموع الغفيرة في الثلاثين من يونيو في مظاهرات حضارية راقية, لخلع رئيس فقدوا الأمل والرجاء في صلاح حاله وحال جماعته التي قررت محاربة وطن بكامله. ويتغافل أرباب النموذج العراقي عن أن تقسيم بلاد الرافدين علي ركائز طائفية ومذهبية وعرقية أسهم كثيرا في توفير مساحات شاسعة صال وجال فيها المتطرفون تحت ستار مقاومة قوات الاحتلال الأمريكية, وأضيف إليها بؤس وسوء وارتباك سياسات واشنطن حيال هذا البلد. أما في الحالة المصرية فإن هذه الخصائص غير موجودة من الأساس, رغم ما بذله الإخوان ومن ناصرهم واقتفي آثارهم من جماعات التطرف والتشدد من جهد حثيث طوال الأشهر المنصرمة لإغراقنا فيها بإعلائها خطاب التكفير, وإثارة الفتن بين المسلمين والأقباط, والزعم بأن الإسلام مهدد في المحروسة مع سعي الليبراليين والقوميين لتغيير الهوية الإسلامية لمصر لتصبح علمانية, وهو كذب وافتراء صدقه بدون وعي وتدقيق كثيرون ممن يرتدون عباءة التيار الاسلامي. ولم يفطن رعاة الإرهاب الأسود الذين باعوا عقولهم وضمائرهم للشيطان إلي واقع أن المواطنين والشرطة والجيش يقفون في خندق واحد افتقدنا هذه الخاصية في حربنا ضد الإرهاب في التسعينيات , وأنه بصرف النظر عما سوف تشهده الأيام والأسابيع المقبلة من عمليات إرهابية دنيئة ستطال بعض رموز السلطة والأمن والإعلام, فإنها ستقوي من ترابط وتماسك الأضلاع الثلاثة, وأن الغلبة ستكون للمؤمنين بالوطنية المصرية, وأن اللعنة ستلاحق من استحلوا دماء بني وطنهم. لمزيد من مقالات محمد إبراهيم الدسوقي