هل تحولت الجامعة العربية إلي غطاء سياسي للقرارات الأمريكية؟ هل أصبحت الجامعة مسيسة لتنفيذ القرارات الأمريكية فيما يخص قضايا الدول العربية؟ لماذا لم تتخذ الدول العربية موقفا حاسما بشأن الأزمة السورية, كما فعل مجلس العموم البريطاني الذي رفض ضرب سوريا؟ لماذا لم يخرج اجتماع وزراء العرب بقرار يحمي سوريا الشقيقة من أي عدوان عليها, كما فعلت دول غير عربية مثل إيرانوروسيا والصين؟ والتي أعلنت بكل وضوح رفض توجيه ضربة عسكرية أمريكية ضد سوريا, ولماذا خرج الأمين العام الدكتور نبيل العربي ليعلن أن مجلس الأمن هو وحده الذي يقرر أسلوب الرد علي النظام السوري؟.. وإذا كانت الحرب أو العدوان المحتمل علي سوريا ليس ضد النظام فهي حرب علي سوريا.. وهل سوريا في طريقها للتقسيم والتشرذم؟ وهل هذه الضربة المحتملة لسوريا العربية لخدمة مشروع أمريكا المعروف بمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يهدف إلي تفكيك الأمة العربية؟ وماهي الدول العربية المرشحة للضربات الأمريكية بعد سوريا؟ أسئلة حزينة وموجعة ومؤلمة تخيم علي الحوار مع الدكتور نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية.. وإليكم الحوار:
يتساءل البعض لماذا لا يكون القرار بشأن الأزمة السورية من الجامعة العربية وليس من خارجها؟ رغم أن الجامعة العربية قامت علي ميثاق منذ مارس1945, أي قبل نشأة الأممالمتحدة التي قامت في أكتوبر1945, فإن الدول اتفقت علي أن كل الاتفاقيات الدولية يجب أن تخضع لميثاق الأممالمتحدة, وهذا الخط الذي نلتزم بالسير فيه, كما أن المعارضة السورية طالبت برفع الأمر لمجلس الأمن وذلك لرؤيتهم أن ميثاق الجامعة العربية لن يتمكن من اتخاذ إجراءات في القضية السورية. لذلك رفع الأمر لمجلس الأمن في22 يناير2012, فالالتجاء للأمم المتحدة ليس عجزا عربيا لأننا نعيش في ظل نظام دولة ولقد وصلنا في المرحلة الحالية لدرجة صعبة, والمشكلة تضخمت بسبب عدم تسوية القضية السورية في ظل استمرار الدمار والقتل والذي يشاهده الجميع, ولا يمكن لأحد أن ينكر أن النظام السوري هو الذي يقترف تلك الجرائم.. فاستخدام الطائرات وقذف المدنيين وإطلاق المدافع علي المدن والمدنيين مستمر من قبل النظام السوري ولا أحد يمكنه القول إن المعارضة السورية هي التي تفعل ذلك لأنها لا تملك مثل تلك الأسلحة. ما هو شكل التدخل الذي تتصوره من قبل مجلس الأمن لسوريا ومن شأنه أن يحل القضية؟ تدخل مجلس الأمن له وسائل كثيرة جدا, فهناك ثلاث مواد بميثاق الأممالمتحدة توضح ذلك, فإحداها تنص علي اتخاذ إجراءات تحفظية ووقتية والأخري باستخدام كل شيء ولكن بأقل من استخدام القوة العسكرية, كقطع الاتصالات اللاسلكية أو المقاطعة الاقتصادية, والثالثة تنص علي الالتجاء للقوة العسكرية نفسها وهذه هي الشرعية الدولية التي لا يستطيع أحد الاعتراض عليها. فسر البعض تصريحات وبيانات الجامعة العربية التي أصدرت أخيرا وطالبت مجلس الأمن بالتدخل واتخاذ إجراءات رادعة بسوريا دون أن تحدد تلك البيانات ماهي تلك الإجراءات بأن ذلك ماهو إلا تغطية سياسية من قبل الجامعة العربية للتدخل العسكري الأمريكي بسوريا, فما ردك علي ذلك؟ الجامعة العربية تحاسب علي ما صدر من قرارات منها, فلاشك أن هناك دولا كانت تريد إجراءات أكثر من ذلك, وهناك من رأت ضرورة اتخاذ إجراءات أقل, ولكن من وافق علي ذلك البيان هم18 دولة من21 دولة, وكان مضمون البيان مطالبة الأممالمتحدة والشرعية الدولية والمجتمع الدولي التي تمثله الأممالمتحدة باتخاذ الإجراءات المطلوبة لوقف الوضع الحالي, واستخدام الأسلحة الكيماوية بسوريا علي أن يكون ذلك وفقا لميثاق الأممالمتحدة وقواعد القانون الدولي, ولذا لا أحد يستطيع أن يفسر ذلك بأنه موافقة علي قيام دولة بضرب سوريا. وما موقفك من القرار الأمريكي بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا دون أن تنتظر تقرير لجنة المفتشين حيال استخدام الأسلحة الكيماوية ودون الرجوع لمجلس الأمن؟ لابد أن نتحدث أولا عن لجنة التفتيش فالتفويض الذي خرج من مجلس الأمن يحدد للمفتشين أن يبحثوا في أمرين: أولا إذا كانت الأسلحة الكيماوية استخدمت بالفعل من عدمه, وثانيا ما نوع تلك الأسلحة, ولذا فلجنة التفتيش لن تذكر المسئول عن ضرب أسلحة الكيماوي بسوريا أما عن ضربة أمريكية دون موافقة مجلس الأمن فلا نوافق عليها. لكن ما تعليقك علي الموقف الروسي من قضية استخدام الأسلحة الكيماوية التي تنفيها عن النظام السوري وتسانده وتلوح باستخدام الفيتو بمجلس الأمن لأي قرار من شأنه التدخل في الشأن الروسي؟ الموقف الروسي هو موقف مؤيد للنظام السوري الذي يقتل السوريين ولنا أن نتساءل هل ما حدث في سوريا يتفق مع ما حدث في مصر وتونس أو ليبيا أم لا؟! الشعب السوري مكبوت ويطالب بحقوقه في الديمقراطية والحرية والكرامة الإنسانية والحكم الرشيد ولذا أري أن الوضع السوري يمثل حلقة من حلقات الربيع العربي وروسيا ضد ذلك الأمر وتعارضه, فمن الناحية الأخلاقية والسياسية أن المعارضة والتي اعترفت فيها كل الدول العربية بأنها الممثل للشعب السوري وبناء علي ذلك تم تجميد عضوية ومشاركة سورية في اجتماعات المجلس, كما أن جميع وسائل الإعلام منذ خمسة أشهر تطالب المجتمع الدولي بالتدخل لوقف المذابح بسوريا, ولكن بمجرد اتخاذ الأممالمتحدة قرارا بأنها ستقوم بذلك الإجراء, انقلبت الصورة, وأصبحت العملية كلها كأن الولاياتالمتحدةالأمريكية ضد الشعب السوري. وفي حالة حدوث تلك الضربة من قبل أمريكا ألا تعتبر ذلك تنفيذ للمخطط الأمريكي واستكمالا لمشروع الشرق الأوسط الكبير؟ لا أعترف بالمخططات والمؤامرات بل وضد فكرة المؤامرات من الأساس, ولكنها مجرد فكرة لدي أشخاص يشعرون بنقص في داخلهم ويرون أن المجتمع الخارجي سيقسمنا وهذا ما أعترف به, فلقد حدث تقسيم مرة واحدة عام1916 في اتفاقية سايكس بيكو, في ظروف استعمارية, ولكن موقفنا الحالي مختلف تماما. المشهد الحالي وضرب سوريا يعود بنا للمشهد العراقي المأساوي وتفتيتها وضياع بنيتها الأساسية وجيشها واقتصادها؟ من الوارد جدا.. ولكنه ليس التقسيم لها, فالمشهد الحالي بسوريا شبيه بليبيا فوزير خارجية ليبيا السفير محمد عبدالعزيز, ذكر بكل وضوح أنه لو لم تحدث مساعدة خارجية للشعب الليبي والثوار والذين كانوا يسعون لإسقاط النظام الليبي الفاسد لكان قتل ما يقرب من80 ألف ليبي, خصوصا أن القذافي كان قد أعلن أنه يريد إبادة المعارضة في بني غازي, فيجب عدم تقييم العملية بسوريا علي أنها أبيض أو أسود رغم أني أعترف بأنها معقدة, لكن الواضح لنات أنه لو حدثت ضربة خارج نطاق مجلس الأمن سنعتبرها خارج الشرعية والجامعة العربية لن تتفق معها إطلاقا. ولكن ألا تري أن التدخل الأمريكي بسوريا سيفتتها كما فعل بالعراق؟ قضية تفتيت العراق التي ذكرتيها هي مشكلة موجودة منذ زمن بعيد هناك, أما بالنسبة للشأن السوري فمازلت لا أعلم طبيعة الضربة العسكرية الموجهة لسوريا ورغم رفضي لها, فإن ما سمعته أخيرا من لجنة الشئون الخارجية أنها ستكون ضربة محدودة ولا تهدف لتغيير النظام مثل التي وجهت للعراق من قبل, وهنا الفرق, ونريد أن نذكر أن العراق نظامها ارتكب جرائم كبري لم تحدث من الحرب العالمية الثانية. لكننا نتحدث علي الهجوم الأمريكي علي العراق بعد خروجه من الكويت؟ ولكن كان نفس النظام الذي ارتكب تلك الجريمة الكبري ورغم ذلك لم تشارك ولا دولة عربية في الضرب. صرحت من قبل بأن جامعة الدول العربية سعت منذ عامين للحل السياسي بسوريا فما هو ذلك الحل من وجهة نظركم؟ وهل مازالت هناك فرص للعمل السياسي؟ أري أن مثل هذه الأزمة تعجل بالحل السياسي ومازالت هناك فرص للعمل به. لحل السياسي الذي اتفق عليه كانت ملامحه بالبيان الصادر في30 يونيو2012 وأهم ملامحه كانت عبارة عن أمرين هما بدء مرحلة انتقالية والتي تؤدي إلي تشكيل حكومة ذات صلاحيات كاملة لتتمكن من السيطرة علي الجيش والشرطة والأمن علي أن يتم الاتفاق بين المعارضة والحكومة بسوريا لتحقيق ذلك. هناك آراء ومخاوف تتردد بأن العراق ضربت ويتوجهون لسوريا الآن والدور القادم علي مصر ألا تخشي من حدوث ذلك بالفعل؟ هذا أمر لا أخشاه.. ومن يرددون تلك الأقاويل لا يفهمون حقائق الأمور, فمصر تختلف تماما لأنها دولة مركزية بالعالم, فالملك مينا وحدها ولا يقوي أحد علي أن يفرقها, وتلك الهواجس ناتجة من عقد نفسية لدي بعض الأشخاص, والذين يشعرون أن في إمكان أي دولة بالعالم أن تكرر ما حدث بالعراق أو سوريا بمصر, وهذا أمر خاطئ, فحقيقي أني تابعت تقارير عن الولاياتالمتحدةالأمريكية أنها تري مهادنة الإسلام السياسي دون الدخول في معارك معها بعد دخولها العراق وأفغانستان فضلا عن معاناتها من مشكلات مالية. ولكن أمريكا سعت من خلال دعمها للإسلام السياسي أن تنفذ خططها بأن تجعله يحارب في بلاده بديلا عنها لتوفير مالها وجنودها؟! علي كل حال فلقد ثبت للولايات المتحدةالأمريكية ونصيراتها من الدول أن الشعب المصري بعد خروجه من25 يناير و30 يونيو, بأنه شعب بجميع طوائفه وبالأعداد الغفيرة والحشود غير المسبوقة في العالم بأنه ضد ذلك التيار ويرفض سياسته في الحكم, لذا فالولاياتالمتحدةالأمريكية راجعت وجهات نظرها مرة أخري, وعلمت أنه كان من الخطأ منها تصور نجاح مثل تلك السياسات, وبرغم ذلك فإني أري أنه لا داعي إطلاقا أن يتصرف الشعب المصري بعقدة نفسية, وأن في إمكان أي أحد أن يغيره, فلن يستطيع أي أحد فعل ذلك وستظل مصر ثابتة كما هي. ما تعليقك علي الانتقادات التي توجه للجامعة بأنها صارت تتعامل علي أنها جزء من الخارجية القطرية وتنفذ الإملاءات الأمريكية والإسرائيلية عليها؟ هذا كله كلام خطأ, بالنسبة للحديث عن قطر ففي مرحلة معينة كانت نشيطة جدا وتضع اقتراحات أمام مجلس وزراء الخارجية العرب ويوافق عليها المجلس كله وليس الأمانة العامة التي قد تقبل أو ترفض, فليس للأمانة حق التصويت, ومن لهم حق التصويت هم وزراء الخارجية العرب, ولقد كان يوافق علي تلك الاقتراحات, بما يقرب من17:18 من وزراء الخارجية العرب بالمجلس, لكن بعد التغييرات التي حدثت لقطر أخيرا لم تعد تفعل ذلك. من يقود حملة معينة الآن الممكة العربية السعودية لشعورها بأنه يجب أن تنتهي بشاعة العمليات التي تتم في سوريا, وأن الشعب السوري محتل من إيران وحزب الله حاليا, لذلك طالبت بالتدخل العسكري. هل تعتقد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية حريصة علي ضرب سوريا من أجل الشرعية وحماية الشعب السوري, أم من أجل الحفاظ علي مصالح حليفتها الأولي إسرائيل؟ أولا إسرائيل سعيدة بنظام الأسد, فهذا النظام تقول إسرائيل عنه إنه يحميها, وإن الحدود الإسرائيلية مع سوريا ليس بها أدني مشكلات في ظل ذلك النظام, فالنظام البعثي بسوريا لم يطلق رصاصة ولم يتخذ أي إجراء عسكري في سبيل جلاء إسرائيل من الجولان المحتلة, فمصر بذلت جهودا واستمرت المقاومة لديها قبل1973 في حرب الاستنزاف لجلاء القوات الإسرائيلية عن أراضيها, وبالفعل تم ذلك بعد1973 ومن خلال المفاوضات مع إسرائيل, والأردن تفاهمت وانسحبت إسرائيل من أراضيها في معاهدة السلام. لكن السوريين هاجموا مصر هجوما بشعا بعد فض الاشتباك المصري مع إسرائيل, ثم بعدها بثلاثة أشهر هرعوا لفض الاشتباك عام1974, فهناك تناقضات شديدة في النظام السوري, لذا لايجب أن ندخل إسرائيل في المعادلة السورية لأنها سعيدة جدا بهذا النظام. أما عن الولاياتالمتحدةالأمريكية فهذا موضوع آخر, حيث إنها كانت عازفة عن الدخول في القضية السورية علي الإطلاق, ونحن كدول عربية كنا نطالب المجتمع الدولي بالتدخل لوقف العمليات البشعة والعذاب الذي يعانيه الشعب السوري لمدة عامين, ونتج عن ذلك اجتماع للمجتمع الدولي بجينيف الذي وصل إلي ضرورة تغيير الوضع الحالي في سوريا. ماذا تتوقع من اجتماع جنيف المقبل؟ أرجو ولا أتوقع أن تحرك الأحداث الجارية اجتماع جينيف, وأتوقع من اللقاء المرتقب بين بوتين وأوباما أن تكون لديهم مصالح للتهدئة, خاصة أن رئيس الوزراء البريطاني ذكر أنه لديه أفكار لحل سياسي. إذن لا تزال تري أن هناك أملا للوصول لحل سياسي للأزمة السورية؟ دائما لا نفقد الأمل ونتمني إيجاد حل سياسي للأزمة دون اللجوء للاستخدام العسكري. هل هناك معوقات لدي جامعة الدول العربية تمنعها من أداء دورها في حل الصراعات الموجودة بالدول العربية؟ بالفعل هناك معوقات أمام الجامعة, وهذا ما ذكرته في اجتماع مجلس الوزراء في سبتمبر2011, وطالبت بإنشاء لجنة لهذا الموضوع, فميثاق جامعة الدول العربية كتب في أغسطس وسبتمبر1944, وبالتالي النموذج الذي كان يرمي لتحقيقه هو نموذج عصبة الأمم التي لا تملك آليات أو وسيلة لاتخاذ القرارات, حيث لم تكن الأممالمتحدة قد أنشئت بالفعل لذا فالأممالمتحدة تعتبر الجيل الثاني من المنظمات الدولية, أما جامعة الدول العربية فهي الجيل الأول, ولكن الأمر تطور وأقامت دول أوروبية جيلا ثالثا ورابعا من تلك المنظمات, وكذلك الأمر تطور بالاتحاد الإفريقي وأصبح يملك آليات كثيرة عن الجامعة, ولذا نحن نطالب بتطوير وتغييرات في الجامعة. ولذلك تقدمنا بتقرير أعدته اللجنة المستقلة التي اجتمعت ووافقت عليه منذ خمسة أشهر وهناك لجنة مشكلة حاليا للاعداد لهذا التغيير المرتقب. ما هي تلك الآليات التي تحتاجها جامعة الدول العربية؟ نحتاج بسرعة في اتخاذ القرار بإيجاد وسائل تمكننا من إرسال وفود للدول التي توجد بها مشاكل دون الأنتظار للموافقة أو الرفض من تلك الدول للسماح لنا بالدخول بها للتدخل لحل تلك المشاكل, كما نطالب بإنشاء محكمة حقوق إنسان للتحقيق بالمخالفات الفظيعة التي تحدث في دول عربية كثيرة, بحيث يمكن الالتجاء لتلك المحكمة, وهذا كله نتوقع المضي به بعد اجتماع القمة المقبل في مارس المقبل بالكويت, فما يعنينا هو السعي لرفع مستوي الجامعة من الجيل الأول للمنظمات الدولية إلي الجيل الثالث, وذلك يحتاج لموافقة الدول العربية لتعديل ميثاق الجامعة بعد توقيع الدول عليه. في حالة ضرب سوريا الا تتوقع وجود قلاقل كبيرة بالمنطقة ودخول دول أخري للصراع مثل إيران وغيرها؟ هل تريدين القول إن إيران لم تتدخل في الحرب بسوريا حتي الآن؟!! فهناك تقارير كثيرة جدا تفيد بأن الحرس الجمهوري الإيراني وحزب الله والتي اخترقت الحدود السورية موجودون ويحاربون بالفعل داخل سوريا. ولكن ألا تري أن المنطقة من الممكن أن تشتعل أكثر؟ من الممكن جدا أن تشتعل المنطقة بعد ضرب سوريا وهذا أكبر تخوف لدينا وما نحاول تفاديه من خلال مساعينا ومباحثاتنا من أجله, فلو أن أمريكا وحلفاءها ضربوا سوريا وحاول النظام السوري الانتقام بطريقة معينة فستشتعل المنطقة وتندلع حرب وهذه مصيبة كبيرة جدا. صرحت من قبل بأن حل الأزمة في يد روسيا وأمريكا, فماذا كنت تعني من ذلك؟ أري أن القتال الدائر في سوريا رفع الأمر من نطاق السوريين أنفسهم ومن النطاق الإقليمي إلي أن وصل الأمر لمستوي الدولتين الأعظم بالعالم وأصبح صورة جديدة من الحرب الباردة والتي اعتقدنا أنها انتهت منذ عهد فترة. ما ملامح الحرب الباردة في هذا القرن من وجهة نظرك؟ الحرب الباردة في ذلك القرن هي الحفاظ علي المصالح للدول الكبري. ولكن هل الدول الكبري تحافظ علي مصالحها ومن يدفع الثمن هو الدول الصغري وشعوبها؟ هذا أمر طبيعي, فنحن لا نعيش بالمدينة الفاضلة, والواقع يقول إن الأقوي من يتمكن من استخدام أشياء كثيرة. في الشأن المصري, في الفترة الأخيرة كانت هناك ضغوط شديدة عليها في ظل أزمة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وكذلك الاتحاد الأوروبي فما انطباعك علي تلك الأزمة؟ ما أريد توضيحه بالنسبة للشأن المصري ما يحدث فيها هو أزمة داخلية وليست خارجية وستحل داخليا, فلم تؤثر الضغوط التي ذكرتيها في توجيه مصر نحو مسار معين غير الذي تخططه لنفسها وما يحدث أن الأمور تهدأ كل يوم عن الذي سبقه, ولذا لا أري داعيا لأي خوف. ألا يخيفك الدعم الأمريكي للجماعات الإسلامية والإرهابية؟ يخيفني طبعا ولكن ليس بالصورة التي يتصورها البعض فالإرهاب سيقضي عليه وهذا يحدث في الوقت الراهن. المنطقة العربية كان بها ثلاثة جيوش قوية سوريا والعراق ومصر وانتهي الجيشان السوري والعراقي ولم يتبق سوي الجيش المصري تري أن ذلك شيء مؤلم؟ شيء مؤلم جدا, ولكن من المتسبب فيه هو السياسة الخرقاء لنظام صدام حسين وكذلك النظام الحالي بسوريا, ولذلك فالنتيجة سيئة جدا وهذا تحقيق لمقولة عن بن جورون إن قوة إسرائيل ليست في ترسانتها.. بل قوتها في تفتيت مصر والعراق وسوريا. ألا يمكن تفعيل فكرة اقتراح لتكوين جيش عربي مشابه لجيش حلف الناتو؟ من هي الدول التي تريد عمل ذلك!! لكن مطلوب تعاون أكثر بعد أن يسود الاستقرار والهدوء بالمنطقة فالمسألة ليست قوة جيوش, بل قوة الدول العربية في إيجاد أنظمة تحكم حكما رشيدا. فالجيوش كانت موجودة في ظل اتفاقية الدفاع المشترك ولكن كانت تهدف لمواجهة إسرائيل, واليوم مصر والاردن أخذتا أراضيهما, ولو كان هناك نظام آخر بسوريا ستأخذ هي الأخري أراضيها فالمشكلة كانت تتمثل في فلسطين وأعتقد أننا نسير الآن بطريقة مختلفة لأن الدول العربية درست ذلك الموضوع علي مدي عام ونصف ووصلت لقرار ينهي النزاع بين إسرائيل ولا نستمر فيما يسمي بإدارة النزاع وبأن كل الدول جميعها متفقون علي إنهاء النزاع. كيف سينتهي هذا النزاع؟ المباحثات التي تتم تحت إشراف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري والتي تسعي لإقامة دولتين متجاورتين في الإطار الذي اتفق عليه من الفلسطينيين سنة1993, ففلسطين كانت مائة بالمائة دولة وأصبحت وفقا لقرار التقسيم44% منها دولة فلسطين والباقي لإسرائيل. وقيل بعد ذلك من خلال الفلسطينيين أن تكون دولتهم22% من المساحة ولا نسأل عن هذا, وبالتالي المطلوب حاليا هو تحرير22% من الأراضي الفلسطينية التاريخية. هل يمكن أن نصل لحل في ذلك الإطار وتسمح إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية؟ الاتجاه في الادارة الحالية اعتقد أنه اتجاه نثق به بالوقت الراهن والذي يؤكد أن ذلك الاتفاق سيفعل في خلال ستة أو تسعة أشهر, والأيام المقبلة ستظهر لنا مدي حقيقة ذلك. إلي متي ستظل القوة دائما فوق العدل؟ هذا يحتاج لكرة سحرية لتفسيره, ولكن نتوقع حدوث ذلك بوجود الحكم الرشيد والالتزام بالقواعد القانونية التي يتفق عليها البشر, فنحن لا نعيش في المدينة الفاضلة فهناك أوضاع معينة لا تتغير بسهولة.