مع انطلاق ثورة'30 يونيو' عنونت ال بي بي سي الأحداث المصرية' الأزمة في مصر!! بما يسهل قراءته أن السبب في الأزمة- أيا كانت محلية أو عربية أو إقليمية- هي' مصر', ودون قصد أو بقصد إبان العنوان ما حدث لاحقا وحتي اللحظة الآنية. المتابع- لساعات محدودة- لشاشة البي بي سي سوف يكتشف بسهولة إلي أين تسير الشاشة, بدءا من البرومو الذي يظهر' دبابة في وجه ثوار', مرورا بالعنوان' الأزمة في مصر', ثم محاور ومرتكزات النشرات, والبرامج التحليلية الإخبارية وتغطيتها لإحداث ثورة30 يونيو من زاوية' مظاهرات مؤيدة للرئيس.. وأخري معارضة'..!! البرنامج السينمائي الوحيد علي الشاشة' سينما بديلة', يعرض أفلاما روائية وتسجيلية قصيرة إنتاج العام الحالي- كما هو واجب- عرض في حلقة ماضية فيلم' مولود25 يناير' الذي أنتج منذ عامين أو أكثر, والذي يوثق فقط لتفاصيل المواجهة العنيفة بين' الشرطة والثوار', وتم اذاعتة من قبل علي شاشة إخبارية عربية منافسة منذ عام وأكثر. ها هي' البي بي سي' تعيد عرضة مرة أخري مخالفة قواعدها, في أشارات واضحة الدلالة للسير عكس الإحداث في الشارع التي تخطت25 يناير إلي30 يونيو حيث ثورة شعب قام بما هو أعظم تغيبت وغابت عنه' البي بي سي'. فيما كانت نشرات الأخبار علي رأس كل ساعة الثلاثاء20 أغسطس تذيع تقريرا مع زوجة قتيل اخواني لضحايا فض الاعتصام, كانت الأحداث تسبقها في ذات اليوم إلي جريمة أغضبت وأفزعت الشارع المصري قتل فيها25 جنديا في رفح مغمضي الأعين ومقيدون من الخلف في وضع أعاد إلي الذهن الجمعي المصري صورة الأسري في إسرائيل إبان حرب67, وهي صور كافية الدلالة لان تلتقط- أية قناة لترصد كيف يمكن أن يغضب الشارع المصري ؟, وماذا سيفعل بغضبة هذا ؟, وماذا سيشاهد بناءا علي هذا الغضب, إلا أن' ال بي بي سي' في حالة إهدار لقيم المشاهدة بدت عاجزة أسيرة لمالكها مطوقة بمصالح الإخوان متجاهلة الشعب المصري والذي يعد الرقم الصعب في المعادلة السياسية في وقتنا الراهن. وفي حلقة برنامج' نقطة حوار' الثلاثاء20-8 كان سؤالها الرئيسي: كيف تواجه الحكومة الانتقادات الدولية ؟, طوال الحلقة يمرر المذيعون قذائف وشتائم للجيش من جانب مشاركين عرب في القضايا المصرية!, وفيما العنوان نخبويا ويستدعي خبراء ومتخصصين إلا أن ثقافة الشارع تسيطر علي المحتوي ونتائج حواراته' فماهي علاقة آراء الشارع في قضية كهذه ؟! ولأن البرنامج يعتمد علي الاتصالات الخارجية فعادة ما يتربص به' مناديب الإخوان' المنتشرون والمكلفون بالشاشات, وخصوصا الأجنبي منها, فتبدو القناة وهي تستدعي الشارع في غير محله وتتجاهله في تفاصيل أخري كاشفة ودالة علي مجريات الأحداث المستقبلية. في حلقة الأربعاء21 أغسطس من برنامج' نقطة حوار' كان الضيفان' إخوان', أحدهما من القاهرة والآخر من المقيمين في استوديو بي بي سي لمناقشة سؤال الحلقة' مستقبل جماعة الأخوان', وفي مداخلة ذكية رفض مشاهد سؤال الحلقة واعتبرة خاطئا من البداية, وما التقطة رجل الشارع غاب أو غيب عن فريق العمل الذي تجاهل تقريرا نشر في' الواشنطن بوست' بنفس عنوان حلقة البي بي سي, وفي نفس اليوم أقرت فيه ما تغيبه القناة, وهو أن الجماعة الاخوانية تواجه موجة' شعبية' عدائية هي الاعنف في تاريخها, في حين لم تطرح ال بي بي سي عشرات الاسئلة الأخري المهمة, وظل ضيفاها' الاخوانيان' يرددان ما يشاءان كخبراء استراتيجيين في كل الشؤون' الاقتصادية والسياسية والدينية والاجتماعية وحتي العسكرية', مستغلين حالة طاقم الإعداد الذي بدا أنه يفتقد ابسط وسائل العمل المهني وهو تجهيز' بروفايل' خاص ومحترف لكل ضيف.. تلا البرنامج السابق' نشرة السادسة' التي أذاعت تقريرا حول' لجوء قنوات مصرية لمخاطبة الجمهور الغربي'استضافت للتعليق عليه متحدث باسم' الحرية والعدالة' طارق مرسي!, وهو الذي ليس لوجوده ولا تعليقة أدني علاقة بفكرة التقرير, وكان الأمر كما هو متعارف يتطلب آراء هذه القنوات وإعلاميين للتعليق علي الموضوع, إلا الشاشة التي لا تفارق انحيازها, وبدت وكأنها تقود حملة' لأخونة' الماء والهواء..العالمي! ' نحن نتعرض للهجوم في اقبح صورة', عبارة صرخت بهاالمذيعة المصرية الوحيدة علي شاشة ال بي بي سي' رشا قنديل' في رد فعل متوتر لا علاقة له بمضمون الحلقة وهي تشير للمرة الثانية علي ما تواجهه ال بي بي سي من هجوم بسبب هذا الانحياز ويجيء السؤال هنا مالذي يحدث عندكم؟, أنتم اصحاب ال75 عاما من الخبرة والمهنية!! لماذا تبدون هكذا؟! التقيت' أكرم شعبان' مدير مكتب ال بي بي سي بمصر, و'طارق كفالة' المدير الجديد لخدمة بي بي سي العربية, سألت الأول' أكرم شعبان': انتم تعانون في قراءتكم للأحداث المتسارعة في مصر, وتبدو المعاناة واضحة علي الشاشة ويسهل للمتابع التقاطها؟ في ال بي بي سي أعمدة وقواعد ولوائح رئيسية منذ بداية نشأتها, استمرت وسوف تستمر, ومنها الحيادية والموضوعية والثقة والاحترام, وهذا معناه العمل في أجواء مهنية ولا أحد ينكر أن قنوات كبري منافسة لنا خرجت من رحم البي بي سي, ونؤكد أننا ووفقا لقواعدنا في العمل غير منحازين في تغطيتنا المصرية وليس صحيحا أننا نهتم بالإخوان علي حساب الطرف الآخر. ليس هذا فقط الاتهام' الموثق', لكن الأدهي أن هناك فشلا حتي في هذا الانحياز؟ نحن نبث72 ساعة من المنتج الإعلامي اليوميعبر وسائط ثلاثة' راديو وتليفزيون وانترنت', ووارد هنا الخطأ البشري, ولكن دعني أؤكد لك أننا حريصون علي الرأي والرأي الآخر, واتاحة الفرصة أمام تنوع وجهات النظر, بل وحريصون علي تحليل الخبر وشرحة لجمهورنا بدون تدخل. أليس لديك أي' فيد باك' عن أن جمهورا شابا وجديدا شارك في صنع ما يحدث علي أرض الواقع, وهو جمهور عريض ويشاهد فقط من يتفاعل مع قضيتة؟ المقولة القديمة أن' الخبر لا يعد خبرا إلا بعد إذاعتة في البي بي سي' سنظل نحافظ عليها, ونحن نحرص أن نصل بالخبر إلي المشاهد, ولا نقوم بتوجية الخبر للميل تجاة كفة أو اتجاة معين, فصياغة الأخبار وتحريرها تعتمد قواعد صارمة, كما نتمسك بالبعد الانساني للخبر, بمعني أننا قد لا نسارع في كشف كل التفاصيل لعدم إرباك المشاهد أضف إلي ذلك: أن تسارع الأحداث في مصر فعلا فوق طاقة الجميع, واحتواء كل التفاصيل أمر يصعب علي الجميع, فضلا عن طبيعة الصراع الدائر الآن. وسألت الثاني' طارق كفالة' مدير خدمة بي بي سي العربية: بدوتم كمتعالين علي ثورة30 يونيو, وهو أمر أضر بزاوية الرؤية, ألست معي في أن قواعد ولوائح البي بي سي تحتاج إلي تصحح من مسارها تجاة جمهور يفهم جيدا في' صنعة الشاشة'ويغير من قواعد المشاهدة بحكم امتلاكة للحدث ؟؟ نحن لسنا متعالين, بل نحن منفتحون ومضطرون لشرح سياساتنا ونتقبل كل الملحوظات ونراجع أنفسنا وندير جلسات دائمة للنقد الذاتي, ولدينا من المرونة ما يجعلنا نعترف باخطائنا, ولدينا بالفعل برامج أعدت خصيصا للتعامل مع الجهور الجديد, ونحن المؤسسة الوحيدة التي تضع رئيس تحرير لمواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بها, وهذا يظهر اهتمامنا بالمتغيرات التي أفرزتها الأحداث, وندرك أن هناك جمهور جديد يغيرويتفاعل ويؤثر, ودائما ما نقول أن هناك الكثير مما يجب عمله, وأقول إن طبيعة البي بي سي كمنظمة تقليدية ومحافظة أن التغيير فيها يحتاج الي وقت, فنحن مؤسسة عتيقة. ولكن السؤال الباحث في المستقبل يغيب عن' برامج إخبارية رئيسية ومهمة' نقطة حوار- حديث الساعة', فيما البي بي سي تجري وراء الاحداث بشكل بطيء؟ السؤال الأهم الذي يعد عنوان الحلقة في' نقطة حوار' أو' حديث الساعة' يتم بحثة جيدا من فريق العمل, والذي يتجاوز أحيانا10 أفراد, وهناك العديد من جلسات التشريح قبل الحلقة وبعدها, وهذه برامج لاعلاقة لها بالخبر اليومي, وهي تناقش تداعيات الأحداث ولكن معك الحق في ضرورة أن تبحث هذه البرامج في المستقبل. لقد جئت خصيصا من لندن, الا يرتبط الأمر بمساعدات لرؤية الأمور علي أرض الوقع بعيدا عن الاخطاء المتكررة والتي أغضبت إعلاميين وشارعا ومتخصصين ؟؟ الاحداث في مصر متسارعة جدا والتعامل معها يحتاج الي المتابعة ولكن نحن لدينا صحفيون من كل الدول العربية تقريبا, ونحرص دائما علي تدريبهم وحثهم علي الالتزام المهني وتقديم الأجود, رغم أن الأحداث في مصر لا تعطي فرصة ولا تتيح لاحد التقاط الانفاس. بعد مامضي, ما الذي أضر ب' البي البي سي' بعد كل هذا, هم ويردون بأنه لا شيء قد حدث, وماتزال لديهم قواعد للمراجعات والنقد الذاتي والتطوير والتدريب وغيرها, بحسب تعبيرهم. إلا أن الخبير الإعلامي' ياسر عبد العزيز' يتفق معي وغيري من الجمهور والمراقبين فيما سبق, ويري أن' البي بي سي بخدماتها المختلفة أحبطت جمهورها, وقدمت أداءا مثيرا لدهشة المهنيين والمتخصصين, وإذا راجعت البي بي سي' دليل الارشادات' التحريرية الذي تعتمده وتطبقة علي مجريات الأحداث في مصر لادركت أنها تخلت عن كثير من القواعد التي اعلنت تبنيها والالتزام بها. باختصار يؤكد' عبد العزيز' أنها أهدرت الكثير من القيم التي نادت بها لعقود.