بعد الاحداث الارهابية الاخيرة كان لابد للسياحة أن تتأثر, فهذا القطاع الذي يمثل عصب الاقتصاد الوطني شديد الحساسية اذ كيف يأتي الينا السياح في ظل الأحداث الاخيرة ومع تحذيرات الدول الغربية لمواطنيها بعدم زيارة مصر. الخبراء يؤكدون ان السياحة سوف تتجاوز ازمتها قريبا فور عودة الهدوء والاستقرار لكن القضية تتطلب حزمة سريعة من الاجراءات. في البداية يؤكد الدكتور رشاد عبده( الخبير الاقتصادي): ان دخل مصر من السياحه قبل25 يناير2011 كان128 مليار دولار سنويا مما يعني ان الخزانة العامة للدولة كان يدخلها يوميا40 مليون دولار, لكن السياحة انخفضت نسبيا بعد25 يناير ثم حدث تدهور شديد مع ارتفاع اصوات تحرم السياحه وتدعو لتحطيم الاثار مما كان له مردوده في الخارج ومع غياب الامن وعدم الاستقرار السياسي تفاقمت الازمة بصورة خطيرة. وهكذا تراجعت نسب الاشغال الفندقي بمعدلات غير مسبوقة وخسرنا دخلا كبيرا كان يدعم مواردنا ومصدرا للعملة الصعبة في ظل احتياطي اجنبي يتآكل ثم جاءت الاحداث الأخيرة لتقضي علي البقية الباقية من السياحة التي تمثل حجر الزاوية للاقتصاد المصري. الموقف الآن صعب للغاية وخطير فقطاع السياحة يعمل به بشكل مباشر نحو مليون ونصف المليون مواطن وبشكل غير مباشر ثلاثة ملايين مواطن ولو كل واحد من هؤلاء يعول اسرة مكونة من ثلاثة افراد فهذا يعني انه يوجد عشرون مليون مصري يعيشون علي دخل السياحة والآن فقدوا مورد رزقهم. هناك40% من السكان فقدوا لقمة العيش بسبب الارهاب. هذا في حد ذاته يشكل عبئا علي الدولة وهي معذورة, واستطيع القول ان الاخوان نجحوا في الهدم بعدما فشلوا في البناء وهم في الحكم, ومازالوا يحاولون تركيع مصر و تجويع شعبها لكن هذا لن يحدث. وبرغم كل هذا والكلام مازال للدكتور رشاد عبده: الأمل موجود ان يحدث الاستقرار وتتعافي السياحة وتعود لسابق عهدها قبل ثورة يناير, وعلي الجميع ان يعمل علي نهضة هذه الصناعة لانها بالفعل صناعة متكاملة تعد قاطرة للتنمية لانها متداخلة مع قطاعات عديدة, فبناء فندق يضمن تشغيل40 صناعة, وتنشيط السياحة يضمن رواج الطيران والنقل الداخلي والفنادق والمطاعم والبازارات وغيرها اي تشغيل مجتمع بأكمله وهذه ميزة السياحة انها ليست مجرد مورد للعملة الصعبة مثل تحويلات المصريين في الخارج او دخل القناة بل هي مورد حيوي مستمر متدفق واعتقد اننا بحاجة لجهود مضاعفة في المرحلة الحالية والقادمة من اجل عودة هذا القطاع. 5 مليارات خسائر شهر كان الدكتور الهامي الزيات رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية قد أكد في تصريحات صحفية ان خسارة قطاع السياحة في شهر يوليو وحده5 مليارات جنيه ما يعادل720 مليون دولار نتيجة تراجع حجوزات الفنادق والمطاعم السياحية التي انخفضت لاكثر من النصف لتراجع الحركة السياحية الوافدة الي مصر بنحو37% طوال الشهر الماضي اذ لم تتجاوز نسبة اشغالات غالبية الفنادق15% خاصة في الاقصر واسوان وذلك نتيجة تحذيرات الدول الأجنبية لرعاياها بعدم زيارة مصر بسبب الاوضاع الداخلية المشتعلة. وفي ظل احداث العنف الاخيرة تواصل الغاء الحجوزات لرحلات سياحية ولا يمكن القول ان جهود وزارة الخارجية او المكاتب السياحية في الخارج يمكن ان تأتي ثمارها في ظل هذا المناخ الملتهب والعنف الذي يستهدف هدم الوطن. هشام خلف( مدير عام فندق بالغردقة) يقول: ان منحني السياحة في النازل مما دفع شركات كثيرة لخفض أسعار البيع في محاولة لجذب عدد اكبر من السياح لكن تدني الأسعار يأتي بفئة من السياح ليست لديها قوة شرائية ولا تفيد السياحة ولا تؤدي الي انعاشها لان هذا السائح يأتي وفي جيبه مبلغ صغير للطواريء, وللأسف بعد الاحداث الاخيرة لن يستطيع السائح الموجود في مصر الخروج من الفندق والتجول في المدينة والدول الاجنبية تنصح رعاياها بذلك. المشكلة ان تخفيض الاسعار بنوعية متدنية من السياح مما ساهم في تفاقم الازمة وليس علاجها ويكفي ان نسبة الاشغال في الغردقة الآن وبعد الاحداث الاخيرة في الحدود الدنيا. يري محمد نظمي( صاحب شركة سياحة) ان السياحة مرتبطة بالامن والاستقرار وطالما ان هذا غير متوافر ستظل السياحة تعاني, ولذلك ففي الفترة السابقة علي الاعتصامات الاخيرة كانت نسبة السياحة القادمة35% ويضيف: لم نخفض اسعارنا فنحن نتعامل مع سائح يريد ان يزور مصر وآثارها بمحض ارادته حتي لو حذرته دولته علي عدم الزيارة لكن هناك فنادق تضطر لخفض اسعارها لكي تستطيع تغطية مصاريفها وتعويض خسائرها والوفاء بالتزاماتها وبرغم كل ما يحدث لدي شعور بالأمل في عودة الاستقرار والامن وبالتالي تعافي السياحة وفي رأيي مصر ليست بحاجة للترويج لنفسها قدر احتياجها للاستقرار ونقل هذه الصورة للخارج, انا كشركة كنت استقبل قبل25 يناير2011 أفواجا سياحية الفوج الواحد مكون من عدد كبير من السياح, في الفترة الاخيرة انخفض هذا العدد بنسبة كبيرة و برغم التدني الكبير في الدخل فانني ارفض الاستغناء عن عمالة او خفض اجورها لان هذه بيوت مفتوحة لا اقبل انسانيا ان اكون سببا في اغلاقها علي امل ان تتحسن الاوضاع قريبا ونعوض هذه الخسائر. يقول علي الأصفر رئيس الادارة المركزية لآثار الوجه القبلي: من المعروف ان السياحة مرتبطة بالمزارات الاثرية ونهوض السياحة يرفع رقم زوار المناطق الاثرية وبالتالي الدخل الذي تحققه هذه الزيارات وقد كنا حتي عام2010 نحقق التمويل الذاتي لنا كقطاع اثار ونوفر مرتبات العاملين والحوافز من ايرادات الزيارات السياحية للمتاحف والمناطق الاثرية علي مستوي الجمهورية وكانت هناك في نفس الوقت توسعات اثرية وانشاء متاحف جديدة. منطقة الهرم وحدها كان يزورها سبعة الاف سائح يوميا بخلاف منطقة القلعة والمتحف المصري انخفضت هذه الاعداد بعد الاحداث السياسية التي أعقبت ثورة25 يناير بنسبة70% وبالطبع زاد التدهور في الايام الاخيرة. نتج عن هذا الوضع اننا خسرنا الايرادات التي كنا نحققها واصبحنا عالة علي ميزانية الدولة نحصل منها علي مرتبات50 ألف عامل في قطاع الاثار بخلاف16 ألف عامل جديد تم تثبيتهم بعد25 يناير2011. محمد عبدالعزيز مرشد سياحي باحدي الشركات يقول نحن50 مرشدا نعمل في شركة سياحية وكانت الشركة تتعاقد مع افواج سياحية الفوج الواحد مكون من1500 سائح, بعد الاضطرابات الاخيرة اصبح يأتي الينا20 سائحا في الشهر وهذا يعني ان العمل يوزع علينا بالدور وقد اجلس في البيت في انتظار شغل لمدة خمسة اشهر وبالطبع الدخل مرتبط بالشغل اي انني طوال هذه الاشهر لا احصل علي دخل وانفق من مدخرات سابقة وكثير من زملائي باعوا بعض أملاكهم لكي يستطيعوا الانفاق علي اولادهم. واخيرا يؤكد الخبراء ان ازمة السياحة تتطلب حزمة اجراءات عاجلة اهمها استعادة الاستقرار السياسي والامني وتنظيم حملات دعاية وتقديم عروض مغرية واخيرا وليس آخرا احساس العالم بان الحياة في مصر تعود الي طبيعتها.