السياسة هي فن الممكن, وفي اللغة رعاية شئون الدولة داخليا وخارجيا, وعند خبراء العلوم السياسية: هي السلطة التي تحدد من يحصل علي ماذا, وساس يسوس فهو سائس أو سياسي! والسياسي هو الذي يتحكم بعقلانية ومرونة في صنع القرار, فإذا غابت العقلانية والمرونة لم يعد سياسيا وإنما أي شيء آخر, والتوازن ضروري لنجاح أي قرار سياسي, وهذا يتطلب حساب الأرباح والخسائر, وأن يكون الهدف مصلحة الأغلبية وليس الأقلية. والقرار الناجح محصلة معلومات دقيقة وتخطيط ولابد أن يتبعه مساءلة ومحاسبة ومراجعة, فإذا اختل أحد هذه العناصر أو كلها, اختلت صناعة القرار, وحدثت نتائج مخيبة للآمال, وربما كوارث لايمكن معالجتها, وربما ينتهي الأمر بانهيار. في الدول الديمقراطية لا سياسة بلا دستور وقانون, فإذا غاب الاثنان تأثرت صناعة القرار بالمصالح والضغوط الخارجية, وظهرت مراكز القوي وجماعات المصالح, وأيضا مافيا المال والأعمال. أما في الديكتاتوريات فالسياسة أوامر وقواعد ينبغي احترامها, فإذا لم تحظ بالطاعة الواجبة تم فرضها بالقوة, فالمهم هو السمع والطاعة, وتحقيق الأهداف في أسرع وقت ومهما يكن الثمن. السياسة فن وعلم, وتدريب وترويض وإدارة, وهي محصلة تفاعلات اجتماعية, وظروف اقتصادية واجتماعية وثقافية, وفي المجتمعات المغيبة ذهنيا تصبح ملهاة أو مأساة, وقد تقود أصحابها إلي الحكم أو السجن, ومن دون علوم سياسية تتحول السياسة إلي مسرح كبير. وصدق برناردشو: السياسة لاتفسد الرجال, وإنما الأغبياء إذا وضعوا في السياسة فإنهم يفسدونها, وهذه مشكلة كل السياسيين الهواة, وهي مشكلتنا طوال عهود كثيرة, وأيضا مشكلة معظم دول العالم الثالث. بصراحة لايمكن إدارة أي مجتمع إلا بالسياسة بمعني: ساس يسوس فهو سائس أو سياسي, لكن المهم هو البراعة في صنع القرار واستهداف الصالح العام. لمزيد من مقالات عبد العزيز محمود