رغم تعهد المسئولين بالقضاء علي السوق السوداء للأسمدة, وضخ كميات كبيرة منها, فإن هذا لم يحدث علي أرض الواقع في محافظة بني سويف. يقول عماد نادي (مزارع): الفلاح مش عارف يلاقيها منين ولا منين؟, مشيرا إلي ارتفاع أسعار البذور والمبيدات عاما بعد عام, وارتفاع أسعار العمالة وندرتها, وارتفاع أسعار الأسمدة أكثر من الضعف, حيث وصل سعر الشيكارة لأكثر من 300 جنيه في السوق السوداء, بعد اختفائه تماما من الجمعيات.. كل ذلك في مقابل انخفاض أسعار المحاصيل. وأوضح جابر محمد إسماعيل (مزارع) أن الجمعيات الزراعية لا توفر الأسمدة بصفة دائمة للمزارعين, وأنهم يحصلون علي الحصص المخصصة لهم منها بطلوع الروح, مشيرا إلي أنه يحاول الحصول علي حصته من الأسمدة منذ خمسة أيام دون جدوي, بسبب الزحام الكبير من المزارعين, خوفا من نفاد الكمية دون الحصول علي حصصهم, وهو ما حدث خلال الأعوام الماضية علي حد قوله. وأكد شكري فتح الباب( مزارع) أن الجمعيات الزراعية من المفترض أن توفر الأسمدة لجميع المزارعين, ولمختلف المحاصيل بسعر معقول, ولكن هذا لا يحدث علي أرض الواقع, وإذا تم توفير كمية من الأسمدة في بعض الأحيان تكون أقل من نصف الكمية المطلوبة, لذا نلجأ إلي الشراء من القطاع الخاص لتغطية النقص, وهو ما أدي إلي ارتفاع أسعار الأسمدة حتي وصل سعر الشيكارة إلي ضعف سعرها في الجمعيات الزراعية, بالإضافة إلي تسريب كميات كبيرة من الأسمدة التي تصل للجمعيات الزراعية إلي كبار المزارعين, وتجار الأسمدة وأراضي الاستصلاح التي تضاعفت مساحتها في السنوات الماضية دون أن تقابل بزيادة في الكمية الواردة من الأسمدة إلي الجمعيات الزراعية. ويوضح محمد فريد (مهندس زراعي) أن الأسمدة الأزوتية هي بديل عن السماد البلدي المكون من مخلفات الحيوانات, وهو أفضل أنواع الأسمدة وأقلها ضررا علي الإنسان, مشيرا إلي أن الأسمدة الأزروتية نوعان 33% و46%, وهي ضرورية ومهمة للزراعة, فبدونها سينخفض إنتاج المحاصيل بشكل كبير جدا, كما أن كمية الأسمدة التي يحتاجها الفدان خلال العام تختلف من محصول إلي آخر, ففي حين يحتاج محصول الذرة 6 شكائر زنة 50 كيلوجراما, تحتاج حدائق الفاكهة إلي 12 شيكارة أسمدة خلال العام, إلا أن الكميات التي تأتي, سواء لبنوك التنمية أو الجمعيات الزراعية والتعاونية المسئولة عن توزيع الأسمدة للفلاحين لا تكفي, فلجأت بعض الجمعيات الزراعية إلي توزيع 5 أكياس أسمدة وزن 50 كيلوجراما لكل فدان بحد أقصي 10 أكياس لأي مساحة أكثر من فدانين, لتركيز التوزيع علي صغار المزارعين, بعد قيام عدد كبير من مالكي الأراضي الزراعية ومؤجريها لصغار المزارعين بالحصول علي الحصص الخاصة بهم وبيعها بالسوق السوداء, مشيرا إلي أن الأزمة ترجع لقلة المعروض من الأسمدة, وزراعة مساحات كبيرة من الذرة. ويضيف عاطف يونس (مزارع): لقد أصبح الفلاح منا يواجه معاناة كبيرة بداية من زراعة المحصول حتي حصاده, وأصبحت الزراعة نقمة علي الفلاح, فمثلا فدان الذرة يحتاج من 3 إلي 4 أجولة سماد, ولا تقوم الجمعيات الزراعية إلا بصرف جوالين لكل فلاح, ونضطر لشراء الجوالين الآخرين من السوق السوداء بإجمالي 600 جنيه, بالإضافة إلي 400 جنيه سعر جوالين من سماد الجمعية, فيصبح بند الكيماوي فقط 1000 جنيه علي عاتق الفلاح, أضف إليهما 6000 جنيه ثمن إيجار فدان الأرض ومتطلبات الزراعة والحرث, فيصبح الإجمالي نحو 7 آلاف جنيه, ليجني الفلاح بعدها 15 أردب ذرة ليبيعها للتاجر الذي لا يريد أن يلتزم بأي تسعيرة ب200 جنيه للأردب, فيخسر الفلاح وتزيد ديونه وفقره واحتياجه عاما بعد عام ليموت بالبطيء. وحذر جميع مزارعي بني سويف من ثورة الفلاح الذي لم يقم بإضراب ولا تظاهر, ولم يتم النظر إليه من قبل المسئولين كالمدرس والطبيب, وهددوا بترك الفلاحة والبحث عن أعمال أخري يقتاتون منها بعد مطاردة شبح الخسارة والفقر والسجن لهم. وقد أكد مصدر مسئول بمديرية الزراعة ببني سويف أن أزمة الأسمدة الحالية ترجع إلي عدة أسباب, أهمها عدم وجود مخزون من الموسم الشتوي الذي كان يقدر بواقع 50% من حجم استهلاك الموسم الصيفي, نتيجة للظروف التي تمر بها البلاد منذ قيام الثورة من فراغ أمني, وتوقف المصانع عن الإنتاج, وعجز الكمية المرسلة لمختلف المحافظات خلال شهري مايو ويونيو. بالإضافة إلي قيام المزارعين بتسميد الأرض بكمية أكبر مما تحتاجه لزيادة الإنتاج, مع زراعة أكثر من محصول داخل الأرض الواحدة, وهو ما يؤدي إلي تسميد الأرض أكثر من مرة, بالإضافة إلي أن كمية الأسمدة تصرف طبقا لنوع المحاصيل الزراعية حسب وحدات الآزوت المطلوبة لمختلف المحاصيل, وطبقا للقرار الوزاري الصادر من وزير الزراعة, مؤكدا أنه تختص لجنة بكل جمعية زراعية مكونة من عضو مجلس إدارة الجمعية, ومسئول التعاون والمخازن والمتابعة بتوزيع الأسمدة علي حائزي الأراضي لضمان وصول الأسمدة لمستحقيها.