كم من الجرائم ارتكبت باسم اللجان الشعبية!!.. من هنا قررت وزارة الداخلية منع تشكيل هذه اللجان, وطالبت بترك مهمة حفظ الأمن لها, حيث يستغلها البعض في ارتكاب وقائع تخالف القانون, وتناشد الوزارة المواطنين الالتزام بمواعيد حظر التجوال حتي يتسني للقوات المعنية القيام بمهامها المقررة .صحيح أن كثيرا من اللجان التي شكلها بعض المواطنين أمام منازلهم أو أمام الكنائس والمرافق والمنشآت العامة قد نجحت في صد اللصوص والبلطجية, وتسليمهم للجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة معهم وفقا للقانون.. ولكن وسط هذه اللجان, ظهرت لجان شعبية أخري, في مناطق عديدة, والتي شكلها بعض البلطجية, بهدف سرقة السيارات المارة بالإكراه, والسطو علي أموالهم, وترويعهم بمختلف أنواع الأسلحة, بدءا من الشوم والسلاح الأبيض, وانتهاء بالأسلحة الآلية. مخالفات بالجملة وقبل يومين, أثارت اللجان الشعبية حالة من الذعر والقلق بين عدد كبير من المواطنين والأهالي, من قاطني منطقة نصر الدين, والطالبية, وشارع العشرين, والطوابق, بالهرم وفيصل بالجيزة, حيث ضمت تلك اللجان عناصر من البلطجية التي قامت بتفتيش المارة وسرقتهم بالإكراه تحت تهديد السلاح, مستغلين قرار فرض حظر التجوال من السابعة مساء وحتي السادسة من صباح اليوم التالي.. وقد تزامنت اللجان الشعبية المشبوهة بالهرم وفيصل والدائري, مع عمليات نهب وسلب منظمة علي بعض البنوك, ومكاتب البريد, والفنادق, والمحال التجارية الكبري بالقاهرة والجيزة. مخالفة القانون هنا تثني الدكتورة فادية أبو شهبة أستاذ القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية, علي بعض اللجان الشعبية في داخل الشوارع, ودورها في تأمين المساكن, والتصدي للخارجين علي القانون, ومواجهة التحرش بالإناث, وحماية المنشآت, ومنع وقوع الجريمة, وتأمين المحال خاصة الأحياء المظلمة التي قد تكون هدفا لحدوث الجرائم, مؤكدة أن مثل هذه اللجان لا تشكل ظاهرة, لأن من سمات أي ظاهرة الاستمرارية, واتساع الحجم.. ولكن, بالرغم من الدور الذي لعبته بعض هذه اللجان الشعبية في حفظ الأمن, إلا أن الكمائن الشعبية التي يقيمها البعض في الطرق العامة والرئيسية, قد شابها الكثير من المخالفات, أن بعضها قد يضم بعض البلطجية والمسجلين خطرا, كما حدث في بعض المناطق بالهرم وفيصل, والدائري, وما ارتبط بها من جرائم, كفرض إتاوات علي المواطنين, وتنفيذ جرائم السرقة بالإكراه, ومن ثم فإن مثل هذه الكمائن إن وجدت, لابد من تبعيتها لأجهزة تتبع الشرطة أو القوات المسلحة, ومع ذلك من الممكن إقامة لجان شعبية في كل شارع من البوابين, وأصحاب المنازل, والسكان, بحيث يكون هؤلاء معروفين لدي سكان هذه الشوارع, لكن ما اثير عن كمين علي الدائري فهو يفتح المجال لعمليات النصب والاحتيال التي يمكن أن يمارسها البلطجية والخارجون علي القانون, ولا مانع لدي- من مساعدة الناس للشرطة, ولا أرفض وجود لجان شعبية بالتنسيق مع قسم الشرطة, وبوجود فرد من الشرطة في كل لجنة شعبية, حاملين بادجات و شارات من الشرطة, والجهات المسئولة أو بالتنسيق مع الحي. أسباب الجريمة وفي كل الأحوال لابد من توعية المواطنين بضرورة الإبلاغ عن أي محاولة للسطو أو ابتزاز المواطنين في الشارع من اللجان الشعبية, التي يحمل بعضها الأسلحة البيضاء والآلية في مواجهة مواطنين عزل لا يجدون أمامهم مفرا من الانصياع لهؤلاء البلطجية تحت تهديد السلاح, محذرة من ارتفاع نسبة عودة المسجلين خطر إلي الجريمة والبلطجة مرة أخري, إلي ما يزيد علي55% من إجمالي المسجلين البالغ عددهم رسميا92 ألفا و680 شخصا خطيرا علي المجتمع, وذلك وفقا للبيانات الصادرة عن الأمن العام بوزارة الداخلية بشأن حركة الأنشطة الإجرامية بجميع مديريات الأمن بمختلف المحافظات, خلال السنوات العشر الماضية, بخلاف غير المسجلين في الأوراق الرسمية, مؤكدة في الوقت ذاته أن أسبابا اقتصادية واجتماعية وثقافية ونفسية وراء العودة إلي الجريمة, ومنها تراخي إجراءات الضبط الجنائي, وضغط الظروف الاقتصادية وعدم وجود مصدر للدخل, وتنامي الثقافة الإجرامية المكتسبة داخل السجن, وغياب التأهيل الاجتماعي والنفسي والثقافي والمهني الجاد, وأسلوب المعاملة الخشنة التي يواجهها المسجل في السجن, كما أن معظم انحرافات الشباب ترجع إلي الفراغ النفسي الذي يشعرون به, إلي جانب أن الشعور بالظلم, وانعدام العدالة, واليأس والقلق, وضعف الثقة في رجال الأمن, وراء سلوك طريق الانحراف والجريمة الذي ينتهي بتسجيل الشخص في كشوف الخطيرين علي الأمن العام, الأمر الذي يستلزم مواجهة خطر سوء الأوضاع الاجتماعية, وإعادة النظر في الدور التربوي للأسرة والمدرسة لتكوين الشخصية الاجتماعية السليمة, و الاهتمام بالسكن باعتباره عامل توازن في السلوك الإنساني, بالإضافة إلي ضرورة التوزيع العادل للثروة الوطنية, ومحاربة البطالة, وإيجاد فرص للعمل أمام القادرين, والاهتمام بالتدريب المهني لصغار السن, لتقليل احتمالات التردي إلي الإجرام. الدولة والأمن المستشار محمد إبراهيم خليل نائب رئيس محكمة النقض سابقا, يري أن فكرة إقامة لجان شعبية هي فكرة خاطئة, تسمح باندساس البلطجية والخارجين علي القانون, وممارسة سلطات وصلاحيات ليسوا مخولين قانونا بها, ولا بد من قواعد أساسية لضبطها, وفرز الصالح من الطالح من أعضائها, وهذه مسألة ليست سهلة, ومن ثم يجب ترك مهمة حفظ الأمن وتأمين المواطنين لأجهزة الدولة المخولة بتطبيق القانون علي المخالفين, بما لديها من أدواتها تمكنها من حفظ الأمن, وبسط سيطرتها, مؤكدا أن نحو نسبة كبيرة من أعضاء اللجان الشعبية المزعومة, خاصة الموجودين علي الطرق السريعة, والشوارع والميادين الرئيسية البعيدة عن الكثافة السكانية هم بلطجية مهمتهم ترويع الناس وسرقتهم بالإكراه. وعلي ذلك,- والكلام مازال لنائب رئيس محكمة النقض السابق- يجب التصدي بكل حزم لمثل هذه اللجان, كما يجب عدم التصريح بإقامتها, وإن كان لابد منها لمساعدة الشرطة, فمن الممكن أن يتم إنشاؤها بواسطة كتائب شرطية, تضم أعضاء ورجال جهاز الشرطة, وتحت إشرافهم, ويمكن أن يشارك معهم بعض المواطنين متفرغين لتلك المهمة, ويحصلون علي مرتبات للقيام بهذه المهمة, وعلي الدولة في هذه الحالة أن تحدد مكان عمله, ومواعيد عمله, وتراقبه, ومتابعة أدائه حتي لا ينحرف عن مهمته المقررة له وفقا للقانون وتحت الرقابة المباشرة من الشرطة, حتي لا تسير البلاد في حالة من الفوضي باسم اللجان الشعبية وحفظ الامن, ومساعدة الشرطة في إقراره. اللجان التطوعية في حين يؤيد اللواء أحمد الفولي الخبير الأمني ومساعد وزير الداخلية الأسبق للحراسات الخاصة- فكرة اللجان الشعبية, ويؤكد أنها مطلوبة في مثل هذه الظروف التي تواجهها البلاد من عمليات إرهاب, وفوضي أمنية, وظهور تشكيلات عصابية, مستغلة تلك الظروف لتنفيذ جرائمها, ومع ذلك لابد من تقنين عمل مثل هذه اللجان الشعبية من خلال الاستعانة بضباط الشرطة المتقاعدين حديثا, وقد عرضنا رغبتنا للمساعدة في تشكيل هذه اللجان, بما لدينا من خبرة أمنية, للعمل كمتطوعين, غير راغبين في مرتب, ولا باحثين عن مصلحة شخصية, وقد عرضنا الأمر علي السيد وزير الداخلية ولم نتلق ردا حتي الآن, بالرغم من الاستعداد الكامل الذي أبداه زملاؤنا المتقاعدون للمشاركة في مثل هذه اللجان, ومساعدة جهاز الشرطة في تلك المهمة, في هذه الظروف العصيبة, التي تتصدي فيها مصر, لمقاومة الإرهاب والعنف في الشارع المصري, خاصة بعد أن قام الرئيس المعزول محمد مرسي بتفريغ جهاز الشرطة من خبراته, وقياداته, وبعد أن قام بتفريغ جهاز مباحث أمن الدولة من خبراته, وقام بحله, وأقام مكانه جهاز الأمن الوطني, لتقويض قدرة الجهاز, والحد من الدور المهم الذي كان يقوم به في ملاحقة العناصر الإرهابية والمتطرفة. وبشكل عام, فإن الآليات موجودة ومتوافرة لكنها تحتاج إلي تنظيم, وقد تم تطبيق فكرة اللجان الشعبية خلال ثورة يناير, عقب هروب الآلاف من المسجونين والمسجلين خطرا, حيث شارك المواطنون من أبناء المناطق باختلاف وظائفهم وتخصصاتهم, ويمكن استعادة هذا الدور تحت إشراف عناصر خبيرة من الداخلية والقوات المسلحة المتقاعدين, خاصة بعد ما تكشف أخيرا عن قيام بعض اللجان الشعبية بقطع الطرق, وابتزاز الناس وسرقتهم الإكراه تحت تهديد السلاح.