مصر مستقرة وديمقراطية ومزدهرة تعد رصيدا كبيرا للاتحاد الأفريقي بهذه الكلمات اختتم ألفا كوناري رئيس مالي السابق ورئيس وفد لجنة حكماء الإفريقية زيارته لمصر واصفا ما حدث بأنه ثورة شعبية وليس انقلابا عسكريا علق بسببه عضوية مصر في الاتحاد الإفريقي بالرغم من قيامها بوضع لبناته الأولي ودعمها لمعظم أعضائه واحتضان حركاتهم التحررية عقب ثورة يوليو1952 لتفاجأ برد الجميل لها بقيامه بتجميد مشاركاتها في جميع أنشطته ضاربا بعرض الحائط لوائحه الرئيسية التي تنص علي عدم تعليق عضوية أي دولة دون إثبات حقيقة ما حدث بها وهو الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول المغزي الحقيقي من وراء الإصرار علي التوصيف الخاطئ لما حدث في مصر. اللافت للانتباه انه تم تعليق عضوية مصر استنادا لحالات الانقلاب العسكرية التي يتولي علي إثرها العسكريون الحكم وهو مالا ينطبق علي الحالة المضرية فالمتأمل للوضع يري انه كان من الممكن استساغة هذا التعليق عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير حيث تولي المجلس العسكري مقاليد الأمور أكثر من عام ونصف العام وتم تعطيل دستور1971, مما يعزز الشكوك في انتهاز بعض الأطراف هذه الفرصة لتحقيق مطالب تصب في مصالحها مباشرة حيث ينتج عن تعليق العضوية حرمان الدولة المعلق عضويتها من حضور جلسات الاجتماعات الخاصة بالاتحاد وأجهزته المختلفة, ومن ثم تمنع من التصويت علي القرارات التي يصدرها الاتحاد بالاضافة إلي عدم إلقاء الكلمات مما يعني إمكانية إصدار قرارات ضد الدولة التي علقت عضويتها, دون اعطائها الحق في عرض وجهة نظرها بخصوص القرارات الصادرة ضدها, كل هذا في ذلك التوقيت يصب بشكل مباشر في مصلحة أثيوبيا فيما يخص سد النهضة محاولة الاستفادة من قرار الاتحاد الأفريقي وقد ظهر هذا جليا في عدم التزام الأخيرة بنتائج المفاوضات التي أجرها وزير الخارجية المصري السابق في أخر زيارة له لأديس أبابا مع نظيره الإثيوبي حيث أعلن الأخير استمرار بلاده في إجراء مفاوضات مباشرة مع مصر إلا أن الواقع علي الأرض يناقض ذلك فقد تواردت أنباء عن نية أثيوبيا إقامة سد أخر علي النيل الأزرق مما يشكل انتهاكا صارخا لمبادئ القانون الدولي, وعلاوة علي ذلك تصريحات السفير الأثيوبي في تركيا واصفا ما حدث بأنه انقلاب عسكري. أن الاتحاد الأفريقي لن يقف صامتا تجاه ذلك مدافعا عن النظام السابق والذي لم يكن لديه أي سياسة رادعة لوقف بناء سد الذي تقوم به بلاده. وقد جاء رد الفعل المصري رافضا لهذا القرار وما كان علي السفير السابق محمد كامل عمرو إلا اتصاله برئيسة المفوضية الإفريقية لإبدائه استياءه من القرار بتقديم شرح واف لحقيقة الأحداث في مصر وأن تحرك القوات المسلحة لا يمكن وصفه مطلقا بالانقلاب العسكري وإنما جاء استجابة لمطالب مشروعة من جموع الشعب المصري التي خرجت بالملايين وتم بالتشاور مع القوي السياسية المختلفة والرموز الدينية, وجاء لمنع وقوع كارثة بين أبناء الوطن في ظل حالة الاستقطاب العميقة القائمة وحقيقة أن القوات المسلحة ليس لها دور سياسي خلال المرحلة الانتقالية مقترحا إمكانية إيفاد بعثة من الإتحاد الإفريقي لمصر للوقوف علي حقيقة الأوضاع وبالفعل تم إيفاد بعثة من كبار الشخصيات البارزة للقاهرة في مهمة تقتصر علي جمع المعلومات وتفقد الأوضاع بشكل أوسع وأدق علي ارض الواقع دون التدخل أو الوساطة في عملية المصالحة الوطنية خاصة وان مصر لا تمتلك حتي الآن أداة إعلامية موجهة لكافة الدول الإفريقية لنقل حقيقة ما يحدث فضلا عن شرح مواقف وسياسات مصر تجاه مختلف القضايا ويكون بعيدا عن عدسات الإعلام المغرض. إلا انه يمكن القول بالرغم من إقرار ألفا كوناري رئيس مالي السابق رئيس وفد اللجنة الإفريقية بأن ما حدث في مصر ثورة شعبية وليس انقلابا عسكريا وذلك خلال مؤتمر صحفي موضحا إن مهمة الوفد في مصر كانت مهمة استماع لجميع الأطراف وانه سيتم رفع تقرير لمفوضية الاتحاد الأفريقي يتضمن كافة المعلومات التي جمعها خلال الزيارة والتي من شأنها التأثير علي قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي بشأن الأوضاع في مصر إلا انه تبقي كل الاحتمالات مفتوحة لما سيتم اتخاذه من قرارات إما برفع عقوبة التجميد أو الإبقاء عليه لحين إجراء انتخابات رئاسية في مصر وتشير التكهنات إلي أن الخيار الثاني اقرب للتنفيذ حيث يشترط الاتحاد عودة النظام الدستوري وإجراء انتخابات ديمقراطية يشترك فيها كافة الأطياف السياسية خاصة أن الوفد لاقي تعنت من المعارضة بعدم مشاركتها بأي مسار سياسي مما سيؤدي إلي حتمية استمرار تعليق عضوية مصر في الاتحاد الإفريقي وبالتالي يسبب آثارا سلبية علي الوجود المصري في إفريقيا والذي طالما عاني من الإهمال في العهود السياسية السابقة.