الشعب المصري أعظم من كل حكامه وسياسييه في الماضي والحاضر. الإخفاق هو عنوانهم الدائم في إدارة حياته. حتي عندما يثور ويتخلص من الأنظمة المستبدة الفاسدة, يركب فوق ظهره سياسيون من طراز فريد يمتلكون براعة نادرة في أن يحولوا ثورته إلي ثورة عليه, بعد أن فقدوا صلاحيتهم ولم يعد لديهم ما يعطونه, فتجدهم يؤدون المباراة الفاصلة للهروب من دوامة السقوط, بتراخ شديد وأداء فردي, لا يضع في حسبانه مصلحة وطن أو جماهير, دعت إلي المباراة وأصرت علي إقامتها, بعد أن دفعت الثمن مضاعفا, من أرزاقها وأمنها. هذه المباراة الحرجة كانت تحتاج إلي لاعبين من نوع آخر, يمتلكون إرادة ثورية, تستلهم روح جماهير عبقرية, خرجت في مهمة تاريخية حتي تستعيد وطنها المخطوف. هذه المرحلة كانت تحتاج إلي رجال في حجم مصر, وقامة مصر, وعبقرية مصر, رجال علي قدر الإعجاز الذي أصاب العالم بصدمة, لم يفق منها بعد. رجال يلقون بعصاهم, فإذا هي حية تبتلع حبال سحرة الجماعة, قبل أن تتحول الي مشنقة تتدلي منها جثة مصر. فلم تكن مصر بحاجة الي سياسيين يتعاملون مع حالة ثورية بأداء بارد تقليدي يعتمد علي المفاوضات والمواءمات, التي سوف تفضي في النهاية الي تنازلات لم يرض عنها المصريون. إن الأخطاء التي ارتكبت منذ السادس والعشرين من يوليو, أي منذ جمعة التفويض والتي تأتي في مقدمتها حالة عدم الحسم والرخاوة الشديدة في التعامل مع مشكلة الاعتصامات, أدت الي ازدياد الانزلاق في اتجاه سيناريو أسوأ. هذه الرخاوة أدت أيضا الي التفاوض علي ثورة, برغم أن الثورات لا تتفاوض ولا تساوم ولا تتنازل, ولا تسمح لوسطاء أجانب أصحاب مشاريع مشبوهة يتفاوضون ويروجون لصفقات, في وصاية غير مسبوقة علي إرادة الشعب. حقا أن لا أحد يريد دماء, ولكن لا عودة للماضي, وأن الشرعية التي يتحدثون عنها, لم تعد موجودة بعد خروج الملايين الي الشوارع. يجب أن يتم حسم الأمور بسرعة, حتي يسترد الشعب مصر التي مازالت مخطوفة, مع العلم أن الشعوب عندما تثور, فعلي الجماعات والفصائل والتيارات الرافضة أن تذعن, لأن الشعوب هي التي تنتصر في النهاية. في الختام.. يقول جيمس زغبي مدير المعهد العربي الأمريكي: إن مصر مثل برودواي مسرح كبير يلهم الآخرين, لذلك سيعتبرها العرب مصدر إلهام. لمزيد من مقالات محمد حسين