المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة يلتقي متدربي "المذيع الصغير"    نقابة الأطباء البيطريين: نقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظتي الجيزة القاهرة    منذ قليل .. مجلس الشيوخ يبدأ مناقشة تعديلات قانون نقابة المهن الرياضية لمواكبة التطور    وزير المالية: نستهدف تحويل مصر إلى مركز إقليمي للتصنيع والتصدير إلى أفريقيا وأوروبا وآسيا    شعبة القصابين : ارتفاع أسعار اللحوم فى شهر رمضان بسبب زيادة الطلب    كامل الوزير يلتقى وزير التجارة والصناعة فى عمان    وزيرة التنمية المحلية ومحافظ الشرقية يشهدان مراسم توقيع إنشاء وتوريد وتركيب وتشغيل 3 منشآت لمعالجة المخلفات    وزير المالية: نستهدف تحويل مصر إلى مركز إقليمي للتصنيع والتصدير    البيئة: المحميات الطبيعية في مصر تتحول إلى وجهات سياحية مستدامة    الخارجية الصينية: احتجاز الولايات المتحدة لسفن الدول الأخرى انتهاك خطير للقانون الدولي    مد غزة ب130 ألف سلة غذائية و22 ألف قطعة ملابس ضمن قافلة زاد العزة ال99    البيت الأبيض يكشف عن الأموال التي حصلتها أمريكا من الرسوم الجمركية    جيفرى إبستين.. العدل الأمريكية تدافع عن النشر الجزئى وعودة صورة ترامب المحذوفة    بعد تعديلها، الموعد الجديد لمباراة الأهلي وغزل المحلة بكأس عاصمة مصر    حسام عزب حكمًا لتقنية الفيديو في مباراة نيجيريا وتنزانيا بأمم أفريقيا    أمم إفريقيا - كاف يعلن طاقم تحكيم لقاء مصر وزيمبابوي    مواعيد مباريات الإثنين 22 ديسمبر 2025.. مصر في أمم إفريقيا ومواجهتان بالكأس    الهلال يخشى صحوة الشارقة في دوري أبطال آسيا النخبة    موعد مباراة بيراميدز ومسار في كأس مصر.. والقنوات الناقلة    أمم إفريقيا - نايف أكرد: صعوبة مواجهة جزر القمر كونها افتتاحية.. ونحتاج لعودة سايس    موعد قمة دورى كرة السلة الليلة بين الأهلى والزمالك    ارتكب 5 وقائع، إحالة عاطل للمحاكمة بتهمة سرقة السيارات والموتوسيكلات في الزيتون    الداخلية تضبط 34 طن دقيق خلال حملات مكثفة لمراقبة أسعار الخبز    ضبط 1302 قضية فى المواصلات و3542 مخالفة كهرباء خلال 24 ساعة    هددت والدة زميلة ابنتها عبر الواتس.. تغريم سيدة 20 ألف جنيه في قنا    تجديد حبس عاطل بتهمة الاتجار في الحشيش بالمنيرة الغربية    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    شعبة الملابس الجاهزة تكشف ارتفاع الصادرات بأكثر من 21% منذ بداية 2025    روائح رمضان تقترب    مجلس طب قصر العيني يناقش السياسات المعتمدة للجودة داخل المستشفيات    مجلس قصر العينى يناقش سياسات تحديد ضوابط حجز الحالات ونطاق تقديم الخدمات    «الرعاية الصحية»: المتابعة الطبية المنزلية نقلة نوعية في منظومة الرعاية    ارتفاع أسعار الذهب إلى مستوى قياسي في التعاملات الآسيوية    حصاد 2025 جامعة العاصمة.. 7 آلاف طالب وافد و60 منحة دراسية جديدة    في ذكرى رحيل سناء جميل.. مسيرة فنية خالدة من المسرح إلى ذاكرة الفن المصري    الحكومة النيجيرية تعلن تحرير 130 تلميذا مختطفا    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 22ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    جريمة 7 الصبح.. قاتل صديقه بالإسكندرية: نفذت صباحا حتى لا يشعر أحد بالواقعة    مصر تواصل جهودها المكثفة لاستجلاء موقف المواطنين المصريين المفقودين في ليبيا    بالأسماء، قرار جديد بالسماح ل 21 مواطنا بالحصول على جنسيات أجنبية    تفاصيل المشروعات المزمع افتتاحها بالتزامن مع احتفالات العيد القومي لبورسعيد    نائب وزير الصحة يترأس الاجتماع الأول للجنة تطوير منظومة طب الأسنان    رئيس جامعة القاهرة يجري سلسلة لقاءات رفيعة المستوى بالصين لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي    ألمانيا تعلن تسجيل أكثر من 1000 حالة تحليق مشبوهة للمسيرات فى 2025 .. وتصاعد المخاوف الأمنية    شديد البرودة.. «الأرصاد» تكشف تفاصيل طقس اليوم    أهالي المنوفية يشيعون 4 جثامين من ضحايا الطريق الصحراوي    اليوم .. الإدارية العليا تفصل فى 48 طعنا على نتيجة 30 دائرة ملغاة بانتخابات النواب    بوشكوف: دعم أوكرانيا يقوّض مكانة الاتحاد الأوروبي عالميًا    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد اليوم 22 ديسمبر 2025    ويتكوف: روسيا لا تزال ملتزمة تماما بتحقيق السلام فى أوكرانيا    بحضور أبطاله.. انطلاق العرض الخاص لفيلم «خريطة رأس السنة» في أجواء احتفالية    في يومه الثاني.. مهرجان التحطيب بالأقصر يشهد إقبالا كبيرا من أبناء الجنوب والسائحين    بعد ظهوره على كرسي متحرك.. تطورات الحالة الصحية للفنان إدوارد    السلفية والسياسة: التيه بين النص والواقع.. قراءة في التحولات الكبرى    أستاذ بالأزهر يوضح فضائل شهر رجب ومكانته في ميزان الشرع    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخوف من الدولة.. والخوف علي الدولة
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 08 - 2013

مظاهر عديدة نراها في مصر تكشف عن تراجع ملحوظ في الخوف من الدولة. ومظاهر أخري تدعو بشدة إلي الخوف علي الدولة. والخوف من الدولة والخوف علي الدولة وجهان لعملة واحدة
هي الحرص علي بقاء الدولة وفعاليتها. فالدولة لكي تبقي فعالة يجب أن تحظي من ناحية بالهيبة واحترام الناس الكامل لشخصيتها, وتتمتع من الناحية الأخري بولاء الأفراد وإخلاصهم التام لها.
الخوف من الدولة ليس خطأ طالما وضع في سياقه السليم. فالناس يجب أن تخاف الدولة. خوف الخشية وليس خوف الهلع. خوف الاحترام وليس خوف الإرغام. خوف الواثقين وليس خوف المذعورين. خوف يتجلي في امتثالهم لأحكام القانون وامتناعهم عن التعدي علي المرافق العامة. لكن أكثر المصريين لم يعرف ربما إلي الآن كيف يعبر بشكل سليم عن خوفه من الدولة. خفنا منها خوف المذعورين لعقود طويلة. فقد كانت تبني وتعلي حاجز الخوف أمام الناس ولم يكن معظمهم يجرؤ علي تخطيه. ثم فجأة وفي25 يناير2011 سقط الحاجز بالكامل بعد فترة من التصدع التدريجي. اكتشفنا أن انهيار الحاجز كان منطقيا لأنه لم يتأسس علي قواعد سليمة وأنه لم يكن حاجز هيبة من الدولة وإنما حاجز إرهاب صنعته الدولة. وحواجز الهيبة لا يسقطها الناس لأن الدولة تبادر فتحترمها فيبادل الناس بالمثل باحترامها. أما حواجز الإرهاب التي تبنيها الدولة فيسقطها الناس حتي لو تحملوها طويلا لأنهم في النهاية لا يطيقون أن تعاملهم الدولة بما لا يتفق مع الفطرة أو ينتهك الكرامة الإنسانية.
سقط حاجز الخوف. لم يعد المصريون مذعورين من الدولة وهذا جيد لأن الخوف الهستيري من الدولة ليس مطلوبا. لكن بدلا من أن يخافوها خوف الهيبة البناء ذهبوا إلي النقيض. ذهبوا إلي التعدي عليها واجتراح سلطاتها. لم يصبح خوفهم منها خوف هيبة بعد أن كان لعقود خوف خيبة. دخلوا في اعتصامات وكثفوا التظاهرات, وبدأت جماعات تمارس أعمال البلطجة وقطع الطرق وإشغال الميادين والاستيلاء علي الأراضي والتوسع في البناء بلا ترخيص ومظاهر أخري عديدة لمخالفات تنفي عن الدولة هيبتها. والأسوأ من كل ذلك جاء علي صورة خطاب سياسي علني يهاجم الدولة وأجهزة الدولة بدعوي ممارسة الحرية. ولا يزيد عن ذلك سوءا إلا لجوء بعض القوي السياسية إلي حماية نفسها بغطاء خارجي والدخول في علاقات مريبة سواء مع الخارج القريب أو البعيد تتخطي الدولة بل وتستقوي بالأجنبي عليها.
أما الخوف علي الدولة فشعور سائد بين شرائح واسعة من المصريين أبرز ما دفع إليه كانت تصرفات الإخوان المسلمين خلال عام واحد. فقد تصرفوا بلا خوف علي الدولة عندما قدموا الجماعة عليها وعندما جعلوا الولاء للأمة أهم من الولاء للوطن, وعندما تقاربوا بسرعة مذهلة مع حماس وابتعدوا بسرعة أكبر عن مشاركة باقي القوي الوطنية المصرية, وعندما جلبوا من الخارج وأفرجوا من الداخل عن آلاف العناصر الإرهابية لتصبح شوكة في خاصرة الدولة في سيناء. كما خاف المصريون علي الدولة من الاستقطاب الحاد بين القوي الإسلامية والمدنية. لكن خوفهم وصل إلي ذروته قبيل عيد الفطر عندما رأوا جهارا نهارا قيادات الإخوان وهم يجلبون الخارج إلي قلب المشهد السياسي وحفزه علي ممارسة ضغوط علي إرادة المصريين تدفع بالخوف علي الدولة إلي أعلي درجاته.
فهذه الضغوط لا هم لها إلا خلق حالة من ازدواجية السلطة في مصر. وهذا أمر خطير للغاية. كشف عن نفسه خلال الأيام القليلة الأخيرة. فالإخوان من ناحيتهم تمسكوا بالبقاء في الميادين. والخارج من ناحيته بدأ يستغل اعتصامهم ليضغط من أجل عملية سياسية تقوم علي الندية بين الدولة والجماعة, ليتحول المشهد بالتدريج من ثورة عاقب الشعب فيها جماعة خالفت حتي الدستور الذي وضعته إلي تسوية بين معسكرين يبدو كل منهما ممسكا بجانب من السلطة. وازدواجية السلطة فخ عظيم وخطر جسيم يدعو للخوف بشدة علي الدولة, لا يقل بحال من الأحوال عن خطر الإرهاب في سيناء أو الاستقطاب الذي شق صف المصريين ولايزال, بل قد يزيد عليهما خطورة. واستعادة الخشية من الدولة لا تنفصل عن التصدي للخوف الجارف علي الدولة. فالدولة التي يخشاها الناس دولة مهيبة. خوفهم منها ليس هستيريا وإنما خوف بناء لأن الدولة المهيبة المطلوب استردادها ليست دولة البلطجة القديمة. ليست هي التي تنكل بالمواطن أو تنتهك حقوقه أو تعمل لمصلحة فرد أو أسرة. فتلك كانت دولة معيبة وليست مهيبة. الدولة المهيبة هي التي تفرض القانون ولا تجامل. هي التي تحمي المجتمع وليس مصالح من يديرونها. هي التي تحتكر استعمال القوة ليس للبطش وإنما لحماية المجتمع وضمان استقراره.
الخوف من هيبة الدولة هو الذي يهدئ الخوف علي سلامة الدولة. والدولة المصرية الآن عليها أن تبدأ باسترداد هيبتها. وعليها في سبيل ذلك ألا تتوقع أن يعود المواطن إلي الانكماش أمامها أو الذعر منها. ومع هذا فإن المواطن الذي اكتسب جرأة وثقة كبيرتين في نفسه مستعد لأن ينزل علي إرادتها وأن ينفذ قوانينها طالما احترمته ونفذت ما فوضها فيه من مهام. وقد فوضها مؤخرا لمواجهة العنف والإرهاب المحتملين. وعليها أن تحترم التفويض وإلا خسرت هيبتها بدلا من أن تستردها. عليها أن تنتبه إلي اللعبة الخطيرة التي يدفع إليها الإخوان والأمريكان. فهم يعرقلون المسيرة ويشترون الوقت. يريدون أن تبقي الأوضاع علي ما هي عليه طويلا حتي يبدو أن في مصر سلطتين وأن الشرعية محل تنازع. إن ازدواج السلطة خطر لا يجب السماح به. مطلوب أيد قوية لا ترتعش وعادلة لا تبطش حتي يعود للناس الإحساس بهيبة الدولة ليقل بالتالي خوفهم علي الدولة.
كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة
لمزيد من مقالات أبراهيم عرفات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.