قبل أشهر قليلة مضت قادت مملكة البحرين العالم أجمع لإدراج حزب الله علي قائمة المنظمات الإرهابية التي تهدد الأمن والسلم العالمي, والآن ثبت بما يقطع الشك باليقين أنها كانت رؤية ثاقبة, كون الطائفية الموجودة في المشهد البحريني, والتي تتبني ال' تمرد' والتي يعبث من خلالها المقامرون بمقدرات البلاد ويتخذون كالخفافيش التفجيرات والعمليات الإرهابية التي تسارعت وتيرتها وسيلة لهم في استهداف الأطفال والنساء والرجال لإرهاب المجتمع وتخريب الوطن, ولعل آخرها ما حدث من تفجير سيارة ملغومة في ساحة مسجد الشيخ عيسي بحي الرفاع الغربي أثناء صلاة التراويح في رمضان وتفجير آخر بالقرب من حديقة للأطفال, في مواجهة النظام الحاكم الذي لم يتوان للحظة ما في ضوء المشروع الإصلاحي الشامل الذي يقوده الملك حمد بن عيسي آل خليفة منذ توليه مقاليد الحكم في عام1999, وما كفله من احترام للحقوق والحريات الأساسية والفصل بين السلطات, وتعزيز المشاركة الشعبية, في إطار دولة القانون والمؤسسات. وفي قراءة متأنية للمشهد البحريني, هناك سؤال مهم يجب التوقف أمامه كمحطة تحمل دلالات كبيرة علي خطورة الأفكار الشيطانية التي ينفذها البعض بتدخلات خارجية فجة وأجندات طائفية تخدم المصالح الإيرانية, لنصل في النهاية إلي رسم صورة حقيقية لما يحدث في هذا البلد الخليجي الذي يعد أحد المكونات المهمة في الوطن العربي. السؤال هو لماذا اختارت المعارضة تاريخ14 فبراير من عام2011 لخروج الاحتجاجات في ظل ثورات الربيع العربي التي سبقتها في دول تونس ومصر واليمن وليبيا؟.. الإجابة واضحة تماما لأن هؤلاء أرادوا هدم مشروع' الميثاق الوطني' الذي رعاه ملك البحرين في14 فبراير2001 بموافقة98.4% من الشعب البحريني وبنسبة مشاركة تجاوزت90.2%, وتنفيذا للإرادة الشعبية تم إجراء التعديلات الدستورية وإعلان البحرين مملكة دستورية في14 فبراير2002, ونص الميثاق علي أن نظام الحكم في البحرين ملكي دستوري, يكرس مبدأ الفصل بين السلطات, ويؤكد كفالة الدولة للحريات الشخصية والدينية, وحرية التعبير والنشر, وحرية تكوين الجمعيات الأهلية والنقابات, والمساواة بين المواطنين أمام القانون في الحقوق والواجبات, كدعامات أساسية لاستقرار المجتمع, لذا فإن14 فبراير هو تاريخ فارق يحاول البعض هدمه وطمس معالمه. 'تمرد البحرين' الذي تتبناه مجموعة14 فبراير, والتي يواجه أعضاءها المحاكمة حاليا, بالإضافة الي دعوة مماثلة كذلك من جمعية الوفاق ممثلة بأمينها العام, تؤكد سميرة رجب, وزيرة شئون الإعلام البحرينية, أن العنف والارهاب مرفوضان بشكل كامل, سيما ان كل ما يخرج من ادعاءات تصب في اطار تحقيق اجندات سياسية وليست إصلاحية, رغم استمرار حوار التوافق الوطني, علي مدار23 جلسة حتي الآن, والذي بدأ برعاية الملك حمد بن عيسي في شهر يوليو2011 للم شمل البيت البحريني وأعطي الفرصة للمخطئين عودة إلي حضن الوطن خصوصا بعدما أكد تقرير لجنة' شريف بسيوني' لتقصي حقائق أحداث البحرين, وهي اللجنة التي أنشئت بأمر ملكي, وهي سابقة فريدة من نوعها في مجال إنشاء لجان تقصي الحقائق, أن الحوار الوطني مهم جدا لإيجاد حلول للمشاكل السياسية في البحرين, وهو الحل الأمثل والمخرج الوحيد من الحالة الراهنة, ويحسب للحكومة البحرينية أنها قبلت التقرير بكل شجاعة, وتعهدت بتنفيذ كافة التوصيات التي انتهي إليها التقرير. الشيخ عبد اللطيف المحمود رئيس جمعية تجمع الوحدة الوطنية بالبحرين طالب الذين يعملون علي تأزيم الوضع وزيادة العنف, ويمارسون إرهاب الدولة والشارع, بأن يعودوا لحضن المجتمع, والتعايش معه, واتخاذ النهج والخطوات السلمية والقانونية في أي حركة أو خطوة, تصب في مصلحة الوطن والمواطنين. ويبرز هنا أن مملكة البحرين رغم ما تتعرض له من حملات ممنهجة لهدم استقرارها, من أوائل الدولة العربية التي أنشأت وزارة لحقوق الإنسان في24 أبريل2012, وإعادة تشكيل المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في31 يناير2013 يكمل السجل المتميز لها كدولة انضمت من قبل إلي24 اتفاقية دولية متعلقة بحقوق الإنسان, في ترسيخ حقوق الإنسان والمساواة بين المواطنين دون تمييز بسبب العرق أو اللغة أو الدين أو الجنس أو الرأي. وما صاحب ذلك أيضا من تبني البحرين لضرورة إنشاء محكمة عربية مختصة في حقوق الإنسان, وهو ما وافقت عليه الدول العربية بالإجماع في قمة الدوحة في26 مارس الماضي. ومن هنا تأتي أهمية القرارات التي اتخذتها البحرين, كخطوات مهمة للتصدي لدعوات التحريض لحركة' تمرد' التي تدعو لإسقاط النظام عبر النزول في مظاهرات كثيفة في14 أغسطس فبرغم صدور المرسوم الملكي بقانون الذي يحظر تنظيم التظاهرات او التجمعات والاعتصامات بالقرب من المستشفيات او المطارات او المجمعات التجارية او الاماكن ذات الطابع الامني, والذي استثني الاجتماعات العامة والمسيرات والتجمعات, والاعتصامات أمام المنظمات الدولية, وما سبقه من إصدار العاهل البحريني مرسوما بقانون أجاز بموجبه إصدار حكم بإسقاط الجنسية عن المتورطين في الأعمال الإرهابية والمحرضين علي ارتكابها كعقوبة تكميلية, علي ألا ينفذ الحكم إلا بعد موافقة ملك البلاد.ووفقا لكثير من الخبراء فأن أحداث' تمرد' التي حدثت في مصر غير قابلة للاستنساخ في البحرين, كون أن المجتمع البحريني به ظروف وملابسات وتركيبات طائفية شيعية تستقوي بالخارج لهدم الدولة واستقرارها تمرد البحرين بين الطائفية والإرهاب علي العكس من' تمرد' المصرية التي خرجت لتقوم مسار الحركة الديمقراطية لثورة25 يناير.2011 هاني فاروق