هاني سري الدين يطالب بتعديل النظام الانتخابي في الدورات الانتخابية المقبلة    وزير الثقافة يوجه بوضع خطة مشتركة لعرض مونودراما «فريدة» بالمحافظات    «المشاط» تبحث مع البنك الإسلامي للتنمية إتاحة أدوات تمويل مبتكرة للقطاع الخاص    لتطوير البنية التحتية..الانتهاء من رصف عدة طرق بالواحات البحرية بتكلفة 11.5 مليون جنيه    ضبط 35 ألف مخالفة متنوعة في حملات لتحقيق الانضباط المروري    مفاجأة يكشفها تقرير الطب الشرعي في واقعة الاعتداء على طفل شبرا الخيمة    أمن المنافذ يضبط 45 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    القبض على لصوص سرقة متعلقات المواطنين والدراجات النارية بالقاهرة    فضائل العشر من ذي الحجة.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    بعد توليها منصبها في الأمم المتحدة.. ياسمين فؤاد توجه الشكر للرئيس السيسي    مسئولو الإسكان يتابعون المشروعات الجاري تنفيذها بالقرى السياحية بالساحل الشمالي    في حادثة أغضبت الزعيم كيم.. صور تُظهر أضرار المدمرة الحربية لحظة تدشينها في كوريا الشمالية    معلق مباراة بيراميدز وصن داونز في دوري أبطال إفريقيا    محمد صلاح أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي موسم 2024- 2025    الكاس ووليد مهدي يصلان قطر لحضور قرعة كأس العالم "تحت 17 عامًا"    رئيس الوزراء يتفقد المركز القومي للتدريب بمقر هيئة الإسعاف المصرية    مديرية التعليم بالبحيرة: لا شكاوي امتحانات سنوات النقل الابتدائي والإعدادي والثانوي    «الشيوخ» يوافق نهائيًا على تعديل قانون لإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية (تفاصيل)    الببلاوي: غرفة عمليات متكاملة لمتابعة حجاج السياحة في مكة والمدينة    رئيس بعثة الحج الرسمية: وصول 6720 حاجا للمدينة المنورة    فيلم «سيكو سيكو» يصدم أبطاله لليوم الثالث على التوالي.. تعرف على السبب    «فركش».. دنيا سمير غانم تنتهي من تصوير «روكي الغلابة»    بثلاثة من نجوم ماسبيرو.. برنامج «العالم غدًا» ينطلق قريبًا على القناة الأولى    تداول 15 ألف طن و946 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل تطلق حملة «تأمين شامل.. لجيل آمن» بأسوان استعدادا لبدء التطبيق الفعلي للمنظومة في المحافظة 1 يوليو المقبل    مدبولي: هيئة الإسعاف دوماً رمزاً للتضحية والإنسانية ولها دورٌ في مواجهة الأزمات الكُبرى    مستقبل وريثة عرش بلجيكا في خطر.. بسبب أزمة جامعة هارفارد وترامب    احتفاء بتاريخ عريق.. رئيس الوزراء في جولة بين عربات الإسعاف القديمة    "الشيوخ" يبدأ مناقشة تعديل قانونه.. ووكيل "التشريعية" يستعرض التفاصيل    موجة شديدة الحرارة.. تحذيرات من الطقس خلال ال 72 ساعة المقبلة    كواليس إحالة المتهمة بسب وقذف الفنانة هند عاكف للمحاكمة    القوات الروسية تتقدم في دونيتسك وتسيطر على بلدتين    طاقم تحكيم مباراة البنك الأهلي والمصري في الجولة الثامنة للدوري    13 لاعبة ولاعبًا مصريًا يحققون الفوز ويتأهلون للربع النهائي من بطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    في ذكرى رحيل إسماعيل ياسين.. أحمد الإبياري يكشف عن بوستر نادر ل مسرحية «الست عايزة كده»    منى زكي تعود بشعر «كاريه» يثير إعجاب الجمهور    لحظة أيقونية لمؤمن واحتفالات جنونية.. لقطات من تتويج بالأهلي ببطولة أفريقيا لليد (صور وفيديو)    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    المتحدث العسكري: الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن بعد انتهاء زيارته الرسمية لدولة فرنسا    وزير الداخلية اللبناني: الدولة لن تستكين إلا بتحرير كل جزء من أراضيها    جامعة سوهاج: اعتماد 250 مليون جنيه لفرش وتجهيز مستشفى شفا الأطفال    لإجراء جراحات مجانية.. دفعة جديدة من أطباء الجامعات تصل إلى مستشفى العريش    محافظ أسيوط يزور جامعة بدر ويتفقد قافلة طبية مجانية ومعرضًا فنيًا لطلاب الفنون التطبيقية    حكم طلاق الحائض عند المأذون؟.. أمين الفتوى يُجيب    وزير الري يوجه بتطهير مصرف البلبيسي بالقليوبية    إصابة عدة أشخاص في هجوم بسكين بمحطة قطار مدينة هامبورج الألمانية    تشكيل بيراميدز المتوقع أمام صن داونز بذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    10 شهداء في قصف الاحتلال مدينتي جنوب قطاع غزة    لماذا يصل تأثير زلزال كريت إلى سكان مصر؟.. خبير فلكي يجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    البابا تواضروس يترأس القداس من كنيسة العذراء بمناسبة يوبيلها الذهبي    اليوم.. محاكمة متهمين ب«داعش العمرانية»    عيد الأضحى 2025.. أسعار الخراف والماعز في أسواق الشرقية    نبيلة مكرم عن أزمة ابنها: قررت اتشعبط في ربنا.. وابتلاء رامي كشف لي أنا جيت الدنيا ليه    عمرو أديب: ليه العالم بيعمل 100 حساب لإسرائيل وإحنا مالناش سعر؟    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    القيعي: الأهلي لم يحضر فقط في القمة.. وقرارات المسابقة «توصيات»    بعد وفاة زوجها.. كارول سماحة لابنتها: هكون ليكي الأمان والسند والحضن لآخر لحظة من عمري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصول المصالحة الوطنية

إن المصالحة الوطنية نتيجة حتمية تمر بها عادة الدول التي تعاني من خلافات جذرية أو صراعات داخلية, وهي تعد من أهم مفردات أي تسوية سياسية
تنشأ علي أساسها علاقة قائمة علي التسامح والعدل بين الأطراف السياسية والمجتمعية بهدف طي صفحة الماضي وتحقيق التعايش السلمي بين أطياف المجتمع كافة.
وقد أثبتت التجارب في العديد من الدول أنه لا يمكن بلوغ المصالحة إلا بعد وقف العنف, وإقرار العدالة, فلا سلم بدون عدالة. وهناك بعض الدول التي ركنت في المراحل الانتقالية إلي آلية المصالحة لتحقيق السلم الاجتماعي, ولعل تجربة جنوب إفريقيا توفر أفضل الممارسات في هذا الشأن. وأهم ما ميز هذه التجربة أنها اعتمدت علي آلية خاصة لبلوغ المصالحة الوطنية تقوم أساسا علي إقرار الجاني بما ارتكبه من انتهاكات وتجاوزات واعتذاره وقبول اعتذاره ممن يملك ذلك كشرط للحصول علي العفو. والتجارب الدولية تدلل أيضا علي أن العفو عن الجرائم ذات الطابع السياسي قد يكون خيارا متاحا أو حافزا للتخلي عن العنف وضمان استحضار الفرقاء إلي مائدة الحوار, كما حدث في الجزائر بإصدار الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية والذي تمت المصادقة عليه في استفتاء شعبي عام2005 بما ساهم في وقف العنف من جانب تيارات الإسلام السياسي, ومهد لإصدار قانون شامل للمصالحة الوطنية عام2006, نص علي شروط العفو وأصول المصالحة.
والمعضلة الحقيقة التي تكمن في المشهد المصري هي تعدد المراحل الانتقالية وأطراف المصالحة الوطنية. ومن ثم تتعدد صور المصالحة المطلوبة, فهناك مصالحة يجب أن تجري بين رموز النظام الأسبق وبين فئات عديدة من المجتمع المصري ممن ذاقوا الظلم أو التعذيب أو الاعتقال قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة, ويتفرع عنها مصالحة بين ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي وقعت في ظل هذا النظام وبين رموز القوي الأمنية التي ارتكبت تلك الانتهاكات, ومصالحة أخري مع الأخوة المسيحيين جراء أحداث العنف التي ألمت بهم وسقط خلالها العديد من القتلي والمصابين, فضلا عن المصالحة مع العديد من الفئات التي عانت من الإقصاء والتهميش. وتأتي بعد ذلك المصالحة الكبري التي تهدف إلي إزالة حالة الاحتقان الطائفي والانقسام المجتمعي الحاد الذي روج له رموز النظام السابق ونتج عنه صدامات دموية بين أنصاره وغيرهم من أطياف الشعب المصري, تطورت إلي ارتكاب جرائم الإرهاب من جانب أنصار هذا النظام كما هي معرفة في الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية. ومما يؤسف له أن النظام السابق قد نجح في بث روح الفرقة بين أبناء المجتمع الواحد علي أساس ديني- طال أبناء المذهب الواحد فخلق حالة استقطاب مجتمعي حاد, بالمخالفة لمواثيق حقوق الإنسان السارية التي تحظر التمييز بسبب العرق, أو اللون, أو الجنس, أو اللغة, أو الدين, أو الرأي, أو الأصل القومي أو الاجتماعي, أو الثروة, أو النسب, أو غير ذلك من الأسباب, وبالمخالفة أيضا لما أرسته الشريعة الإسلامية من قيم التسامح والعفو والعدل والإحسان,
والمصالحة الواجبة تستلزم بداية الكشف عن حقيقة الوقائع والأحداث الدموية التي راح ضحيتها الآلاف من أبناء الشعب المصري بين قتيل وجريح في أرجاء الوطن, وتقصي جذور العنف وأسباب الفرقة والانقسام بمختلف أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية بما يسمح بمعالجتها واتخاذ التدابير اللازمة للتغلب عليها واستئصال جذورها بصورة تسهم في الانتقال المتدرج بالمجتمع إلي الاستقرار والسلم الاجتماعي, وهي كلها أمور لا يمكن أن يتسع لها مؤتمر أو أكثر, فما يمكن إنجازه في تلك المؤتمرات والاجتماعات هو استشراف الإجراءات اللازمة لوقف ونبذ العنف وتحديد الأولويات والاتفاق علي الآليات التي يجب اتباعها لجمع الأطراف المعنية وتحقيق المصالحة الوطنية التي يحسن أن تتم تحت لواء العدالة الانتقالية.
وللمصالحة مقدمات أساسية تتمثل أساسا في:(1) تحديد أطراف المصالحة(2) استشراف مدي استعداد جميع الأطراف للوقف الفوري لأعمال العنف والانخراط في عملية المصالحة(3) اختيار الوقت المناسب للمصالحة(4) تهيئة الرأي العام وإيجاد الزخم الشعبي اللازم لمساندة عملية المصالحة(5) إجراء تقييم شامل لأسباب الصراع ووضع تصور واضح للقضايا محل الخلاف(6) وضع استراتيجية وطنية محددة وشاملة لمعالجة تلك القضايا مع تحديد الأهداف الاستراتيجية اللازم تحقيقها لبلوغ المصالحة والمبادرات والبرامج اللازمة لتكريس ثقافة الحوار وتحقيق الوئام والوفاق بين أطياف الشعب المختلفة(7) وضع خطة زمنية لمراحل وإجراءات المصالحة(8) البناء علي الجهود والمبادرات السابقة مثل وثيقة الأزهر لنبذ العنف والالتزام بالحوار الوطني لحل القضايا الخلافية.
وللمصالحة قواعد وشروط من أهمها:(1) الاتفاق علي الثوابت الوطنية(2) إعلاء مصلحة الوطن والابتعاد عن المكابرة والمغالبة التي تسوغ الثأر والانتقام والتشفي والإعراض عن التخوين والنأي عن الأهواء الشخصية واستحضار النية الصالحة بهدف إصلاح ذات البين(3) إجراء المصالحة في مناخ من الشفافية وسيادة القانون(4) تحري الحقيقة كاملة وكشف المظالم لضمان عدم تكرار الانتهاكات(5) التركيز علي حقوق الضحايا(6) تطبيق مبدأ التضمينية بالعمل علي تمثيل مصالح كافة أطياف المجتمع(7) تكريس مبدأ عدم الإفلات من العقاب(8) وجود جهة محايدة ومستقلة تعني بتقييم نتائج المصالحة في مراحلها المختلفة(9) اتباع إطار مؤسسي شامل للمصالحة(10) عدم السماح باستغلال المصالحة لتحقيق مكاسب حزبية.
ويجب أن تتم جهود المصالحة وفقا لمنهج علمي وطريقة مدروسة تتولاها مفوضية عليا للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية يتمتع أعضاؤها بالحياد والاستقلال, تعمل من خلال أطر قانونية واضحة علي نحو يؤدي إلي وقف الصراعات, وتحقيق العدل وصولا إلي مصالحة وطنية حقيقية وشاملة. ومما لا شك فيه أن إنشاء وزارة مختصة بشئون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية للتحضير للإجراءات المتقدمة يعد خطوة هامة نحو تحقيق العدالة وإرساء مبادئ سيادة القانون في هذه المرحلة الدقيقة والحرجة التي تمر بها مصر.
لمزيد من مقالات المستشار.عادل ماجد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.