صدر حديثا عن المركز القومي للترجمة,النسخة العربية من كتاب المشروع القومي العربي في سينما يوسف شاهين من تأليف مالك خوري ومن ترجمة حسين بيومي, وعبر11 فصل,يناقش الكتاب كيف أن فكرة المشروع القومي العربي والهوية القومية العربية التي ظهرت ونضجت من خمسينيات القرن الماضي كونت وشكلت الجزء الرئيسي من أعمال شاهين. بحسب المؤلف, فإن يوسف شاهين ليس مجرد مخرج حرفي, وإنما هو صانع أفلام كبير,أكد جوهر ابداعه مكانة السينما باعتبارها فنا رفيعا إلي جانب محاولة احتوائها باعتبارها الفن الأكثر شعبية,وعلاوة علي ذلك لم يكن يوسف شاهين تكرارا لغيره ولكنه أضاف الكثير,وساهم بقوة بوصول السينما المصرية إلي مصاف السينمات الكبري في العالم.وإن كان يوسف شاهين قد وصف بأنه شاعر السينما العربية ومفكرها, فهو يحتاج في حقيقة الأمر إلي مزيد من القراءات والدراسات الشاملة التي تضع فنه في إطاره الصحيح وفي سياقة المحلي والعالمي. يقول المؤلف إنه ليس هناك صانع أفلام آخر في تاريخ السينما العربية شهد وتأمل ثم صور في أعماله أوجها كثيرة للتغيرات التي طرأت في العالم العربي المعاصر,مثل يوسف شاهين, معتبرا هذا الكتاب يعيد وضع علاقة شاهين بالسينما في بيئتها ومصادرها وجماليتها العربية وبالسياق الخاص بقرابتها إلي ما يشار اليه عموما بالمشروع القومي العربي,وبدقة أشد يركز الكتاب كيف ساهمت أعمال شاهين باتساق في هدم أسطورة الهوية القومية العربية المتجانسة,في الوقت ذاته الذي تعيد فيه بناء مفهوم الأمة العربية والهوية القومية العربية باعتبارها مفهوما غير متجانس ومكمل لمشروع التحديث طويل المدي من أجل تقرير المصير القومي;علاوة علي الاصلاح والتقدم الاقتصادي و الاجتماعي والثقافي. يرصد الكتاب امتداد سيرة شاهين السينمائية الطويلة,و انهماكه التوقعي في نضالات مجتمعه, خلال أشد الفترات اضطرابا في التاريخ العربي المعاصر, نتج عنه مجموعة أعمال ألقت الضوء علي دوافع إعادة الانبثاق المعاصرة للمشروع القومي العربي في الفترة التي تلت ثورة جمال عبد الناصر1952 في مصر, وتشمل هذه الدراسة أربعة وأربعين فيلما, تجسد فحصا ثريا ونقديا للتاريخ الاجتماعي والسياسي والثقافي,في مصر والعالم العربي في القرن الماضي. كما يفحص الكتاب أفلاما صنعت في خمسينيات القرن الماضي,وعلي امتداد حياته حتي فيلمه الأخير هي فوضي في العام2007, حيث يتم تحليل المضمون ومكونات الشكل في أفلامه في تفاعلهما مع ما يخص الأمور الثقافية والاجتماعية والسياسية في فترات مختلفة من التاريخ المصري والعربي المعاصر,كما يفسر الكتاب أيضا دوافع إنتاج الأفلام وتلقيها وخصوصا في التفاعل مع النظم المحلية للممارسة الثقافية والسينمائية-كما يستقبلها النقاد والجمهور المصري والعربي. ويوضح كيف تطورت مجموعة أفلام يوسف شاهين علي مدي فترة تقترب من ستين عاما, وضد الوضع سريع التقلب في التاريخ العربي المعاصر,ولعبت الاحداث السياسية دورا محوريا في التكوين ذي الأثر الرجعي لأعمال شاهين الكاملة,وكانت ضرورية تماما لتطور أعماله الاستطرادية, وعبر السنين أصبحت سينما شاهين علامة بارزة في صنع الأفلام العربية ومدرسة مهمة لأجيال من صناع الافلام العرب,وهناك مخرجون كبار من تلامذة يوسف شاهين كانوا وما زالوا الأهم علي الساحة الفنية.