تتعدد مظاهر الخير ومحاولات التقرب إلي الله خلال شهر رمضان الكريم, ومن أهم مظاهر الاحتفال بالشهر الفضيل إقامة موائد الرحمن التي تعتبر أوسع أبواب الخير, حيث يوجه المال في شهر رمضان إلي إطعام الفقراء والمحتاجين والتسابق في الخير هو سمة الصالحين وهو من أعلي درجات الجنة, ويعظم الدين الإسلامي ثواب إفطار الصائم, فمن فطر صائما كان له من الأجر مثل الصائم لا ينقص من أجره شيء. وتأتي أهمية موائد الرحمن في تحقيق التكافل الاجتماعي ودورها في توفير وجبات متكاملة لأسر قد لا تستطيع توفير قوت يومها, وبالرغم من ملاحظة قلة موائد الرحمن في السنوات الأخيرة خاصة بعد ثورة يناير وتدهور الحالة الاقتصادية للبلاد فإن ذلك لا يدل علي أن أعمال الخير قلت, ولكن تنوعت في أعمال أخري. ويعد الرسول صلي الله عليه وسلم أول من أقام موائد الرحمن فأرسل افطارا لمسلمي الطائف في السنة التاسعة للهجرة بعد إعلان إسلامهم وتبعه في إقامة هذه الاحتفالات بشكل جماعي امير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه, حيث فتح دار الضيافة للافطار الجماعي للمحتاجين وكل طوائف المسلمين, وفي مصر كان أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية أول من أقام موائد الرحمن بها, منذ أكثر من 1100 عام تقريبا, حيث عمل ابن طولون علي إقامة موائد الرحمن في السنة الرابعة من ولايته, حيث جمع التجار والأعيان والقادة علي مائدة حافلة في أول رمضان وخطب فيهم, مؤكدا أن الهدف من هذه المائدة ليس الطعام والشراب وإنما تذكرة الناس بالبر والتقوي بينهم وإحساس الفقير بالغني وأن هذه المائدة ستستمر طوال أيام رمضان ليفطر عليها الفقراء والمساكين وعابرو السبيل, وحث الأغنياء وكبار رجال الدولة علي أن يقتدوا به في ذلك, وفي عام 880 هجرية أمر أحمد بن طولون أن تعمم الموائد الرمضانية في كل أنحاء دولته. وأن يكون مقرها في الأماكن العامة لتكون قريبة, وفي عام1967 تولي بنك ناصر الاجتماعي الإشراف علي موائد الرحمن, بعدها ظهرت مشاركة مختلف طوائف المجتمع في إقامتها, وأصبح الجميع يتباري في تقديم أصناف الطعام للصائمين. يستفيد منها فئات محتاجة ويري فضيلة الشيخ محمود عاشور عضو مجمع البحوث الإسلامية أن موائد الرحمن صورة من صور التكافل الجميلة التي تؤكد أن الخير متأصل في شعب مصر,وهي تخدم فئة كثيرة مثل سائقي الأتوبيس البسطاء, والباعة الجائلين وعساكر الشرطة الموجودة في الشارع, فرمضان شهر الخير والجميع يحاول أن يأخذ أجرا وثوابا فيه, يقول الرسول صلي الله عليه وسلم: من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء, فقال الصحابة رضي الله عنهم للرسول منا من لا يملك, فقال الرسول صلي الله عليه وسلم ولو علي تمرة أو شربة ماء, والناس في رمضان تستبق علي الخير وتقدم الطعام والشراب و الكساء, فكل منا يجب أن يحس بآلم الآخر واحتياجه. ويقول الشيخ عاشور إنه لا يتصور أن يكون هناك شخص قادر ويجلس لتناول الطعام علي مائدة الرحمن وهو يعلم أنها أقيمت أساسا لإطعام الفقراء والمساكين, فلا يجوز أن يأكل منها غير الذي يحتاج فعلا إلي الطعام حتي لا يتحمل ذنبا, وبالرغم من قلة إقامة موائد الرحمن, فلا يعني ذلك قلة الأعمال الخيرية, إنما قد تكون تأثرت قليلا بالحالة الاقتصادية التي تمر بها مصر في الفترة الراهنة, مع تغيير أساليب الناس نحو مجالات الخير, وتفضيل البعض منهم إعطاء الفقراء نقودا مباشرة لأنهم أدري بما يحتاجونه, أو عمل شنطة رمضان. إقامتها خارج المدن.. أفضل ويقول الدكتور محمد المختار المهدي عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إنه لا يفضل عمل موائد الرحمن لأنه يأكل فيها من هو محتاج ومن هو غير محتاج فلا نستطيع أن نجعلها من الزكاة لأن الزكاة للفقراء والمساكين,يقول تعالي: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم, ويري أنه من الأفضل منها أن نعطي غير القادرين نقودا, أو عمل شنطة رمضان, وفي الجمعية الشرعية نعمل نحو مليون شنطة لرمضان بالتعاون مع بنك الطعام, وستوزع علي اليتامي وعلي طلاب مشروع طالب العلم الفقير, أما بالنسبة للطرق العامة مثل طريق الإسكندرية الصحراوي أو الإسماعيلية وكل طريق خارج المدن, فيسمح فيه بعمل موائد الرحمن وذلك ليستطيع المسافر الذي لم يصل بعد وحان أذان المغرب عليه أن يأكل, أما داخل المدن فلا يفضل عمل موائد الرحمن.