كم حبيبا فارقت, وكم غاليا علي قلبك رحل عن دنيانا وواريناه الثري, هذا هو مصيرنا جميعا رضينا أم لم نرض, الكل يموت ولا يبقي إلا الواحد الأحد كل شيء هالك إلا وجهه.. كل نفس ذائقة الموت.. وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور. والآن ماذا تفعل لاحبابك الذين رحلوا عنا, وكيف تحتفي بهم وترسل لهم هدية تنفعهم كما كنت تفعل معهم في الدنيا, يقول النبي- صلي الله عليه وسلم:( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له), وقد أجمع أهل العلم علي أن الصدقة والدعاء يصل إلي الميت نفعهما. فالدعاء ينفع الميت كما ذكر الله عن المؤمنين من السلف الصالح إذ يقول سبحانه عنهم: والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان, وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإذا دعا له ولده كان هذا من عمله الذي لم ينقطع وإذا دعا له غيره لم يكن من عمله لكنه ينتفع به, وقال الإمام النووي: أجمع العلماء علي أن الدعاء للأموات ينفعهم ويصل ثوابه إليهم, وذكر القاسمي: إن من حقوق الأخوة والصحبة أن تدعو له في حياته ومماته بكل ما يحبه لنفسه وأهله وكل متعلق به كما تدعو لنفسك, وثبت عن الرسول صلي الله عليه وسلم أنه كان يدعوا للاموات, ويقول كلما أتي المقابر( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون). وأفضل وقت للدعاء يكون في السجود أو قبل السلام بعد التشهد أو في ثلث الليل أو عصر الجمعة. كما ان من أفضل ما يفعله الحي لميته أن يتصدق عنه, أي يخرج الصدقة عنه, وينوي ثوابها له, فعن عائشة رضي الله عنها أن رجلا قال:( يا رسول الله, إن أمي افتلتت نفسها ولم توص, وأظنها لو تكلمت تصدقت, أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم, فتصدق عن أمك), وأبواب الصدقة كثيرة سواء قل المال أو كثر, المهم أن يكون حلالا طيبا. هل عرفت الآن الهدية التي ستقدمها لأحبابك الراحلين.