الكرم من الفطرة ومن مكارم الأخلاق وقد كان النبي صلي الله عليه وسلم أكرم وأجود الناس, وكان أكرم ما يكون في رمضان ولكن بعض الناس يتجود من أجل أن يكون كريما إلي حد الاستدانة فكيف نتوقف عند كتاب الله عزوجل في هذه القضية؟ يقول الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف: إن الكرم من أجمل الصفات وأنبل العادات ولكن التجاوز فيه إلي حد الاستدانة من الأمور المنكرة وذلك في ضوء عرض حياتنا علي كتاب الله ربنا فالله تعالي يقول في سورة الطلاق: لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه. رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا وكثير من الناس لا ينفق مما آتاه الله وإنما يسرف إلي حد الاقتراض من أجل أن يقال كريم وليس هذا من التوقف عند كتاب الله ولا من هدي رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي لم يكن من المتكلفين وقد نهي عن التكلف وكما قال أهلونا إنما الجود بالموجود وقد زار جماعة من التابعين أحد الصحابة فأكرمهم بالموجود عنده وقال لهم هذا هو الموجود عندنا ولولا أن رسول الله صلي الله عليه وسلم نهي عن التكلف لتكلفت لكم, والله عز وجل يقول: ولا تجعل يدك مغلولة إلي عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا, أي لا تكن بخيلا ولا مسرفا وإنما كن وسطا, وقال تعالي أيضا: والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما أي وسطا بين الإسراف والتقتير, حتي في الصدقات وهي من أفضل العبادات يقول الله عز وجل: ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو, والعفو هو الزائد عن الحاجة أي حاجة المنفق ومن تجب عليه نفقتهم من ولد وزوجة ووالدين, هذا هدي الإسلام وما عداه من الهوي, والهوي تيار جارف يجرف الإنسان إلي الضياع من غير شك. و يضيف الدكتور مبروك أنه قد شاع بين الناس من قديم: اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب, وأنا اقول لقد جاءنا مافي الغيب, ولكنا لم ندرك ذلك, جاءنا مافي الغيب وهو أننا سوف نفقد منكشفين لا مال يسترنا والمال ستر من الله تعالي للإنسان, إن الاعتدال منهج الإسلام في كل شيء ومن أهم معالمه ومظاهره الإنفاق الذي لو أحسن الناس فقهه لاقتصدوا وقد قيل ما افتقر من اقتصد, ولا بأن تدعو أخاك أو جارك علي إفطارك بشيء مما فتح الله به عليك من تمر أو من خبز أو من غيرهما وليس شرطا أن تقيم له الموائد وتنصب له الحفلات وتستدين من أجل ذلك فلا تكن كالذي يريد أن يرضي الله فيغضبه.