التشهير بالمخالفين واستحلال الدماء والأعراض يتنافي مع حكمة الصيام وتسييس الدين جعل الإسلام في غربة لا ينكر الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر تراجع منظومة القيم والأخلاق في الشارع المصري ,والتي يري أنها جعلتنا أمة كغثاء السيل. ويحمل الأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية مسئولية الارتباك والخلافات الدائرة علي الساحة المصرية. وهو في كل الأحوال يري أن تجربة الإسلاميين في الحكم فاشلة.. وتسييس الدين جعل الإسلام في غربة, وأن قيام أحزاب علي أسس دينية أضر بالدعوة ولكنه في حواره ل الأهرام يعرب عن تفاؤله بالمستقبل ويؤكد ان مصر بتلاحم شعبها وأزهرها وكنيستها وجندها محفوظة وفي رباط الي يوم القيامة. وإلي نص الحوار: ما هي رؤيتكم للمشهد السياسي, والأوضاع القائمة علي الساحة الآن؟ الإنسان لا يجد إلا فرقا ومذاهب وطرقا وأحزابا, وكل حزب بما لديهم فرحون, ونجد في بلادنا لا أعاد الله ذلك, كل هذه المآسي والمخازي بسبب التلاعب بورقة الدين في مستنقع السياسة, الأمر الآخر, ما أقدم عليه أهل الحل والعقد, وازنوا فيما بينهم المصالح والمفاسد, والمنصفون حتي من داخل الإخوان, يعرفون أن فشلا ذريعا واستبدادا غاشما, سمة السنة التي قضوها في الحكم, ونحن لدينا القاعدة الفقهية التي تنص علي أن دفع المفاسد مقدم علي جلب المصالح. ووجدنا بلدا قد ضاعت سمعته ومكانته, وتزلزلت مقدراته في مهب الريح, وأقحم الوطن في صراعات خارجية, كالفتنة في سوريا, وتوتر العلاقات مع دولة الإمارات الشقيقة, ثم المواقف الغامضة مع إسرائيل مع قتلة الجنود الستة عشر في رمضان الماضي, وأيضا مع خاطفي الجنود ال(7) وأيضا مع إثيوبيا في أزمة السد, فماذا ننتظر؟! وأيضا في موقفهم مع السودان بخصوص حلايب وشلاتين, وكلها كانت قضايا تهدد الأمن القومي في مصر. وهل من حق الشعب أن يثور علي الحاكم ويخلعه؟ أفيض فيما يتعلق بالمشهد السياسي بخصوص ما فعله أهل الحل والعقد, ويعني بهم المرجعية الدينية( الأزهر, والكنيسة) وأيضا الجيش والشرطة والهيئة القضائية والقوي المعبرة عن الكثرة من الشعب المصري التي أطلقت شرارة الثورة علي الفشل والظلم, فهؤلاء أهل الحل والعقد ويناط بهم تثبيت أو خلع الحاكم وهذا في فقه السياسة الشرعية, وإذا كان هناك من يقول إن الحاكم قد جاء بالصندوق, فأقول له ما أسهل الوصول والتلاعب بالصندوق في أي مكان, لكنه من الصعب التلاعب بإجماع أهل الحل والعقد, وكما قلت من قبل إن كل ذلك حدث نتيجة الفشل السياسي الذريع الذي رأيناه خلال عام من الحكم وخصوصا في الأزمات الدولية الطارئة التي كانت تحتاج إلي حلول جذرية. ما رأيك في الخلافات الشخصية الموجودة الآن علي الساحة السياسية؟ مادامت دخلت الحسابات الشخصية والمصالح الدنيوية فحدث ولا حرج, بدليل أن هناك أربع معارك وهي الجمل والنهروان وكربلاء وصفين, معظم هذه المعارك راح بسببها الآلاف المؤلفة من الأخيار, فالشباب المغرر به لدي ما يسمي بتيارات الإسلام السياسي وقود وسلالم ومصاعد لهؤلاء الطامحين لكراسي الحكم, كما حدث أخيرا, فهل ننتظر ضياع مصر؟! لقد رأينا خلال عام أن الإخوان قد خسروا جميع الأطياف السياسية, وخسروا كثيرا من الشعب, ومؤسسات الدولة, وخسروا الأزهر والصوفية والمسيحية والسلفية, والجماعة الإسلامية ثم أهانوا مؤسسات الدولة والجيش والشرطة والأزهر والكنيسة والقضاء والإعلام, فماذا بقي من مؤسسات الدولة لم تتم إهانتها بعد؟؟ وكيف تري المخرج من هذه الأزمة في ظل تمسك الإسلاميين بشرعية الصندوق ؟ أطالب بإبعاد الأحزاب السياسية لورقة الدين لأن المشهد أصبح في خطر, وأن يحظر قيام أحزاب سياسية علي أسس دينية, وهذا الأمر يطبق علي الجميع( لا يهود ولا مسيحيين- ولا مسلمين) هذا مجتمع مدني تعظم فيه شعائر الدين في غير الأمور السياسية, لأن السياسة الشرعية في صدر الإسلام شيء وفي العالم المعاصر شيء آخر, وقال النبي صلي الله عليه وسلم- أنتم أدري بشئون دنياكم. وتجربة الإسلاميين الآن في الحكم فاشلة, ولا يوجد ما يسمي إسلاميين أو تيار إسلامي لأن المسمي الأصلي, كما ورد في القرآن الكريم: هو سماكم المسلمين بدءا من الأمين إلي الغفير, ولا يوجد من يحتكرون تفسير الدين, إلا إذا أرادوا السير علي تفسير واحتكار رجال الدين بالكنيسة في القرون الوسطي قبل مارتن لوثر كنج, وهو قس وناشط سياسي أمريكي الذي كان من أشهر أقواله: لا يستطيع أحد أن يمتطي ظهرك إلا إذا انحنيت أو إذا أرادوا تقليد الشيعة الإمامية في ولاية الفقيه وتفسيرها أن الشيعة يعتقدون أن الإمام معصوم كالنبي صلي الله عليه وسلم, وله وحدة حق احتكار فهم الدين ورسم سياسة الدولة, أو إحياء النظرية الخاطئة التي تقر بالولاء والبراء وهي أساس دستور جماعات الخوارج. فالأساليب واحدة وإن اختلفت الصياغات, فمثلا الإمام المعصوم لدي الشيعة هو المرشد الذي له حق السمع والطاعة والسمع والطاعة مطلقة لدي الإخوان, ونجد ذلك أن الشيخ العالم لدي السلفية الذي لا يجب أن يناقشه أحد, ويضاف إلي ذلك التعصب المجتمعي, وقال النبي صلي الله عليه وسلم- ليس منا من دعا إلي عصبية, ويقول صلوات الله وسلامه عليه: دعوا العصبية فإنها منتنة الأمر الآخر أن تجربة ما يسمي بالتيار السياسي الإسلامي في كل دول العالم فاشلة, والنماذج في أفغانستان والسودان ومصر, وهذا يكفي. وكيف تري مستقبل مصر في المرحلة القادمة؟ مصر, بلد الأنبياء ومهد الأولياء وموئل العلماء والقديسين والصالحين, محفوظة بحفظ ربها مباركة ببركة المسيح عليه السلام مبارك شعب مصر وبوصايا وتذكية رسولنا الكريم, سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم- ومصر هي خير أجناد الأرض بمشيئة الله وفضله, ثم بالجهود الطيبة للجيش الباسل والقضاء العادل والإعلام الواعي والتدين السليم, وأزهرها وكنيستها, وتلاحم شعبها, يومها سيكون أفضل من أمسها, وغدها أفضل من يومها. وكيف يمكن إعادة منظومة الأخلاق والقيم الإسلامية الرفيعة إلي الشارع المصري؟ المتأمل بحق والمتدبر بصدق في الشريعة الإسلامية الغراء يجد أن مقاصد العبادات والمعاملات هو تأصيل مكارم الأخلاق ومن هنا قال النبي صلي الله عليه وسلم إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق, فالصلاة تنهي عن الفحشاء, والصيام بغرض التقوي, وكل الشعائر ترسخ مكارم الأخلاق, فإذا رأيت إنسانا ملتزما بالعبادات وانعكس ذلك علي تصرفاته, فهو في الطريق الصحيح, وإذا كان هناك انفصال أو ظهر أنه مسئ في تصرفاته, فهو قد أدي ظاهرة كما قال النبي صلي الله عليه وسلم رب مصل ليس له من صلاته إلا القيام والتعب, ورب صائم ليس له من الصيام إلا الجوع والعطش ورب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه, فلابد من التطابق في القول والعمل, وما بين الفعل الظاهري والتوجه القلبي, أما إذا خالف القول الفعل, وتناقض الظاهر مع الباطن, فهي عبادات شكلية وبالتالي لا قيمة لها ولا وزن, وهذا يمارسه جيل غثاء سيل واحذروا من أن نكون من جيل غثاء السيل وأرجو ألا نصل إلي هذا الجيل لأن بعد هذا الجيل سيكون جيل غربة الإسلام, الذي يقول عنه النبي صلي الله عليه وسلم-: القابض فيه علي دينه كالقابض علي جمر من النار. ما الذي يوصلنا إلي أن نكون جيل غثاء السيل؟ الأفكار الخاطئة والتأويلات المنتحلة, أوصلت ما بقي من الأمة إلي جيل غثاء السيل مثال: في الحضارة الإسلامية كان ملك فرنسا يخطب ود الخليفة العباسي, الآن حكام المسلمين يطلبون ود الاتحاد الأوروبي والأمريكان, وبعد جيل الغثاء المرحلة الأخطر وهي غربة الإسلام فيقول النبي صلي الله عليه وسلم بدأ الإسلام غريبا ويعود غريبا فطوبي للغرباء ما هي الرسالة التي توجهها للشعب المصري في هذا الشهر المبارك؟ الرسالة الأولي لشعب مصر: سلمت يا شعب مصر يا مهد الحضارات, وبوركت يا رئيس مصر أيها القاضي الجليل بحكمة وحنكة وصبر القاضي المستشار عدلي محمود منصور, وأوجه الرسالة الثانية إلي رجال الشرطة وهم العيون الساهرة وأقول لهم تحملتم الأذي والقذي, وأوجه الرسالة الثالثة إلي إعلامنا النزيه ولقضائنا الشامخ قائلا لهم قول الله تعالي: اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون وأوجه الرسالة الأخيرة للآخرين, وهم قلة قليلة أو خوارج الزمان أقول لهم قول الله تعالي: واتقوا يوما ترجعون فيه إلي الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون صدق الله العظيم.