الإصلاح الاقتصادي يعد أحد الملفين الذين تقوم عليهما مهام الحكومة الجديدة بعد أن عاني الاقتصاد في السنوات الأخيرة حالة من التدهور مما أثر علي المجتمع المصري الذي طالب بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية. ومن أجلها ثار وانتفض, وفي المقابل يجب أن يرد له الجميل بتنفيذ برنامج إصلاح إقتصادي قوي بشكل فوري وآخر طويل الأجل بعد أن أثبتت الإحصاءات أن نسبة الفقراء في مصر بلغت40% وبلغت الفجوة التمويلية في نهاية يونيو الماضي25 مليار دولار مما زاد من وهن الاقتصاد وبلغت قيمة الدعم205 مليارات جنيه مصري, والإنفاق العام500 مليار جنيه. وتآكلت الاحتياطيات من36 مليار دولار إلي14 مليار دولار. وهي تغطي واردات ثلاثة أشهر فقط. وأمام هذه الأرقام أصبح من الضروري والملح أن تتشارك الرؤية التشريعية والقانونية مع الرؤية الاقتصادية لرسم خريطة المستقبل الاقتصادي في مصر. بداية يري المستشار علي حسنين مساعد وزير العدل لشئون المحاكم الاقتصادية المتخصصة أن الإصلاح الاقتصادي هو هدف قومي تتشارك في تحقيقه كافة الجهات وتسعي لتنميته بشتي السبل, وياتي في مقدمة هذه الأجراءات التشريعات القانونية التي من شأنها أرساء قواعد تنظم وتيسر النشاط التجاري وتعمل في مجملها علي جذب الأستثمارات وتحسين وأنعاش أداء السوق للنهوض بالأقتصاد القومي, ويعد القانون التجاري المصري من أفضل القوانين علي المستوي الدولي و لقد صدر عام1966 وتم تعديله عام1999 م, ولكن مع المتغيرات التي تطرأ علي النشاط التجاري دوليا و محليا أصبح من الضروري ان نتواكب مع ذلك بسن تعديلات وتشريعات جديدة تتوافق وتتماشي مع متطلبات السوق والاستثمار والاقتصاد, وبالفعل هناك خطة لطرح مشروعات قوانين يتم اعدادها بوزارة العدل لتحقيق هذا الهدف. العدالة الناجزة ولقد قمنا بإدخال بعض التعديلات في قانون المحاكم الاقتصادية لتيسير أجراءات التقاضي وتحقيق العدالة الناجزة, مثل النصاب الانتهائي للدوائر الأبتدائية فلا يجوز استئناف الدعوي التي أقل من40 ألف جنيه, وأضفنا علي المادة التي تحدد الاختصاص أن الدعاوي التي تفوق الخمسة مليون جنيه والغير محددة القيمة تختص بها الدوائر الأستئنافية وتم استثناء دعاوي الافلاس وجعل الاختصاص للدوائر الابتدائية, ونصت المادة الرابعة في القانون120لسنة2008 أن المحكمة الاقتصادية تختص ب17 قانون دون غيرها, فهناك بعض المشاكل أثيرت من الناحية العملية عندما ترتبط الجريمة التي تنظر بالمحاكم الأقتصادية بجريمة ليست من أختصاص المحاكم الأقتصادية والمشكلة التي صادفت القضاه صدور حكمين متعارضين من محكمة النقض في بعض القضايا ولعلاج هذه المشكلة تم تحديد المحاكم الاقتصادية بأختصاصها بالحكم في تلك القضايا الاقتصادية وما يترتب عليها من جرائم أخري من أختصاص محاكم أخري, وذلك يتطابق مع ما يتم في محاكم أمن الدولة وأرجع ذلك للمادة314 إجراءات. كما أدخلنا تعديلا جديدا علي قانون العقوبات يختص برشوة موظف الدولة(المادة103 و104 تختصان بالاخلال بواجبات العمل والمادة109 تختص بعرض الرشوة وقبولها) وللحد من قضايا الفساد واتخاذ التدابير الوقائية لمكافحة الفساد والتي تأتي في إطارالاتفاقية الدولية تم إعداد قانون حماية الشهود وأصحاب البلاغات في قضايا الاختلاس والعدوان علي المال العام, وهناك مشاريع قوانين تم اعدادها من اجل المساهمة في تحقيق الأصلاح الاقتصادي مثل قانون تضارب المصالح والعدالة الانتقالية وقانون الأستعانة بالخبراء وسوف تتم مناقشتها مع المعنيين والخبراء للتعرف علي مدي مطابقتها للمعايير الدولية, ومن ضمن القوانين التي سوف يتم تعديلها قانون حماية المستهلك ومنع الاحتكار. قوانين الوساطة والإفلاس ويؤكد المستشار علي حسنين أن من القوانين التي من شأنها جذب الاستثمارات قانون الوساطة والافلاس وحرية المعلومات, ولقد صدر قانون الوساطة الذي يحققق العدالة بين المستثمرين وفض المنازعات المدنية والتجارية الي تزيد قيمتها علي100 ألف جنيه وايضا الدعاوي غير مقدرة القيمة, ولقدوضع هذه القانون ضوابط شديدة لضمان سرية المعلومات المتعلقة بالوساطة كما نص علي توقيع عقوبة علي الطرف الذي يفشل عملية الصلح, وتقوم ادارة الوساطة بنظر هذه المنازعات من قبل قضاة الوساطة في المحاكم الأقتصادية والأبتدائية ولسرعة الفصل يقوم القاضي الوسيط بالأنتهاء من أعمال الوساطة خلال مدة لا تزيد عن شهر من تاريخ احالة النزاع اليه ويجوز مدها لشهر آخر بناء علي طلب الأطراف المتنازعة, وبذلك نحقق العدالة بين المستثمرين في فترة وجيزة مع الحفاظ علي أستمرارية العلاقة بين الأطراف المتنازعة. ويضيف ان حالة الأرتباك الاقتصادي التي تشهدها البلاد في الفترة الراهنة جعلت البعض يقع تحت طائلة الافلاس ويعد حكم شهر الأفلاس بمثابة حكم بإعدام التاجر كما يؤثرسلبيا علي حركة السوق بشكل عام, ولتحسين اداء السوق تم اعداد مشروع قانون لتعديل قانون الأفلاس الحالي يهدف للحد من قضايا الأفلاس المنظورة بالمحاكم واعادة هيكلة المؤسسات والشركات المتعثرة لتعود للسوق مرة اخري مع ضخ اموال للاستثمار فيها من جديد, ويتم تعديل القانون بالتعاون مع مؤسسةIFD للتمويل الدولية' وهي اكبر مؤسسة انمائية عالمية وتابعة للصندوق الدولي, واهم ملامح مشروع التعديل وجود قاضي في هيئة التحضير يطلق عليه قاضي الافلاس يقوم بفحص طلب الافلاس ويحدد مدي جديته وفأما تتم تسوية النزاع وديا أو يأمر القاضي بأحالة الطلب الي هيئة مستقلة يطلق عليها' هيئة التقييم المالي' تقوم بدراسة مالية لديون المتعثرين ومواردهم وتتخذ قرارها اذا ما كان يمكن اعادة هيكلة الديون من عدمه أي تصفية وتستغرق هذه الاجراءات3 أشهر وفي بعض الحالات6 أشهر كحد أقصي قضايا الافلاس قد تستغرق10 سنوات للبت فيها ويعد قرارا القاضي بالتسوية أو التصفية قرار نهائيا ولا يجوز الطعن فيه, وفي أطار التعديلات من المقترح رفع قيمة المبلغ المعني بما يطلق عليه تاجر من20 الف جنيه الي200 الف جنيه لتتناسب مع المتغيرات الأقتصادية, ووزارة العدل تأخذ علي عاتقها عدم صدور قوانين أو تعديلات دون طرحها للحوار الوطني وعمل ورش لمعرفة آراء المعنيين بهذه القوانين وأقتراحاتهم لخروج هذه القوانين للنور علي الوجه الأكمل إستراتيجية الإصلاح: ويقول الخبير الأقتصادي الدكتور محمد يوسف رئيس مجلس ادارة الشركة القابضة للتأمين ورئيس جامعة بني سويف السابق ان استراتيجية الاصلاح الاقتصادي تعتمد علي محور رئيسي هو الامن والاستقرارالذي يؤدي الي انعاش الأستثمارات وزيادة حركة العمل وبالتالي الإنتاج كما يجب أن تتضمن الأستراتيجيات الأصلاحية خطة متوسطة الأجل لتوفير الأحتياجات الأساسية من خلال منظومة عمل اقتصادية تقوم علي التفعيل والتوفير وبالتوازي تجب اعادة النظر في الحد الأدني للاجور خاصة وان معدل التضخم تراوح في الفترة الأخيرة بين105%-%125 وبلغ في بعض السلع30% ولذلك نحن بحاجة الي نظرة موضوعية لمعدل النمو(7%) وتحويله الي معدل تنمية حتي تكون الاستفادة طويلة الأجل ويستفيد منها اصحاب رأس المال المتوسط والمنشآت كثيفة العمالة, كما يجب تقليل الاعتماد علي القطاع الحكومي وتوجيه الدعوة للقطاع الخاص للمشاركة الأيجابية, التي كانت في الماضي تصل الي70% ولكنها انخفضت بشكل واضح مما أثرعلي الناتج المحلي ولتشجيعه يجب توفير الأحتياجات الأساسية من وقود وكهرباء وعلينا التشجيع لضخ الاستثمارات الأجنبية والعربية والمحلية التي انخفضت لتصل600 الي مليون دولار بعد ان كانت10 مليارات دولار, كما يجب إيجاد وسيلة مناسبة لدعم الاحتياطي المركزي و التحكم في سعر الصرف وكذلك معدل التضخم والحد من البطالة وأتاحة فرص عمل جديدة من خلال الاستثمارات وزيادة الناتج القومي, و يجب أن نخرج من عنق الزجاجة من خلال ضخ الاستثمارات وليس القروض. وعلي سبيل المثال الاستثمار في قطاع السياحة يحقق لنا دخل لا يقل عن18 مليار دولار سنويا. فهي كنز يحقق لنا عشرات المليارات علي مدي السنين المقبلة, وعلي الجانب الآخر يجب أن يتعاون العاملين في الخارج في تنمية مواردنا من العملة الصعبة وتوفيرها داخل الاقتصاد المصري. وأن تكون هناك آليات جديدة للتعامل مع عجز الموازنة الذي أوضحت آخر الاحصاءات أنه بلغ175 مليار جنيه. ومن المحتمل أن يبلغ200 مليار جنيه وحتي الآن لا توجد آلية واضحة للتعامل مع العجز بشكل سليم, ويجب أن يكون هناك تعاون وثيق بين البنك المركزي ووزارة المالية من خلال سياسات نقدية وأدوات السياسة المالية للوصول إلي آليات تتعامل بشكل سليم مع عجز الموازنة. ويضاف لذلك ترشيد الإنفاق و تنمية الموارد من خلال إدارة قوية وخطط واضحة مع إعادة النظر في النظام الضريبي لتحسين عجز الموازنة وتشجيع الاستثمار وتحقيق التنمية وليس النمو التي تقوم علي عدالة توزيع الإنتاج المحلي وهي عنصر مهم يحتاج إلي نظرة ثاقبة في الفترة القادمة. ويضيف الدكتور محمد يوسف أن تحسين التصنيف الائتماني لمصر يعتمد علي النظرة المستقبلية ووضوح الرؤية الاقتصادية وليس الوقت الراهن, ولدينا من الموارد الطبيعية والبشرية ما يؤهلنا لإعداد خطة للتنمية تساهم في تحسين الوضع الائتماني, ويجب علينا أن نتعامل مع انتقادات تقرير البنك الدولي بالعمل علي معالجتها حتي نستطيع جذب الاستثمارات من جديد. وأن تتخذ القرارات فيما يحقق مصلحة الاقتصاد المصري. والتوسع في الصناعات كثيفة العمالة والمتوسطة, ورفع شعار صنع في مصر من جديد من خلال تحسين مستوي الإنتاج والخدمة. فبالرغم من أننا دولة ذات دخل متواضع ولكنها غنية بثروة هائلة متمثلة في الشعب المصري.