تواجه الحياة بابتسامة لا تفارق وجهها مهما اشتدت عليها المحن, لم تنحني بعد تعرضها لحادث أصابها بشلل في الساقين, واصلت حياتها بصورة طبيعية وتحدت الجميع, تصدت للمحسوبية التي كادت أن تحرمها من حقها في دخول كلية التربية, وبعد التخرج واجهت بعض العراقيل التي حاولت أن تبعدها عن مجال التدريس مما جعلها تحصل علي الماجستير والدكتوراه, وتكون من أكثر المعلمات قربا إلي قلوب طلابها. التقت صفحة' صناع التحدي' بالدكتورة أماني نبيل- مدرسة اللغة العربية بمدرسة المستقبل التجريبية للغات- للتعرف علي رحلة كفاحها, حيث بادرتنا قائلة:عشت طفولة ومراهقة كلها حركة ومرح لأني بطبيعتي محبة للحياة, أهوي القراءة والغناء والموسيقي والرسم, ولكن خلال المرحلة الثانوية تعرضت لحادث نتج عنه إصابتي بشلل في الساقين وأصبحت أتحرك بواسطة عكازين, وقتها قررت أن التحق بكلية التربية بعد حصولي علي الثانوية العامة حيث كان التعيين إجباري, ويتم بمجرد التخرج, وبالفعل حصلت علي مجموع يؤهلني لدخول الكلية, وكان حلمي أن التحق بقسم اللغة الألمانية لأن الدفعة بأكملها كانت تسافر إلي ألمانيا بعد التخرج, ومع بداية الدراسة كانت المفاجأة الكبري هي عدم وجود أسمي في كشوف قسم اللغة الألمانية بل الكلية كلها, وذهبت عميد الكلية كي أعرف السبب وأخبرني أني لست مؤهلة للالتحاق بالكلية لأني معاقة, وقال لي بالنص' اختاري أي كلية أخري حتي أذا كان مجموعك لا يسمح لك الالتحاق بها وسوف أوافق لك عليها' وحاولت أقناعه بأن مجموعي يسمح لي بدخول كلية التربية وأنني لن أتنازل عن حقي, وبمجرد خروجي من مكتبه شاهدت فتاه تتحرك بواسطة كرسي وعرفت من أحد أفراد الأمن أنها طالبة بالكلية ولكنها ابنة أحد الأساتذة, فعدت مرة أخري إلي العميد واستشهدت بوجود هذه الزميلة بالكلية, فكان رده أن مجموعها هو الذي أهلها لدخول الكلية, فطلبت منه أن تتطبق معي نفس اللائحة لأني أيضا مجموعي يسمح, وأمام اصراري لم يستطع إلا أن يدرج أسمي ضمن قوائم الطلاب بالكلية ولكن للأسف كان قسم اللغة الألمانية قد أكتمل عدده, واخترت قسم اللغة العربية لأني أعشق القراءة والأدب, فقد قرأت أعمال الأديب العالمي' نجيب محفوظ' وأنا في الصف الثاني الأعدادي, وأحب الأدب الألماني وأيضا الروسي لأنه أكثر أدب قريب من الأدب العربي. وتضيف الدكتور أماني: كانت الدراسة ممتعة ومرت سنوات الجامعة وتخرجت عام1993وتم تعييني في أحدي المدارس وقضيت6 أشهر بدون الحصول علي راتب, وعندما سألت عن السبب علمت أني لابد أن أحضر قرار نسبة ال5 % رغم أني لم يتم تعييني طبقا لهذه النسبة بل عينت بتكليف مثل باقي الدفعة, ورغم ذلك أحضرت الأوراق المطلوبة وحصلت علي راتبي, ولكن ظهرت مشكلة جديدة وهي عدم اقتناع مديرة المدرسة بقدرتي علي التدريس نظرا لإعاقتي, حيث طلبت مني الاكتفاء بتدريس التربية الدينية وترك اللغة العربية, مما جعلني أعتبر هذا إهانة بالغة لي ولقدراتي, ولم أرضخ لرغبتها, بل قررت الحصول علي الماجستير والدكتوراه وبالفعل سجلت الماجستير بعنوان' القصة كمدخل لتدريس اللغة العربية' وحصلت علي الماجستير في وقت قصير واخترت موضوع' استخدام اللعب كمدخل للتدريس' ليكون رسالة الدكتوراه وذلك لأني منذ أن عملت في التدريس وأنا أستخدم هذه الطريقة مع الأطفال لأنها تحقق نتائج مبهرة وتجعلهم يذاكرون دون أن يشعروا بالملل, وكما حدث في الماجستير حدث في الدكتوراة وحصلت عليها خلال عامين بعدها عرف الجميع أني متمكنة من التدريس وأملك مهارات لا يملكها آخرون. وأخيرا تحلم باليوم الذي يطبق فيه العدل في نظام التعليم بحيث يلتحق كل طالب بالكلية التي يحبها طبقا لمجموعه وليس ظروفه الصحية لأن الإعاقة لم ولن تتعارض يوما ما مع الإنجاز, بل تكون دافعا قويا.