مع تصاعد الجدل والاتهامات, اعترف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أمس أن السعي للحصول علي معلومات حول دول أخري ليس أمرا غير معتاد، في الوقت الذي كشفت فيه صحيفة الجارديان البريطانية أن البعثات الدبلوماسية الفرنسية والإيطالية واليونانية في كل من واشنطنونيويورك كانت من ضمن الأهداف ال38 التي تجسست عليها وكالة الأمن الوطني الأمريكية الأمر الذي دفع ألمانيا إلي الاستعداد لتوجيه اتهامات جنائية ضد واشنطن ولندن. وقال كيري علي هامش مؤتمر رابطة دول جنوب شرق آسيا(الآسيان) في بروناي الذي يشارك به حاليا أن نظيرته الأوروبية كاثرين آشتون أعربت عن قلقها بشأن ما أوردته مجلة دير شبيجل بأن واشنطن تتجسس علي مكاتب الاتحاد الأوروبي والسفارات الأوروبية في إطار برنامج بريسم واتفقا علي مواصلة الاتصالات بعد التحقيق بهذا الشأن. وأضاف أن هذا ليس أمرا غير معتاد بالنسبة للكثير من الدول لكنه لن يدل بمزيد من التصريحات حتي يتوصل لمزيد من الحقائق بهذا الشأن. يأتي ذلك في الوقت الذي ذكرت فيه صحيفة الجارديان نقلا عن وثائق حصلت عليها من المستشار السابق في وكالة الأمن القومي الامريكي إدوارد سنودن المتهم بتسريب وثائق سرية للغاية بعدما فر من بلاده أن أنشطة التجسس الإلكتروني التي كانت تقوم بها الوكالة كانت تستهدف سفارات فرنسا وإيطاليا واليونان في واشنطن وبعثاتها الدبلوماسية لدي الأممالمتحدة في نيويورك. وأضافت أن الوثائق صادرة في عام2010 وتؤكد أن الوكالة قامت بمحاولات للتنصت علي سفارات هذه الدول الثلاث في واشنطن, كما راقبت الاتصالات الالكترونية للسفارات والبعثات الدبلوماسية لكل من اليابان والمكسيك وكوريا الجنوبية والهند وتركيا. وكانت مجلة در شبيجل الألمانية أكدت السبت الماضي استنادا الي وثائق مماثلة أن مقرات الاتحاد الأوروبي في بروكسل وسفارته في واشنطن وبعثته الدبلوماسية في نيويورك كانت أيضا ضمن أهداف وكالة الأمن القومي الأمريكية. ولم تعتمد الوكالة فقط علي ميكروفونات وضعت في مباني الاتحاد الأوروبي, بل اخترقت أيضا شبكته المعلوماتية مما أتاح لها قراءة الرسائل الالكترونية والوثائق الداخلية. وأوضحت الجارديان أن عملية التجسس علي الاتحاد الاوروبي كان هدفها جمع أكبر قدر من المعلومات عن الخلافات بين دوله الأعضاء. وأضافت أن مهمة التجسس علي السفارة الفرنسية في واشنطن أطلق عليها اسم واباش, في حين أن مهمة التجسس علي البعثة الفرنسية في نيويورك أطلق عليها اسم بلاكفوت. أما مهمة التجسس علي السفارة الإيطالية في واشنطن فسميت برونو. من جانبها, حذرت عدة مصادر اوروبية أن هذا البرنامج تسبب في انهيار الثقة بين الاتحاد الأوروبي وواشنطن ويمكن أن يؤدي إلي أزمة سياسية خطيرة بين الطرفين. وقال مكتب المدعي الفيدرالي في ألمانيا المعني بقضايا الأمن القومي إنه ينظر فيما إذا كان يجب فتح تحقيق في الأمر وتوجيه اتهامات جنائية ضد كل من المخابرات الأمريكية والبريطانية بعد أن أظهر تقرير دير شبيجل أن برنامج التجسس لم يتم تطبيقه علي بريطانيا وكندا واستراليا ونيوزلندا كما أن ألمانيا اعتبرت دولة مفتوحة أمام هجمات التجسس. وقد وجهت الحكومة البريطانية أمس الدعوة لعدد من نواب البرلمان الألماني مسئولي العدل لحضور مؤتمر بالفيديو في مبني السفارة البريطانية في برلين اليوم لبحث قضية التجسس. ومن المقرر أن تجتمع مجموعة عمل شكلها الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة خلال أيام لتبادل معلومات حول حجم المعطيات التي جمعت عبر بريسم والضمانات التي يمكن أن تقدمها الولاياتالمتحدة لمواطني الاتحاد الاوروبي. وقالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية أن الاتحاد الأوروبي اتصل بالسلطات الأمريكية في واشنطنوبروكسل بشأن التقارير الصحفية وأبلغوهم بأنهم يراجعون دقة المعلومات. وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إنه إذا تم التأكد من صحة هذه المعلومات ستكون غير مقبولة علي الإطلاق. وقالت وزيرة العدل الألمانية سابينه لويتهويسر شنارينبيرجر إن ذلك سيعيد الي الأذهان الأعمال بين الأعداء أثناء الحرب الباردة وهو أمر يفوق أي تصور ولن يكون ممكنا تفسير ذلك بحجة مكافحة الارهاب. وقال مارتن شولتز رئيس البرلمان الأوروبي وهو ألماني إن ذلك سيكون له أثر خطير علي العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة. وطالب يورجين تريتن زعيم حزب الخضر الألماني المعارض أمس أوروبا بتوفير ملاذ آمن لسنودن قائلا إنه من العار أن يطلب سنودن اللجوء السياسي في دول وصفها بالمستبدة بعد أن كشف انتهاكا كبيرا للحقوق الأساسية. ويوجد سنودن حاليا مطار دولي في روسيا منذ عدة أيام ويسعي للحصول علي حق اللجوء في الاكوادور.