أخفق الرئيس محمد مرسي في نزع فتيل القنبلة الموقوتة علي ساعة30 يونيو, وقدم خطابا أحبط جموع المصريين, ورغم ذلك مازال الوقت يسمح له بأن يتخذ من القرارات ما ينقذ البلاد من الدخول الي دائرة جهنمية من الفوضي والدماء. وقبل تقديم المشورة الي الرئيس مرسي, لابد من التأكيد علي أن تدخل القوات المسلحة علي الخط السياسي هذه المرة سوف يختلف عن ذلك الذي حدث في أثناء ثورة يناير.. سوف يجد الجيش نفسه مجبرا علي التدخل في حال وقوع الفوضي وإسالة الدماء, ولن ينتظر استدعاء من أي شخص, وسيكون التدخل من قاعدة الشعور الجارف بأن البلاد تواجه خطرا حقيقيا من الداخل ومن الخارج, وأن الانهيار الكامل قادم لا محالة. والي الملايين الذين وقعوا علي استمارات تمرد وكل أبناء التيارات الثورية الأخري الذين يحثون الجيش علي التدخل وفي نياتهم أن يخرجوا بعد تخليصهم من الأزمة الطاحنة مطالبين ب سقوط حكم العسكر.. اليهم أقول إن الجيش لن يكون في نزهة ميدانية وانما سيكون في مهمة انقاذ وطن بعد ما فشلت القوي المدنية في ادارة البلاد خلال مرحلة الفوران الثوري التي نمر بها منذ يناير2011 حتي الآن. القوات المسلحة لن تقبل مرة أخري المساس بشرفها العسكري, ولن تسمح بأي اهانات سواء علنية أو مستترة, ولا بأن تستخدم القوي السياسية من الطرفين التيارات الاسلامية والتيارات المدنية أطفال الشوارع والمتعطلين عن العمل والبلطجية في الاساءة الي الجيش والتطاول عليه. وأجد من واجبي التحذير المبكر من فكرة تولي رئيس المحكمة الدستورية العليا المسئولية الشرفية لرئاسة البلاد في حال سقوط النظام الحالي, وأقول إن هذه الخطوة سوف تسفر عن مزيد من الفوضي.. وفي اعتقادي ومن ضمن ما طالبت به مرارا وتكرارا في ابان أحداث الفوضي الجارفة بعد ثورة يناير, لابد من نظام قوي يستطيع أن يواجه بكل الصرامة والشدة, بل العنف اذا اقتضي الأمر, كل مظاهر الفوضي, سواء كانت سياسية أو اجرامية.. ولست في حاجة الي التأكيد علي أن القوات المسلحة هي المؤسسة الوحيدة المؤهلة الآن للقيام بهذا الدور, وليس من المقبول أن تتسيد الفوضي والسلوك الاجرامي الشارع المصري, ونظل في حال من التآكل والاستنزاف الداخلي الي أن نصل الي الافلاس الكامل والحرب الأهلية الشاملة.. ومن هذا المنبر أقول كفاية لكل من يحاول الوصول بمصر الي هذه المرحلة الكارثية. وفي حال سقوط النظام لابد من أن يكون تسيير أمور الدولة من جانب حكومة ائتلافية تضم جميع التيارات السياسية, وتحت رقابة صارمة من القوات المسلحة تمنع الخروج عن القانون أو الانحراف عن الديمقراطية.. ولعل أحدهم يتساءل: وهل يكون الجيش بصرامته المعهودة حارسا أو حريصا علي الديمقراطية؟.. وأقول: نعم سيكون كذلك الي أن نتعلم نحن المصريين ما هي الديمقراطية وقواعد ممارستها, وحتي يتوافر لملايين العاطلين مصادر الرزق الكريمة التي تمنعهم من بيع أصواتهم الانتخابية.. لابد من البحث السريع عن صيغة للمرحلة الانتقالية الجديدة التي يمكن أن تطول الي ثلاث سنوات, مع الأخذ في الاعتبار أن مصر ليست لعبة في أيدي المراهقين السياسيين والبلطجية مدفوعي الأجر وأدعياء الثورة وتجار الدين. ونصل الي الفرصة الأخيرة المتاحة في هذه اللحظة التاريخية للرئيس مرسي كبديل عن كل ذلك السيناريو السابق.. لابد أن يعلن الرئيس الآن عن القبول بالانتخابات الرئاسية المبكرة التي من الممكن أن تأتي به مجددا الي مقعد الرئاسة.. وأقولها صراحة: لست من أنصار ازاحة من يجلس علي مقعد الرئاسة عن طريق المظاهرات بدون ضوابط دستورية حيث سيفتح ذلك أبواب جهنم علي مستقبل مؤسسة الرئاسة في مصر, ولكن في هذه الحالة الثورية الجديدة التي يعيشها الوطن الآن, فان قبول الرئيس الفوري بالانتخابات الرئاسية المبكرة سوف يهدئ الجماهير الغاضبة, ويتيح للرئيس الاستمرار في مكانه حتي موعد الانتخابات الرئاسية المبكرة والاستثنائية في نوفمبر أو ديسمبر المقبلين, مع الإسراع من الآن حتي ذلك التاريخ بتعديل الدستور المعيب, علي أن يكون من ضمن مواده عدم جواز اجراء انتخابات رئاسية أو برلمانية مبكرة سوي بعد مرور نصف المدة سنتين علي الأقل من تولي الرئيس لمهامه أو انعقاد البرلمان حتي يكون هناك مبرر قوي لهذه الانتخابات المبكرة في حال فشل الرئيس أو الحكومة المنتخبة.. ومن الآن حتي موعد الانتخابات تدير الدولة حكومة تكنوقراط قوية وايضا تحت حراسة وحماية القوات المسلحة.. اللهم اني قد بلغت.. اللهم فاشهد. لمزيد من مقالات محمد السعدنى