العنف الموجود في الشارع والدماء التي تسيل في كل مظاهرة مابين جريح وشهيد في رقبة من ؟ حرمة الدم المصري الذي اصبح مستباحا منذ25 يناير2011 حتي الان من المسئول عن اراقتها ؟ للأسف لم نسمع ان اجهزة الدولة التي من المفترض انها مسئولة عن ضمان سلامة كل مواطن قبضت علي من استباح دماء المتظاهرين, دائما الفاعل مجهول الطرف الثالث غير معلوم! في كل مرة يظل طليقا حرا, المجرم لم ينل عقابه! كيف وصلنا الي هذه الدرجة التي هانت فيها دماء شبابنا علي حكامنا ؟ هل الخطاب السياسي والديني الذي حرض علي العنف منذ دعت تمرد الي تظاهرات30 يونيو ؟ هل فضائيات الفتنة علي الجانبين ؟ هل دماء شبابنا في رقبة رئيس الجمهورية الذي أعطي الشرعية لمؤيديه واطلق يدهم لارهاب معارضيه ؟ يقول الدكتور جمال الطحاوي( استاذ الاجتماع بآداب المنيا): من المحرمات استباحة دم الانسان بأي صورة من الصور والأكثر حرمة ان تكون بين مصري وابن وطنه وليس عدوه فلسنا في معركة عسكرية بين مصري وعدو, فليس من المقبول استباحة دماء من يختلف معي في الرأي سياسيا فهذا شيء ترفضه وتحرمه الشرائع السماوية. وعندما نسال عن الأسباب أقول عندما اعلنت تمرد عن النزول للشارع فوجئنا بالفصيل الاسلامي يتبني خطابا عنيفا يدعو للتحريض والعنف ويتوعدهم بالويل برغم ان الفصيل الاخر اعلن ان التظاهرات سلمية ولا تهدف الي التخريب ولا تتبني العنف وأكدوا تشكيل لجان تحافظ علي سلمية المظاهرة حتي لايندس فيما بينهم من يتحرش او يقتل. ظللنا طوال الفترة الماضية نسمع ونشاهد الفزاعات التي تطل علينا ونجد منهم من يقول قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار, هذه المقولة قالها الرسول صلي الله عليه وسلم في احدي الغزوات مع كفار قريش فكيف يتم تشبيه مصري مسلم بكافر!, وخطيب اخر يقول: اللي يرش مرسي بالماء هنرشه بالدم وغيرها الكثير من الكلمات التحريضية التي قيلت في حضور رئيس الجمهورية وسكت عنها مرحبا. عندما يقول عاصم عبدالماجد هذه رءوس اينعت وحان وقت قطافها أليس هذا تحريض علي العنف والقتل, هؤلاء الذين يتحدثون باسم الدين استباحوا دماء شبابنا مع ان الاسلام دين سماحة لا يدعو للعنف والقتل, قتل النفس البشرية حرمة لايقبلها الله ولا يفلت القاتل من عقابه في الدنيا والآخرة. هذا الشحن الذي عشنا في ظله علي مدي الاسبوعين الماضيين ثم فوجئنا بجريمة بشعة راح ضحيتها اربعة من الشيعة في مذبحة لم تحدث في مصر منذ دخول عمرو بن العاص حتي الآن رغم انهم ليسوا كفارا ويتم قتلهم والتمثيل بجثثهم في صورة دموية قد لا نراها في غابة, ثم يزداد الأمر سوءا حينما نجد رئيس الجمهورية يلوح مهددا معارضيه بتطبيق القانون العسكري عليهم وهم مدنيون في لهجة كلها عنف وتهديد!. محصلة كل ما سبق الدماء والعنف الموجود في الشارع ولغة الدم لن تؤدي الي استقرار أو ديمقراطية, شيء مؤسف ان نجد رجالا كبارا كان من المفترض ان يكونوا قدوة للشباب وأكثر عقلانية هم من يتبنون لغة الدم وفي المقابل الشباب الثائر الذي بحكم مرحلته العمرية ان يكون عنيفا هو في الواقع المسالم, هو وقود المظاهرات هو الذي يدفع الثمن. يؤكد المستشار محمود فوزي( المستشار بمجلس الدولة): حرمة الدم المصري دينا وقانونا فيقول: الحق في الحياة مكفول ويتفرع عنه حقوق اخري منها الحق في سلامة الجسد وحرية التنقل دون ان يتم الاعتداء علي الشخص فهذا مجرم في الدستور والقانون والاديان. من حق كل مواطن ان يتظاهر وحرية التعبير عن الرأي مكفولة طالما انها سلمية لا تتعارض مع حرية غيري وطالما لم تتعرض للمال العام والخاص اي طالما لم تتجاوز, وبالتالي العنف مع الاخر جناية تصنف جريمة جنائية تستوجب العقوبة, وللأسف الجهات التنفيذية لم تقبض علي مرتكبيها وتقدمهم للعدالة ليتم محاكمتهم لانهم تسببوا في اراقة دماء مصرية. دور الدولة والحاكم حفظ النفس والمال واستخدام السلطة المخولة للمسئول لكي يطبق القانون علي من يدعو ويحرض علي العنف والدم, واريد ان اؤكد ايضا ان اي سلطة في العالم اذا لم تجد رأيا عاما قويا يقوم بتقويمها وتوجيهها اذا اخطأت فسوف تستبد, والغريب ان معظم ميادين مصر بها كاميرات مراقبة فلماذا لا يتم القبض علي البلطجية والمجرمين ؟. ان ما يحدث الان هو انفلات غير مسبوق فمنذ متي والمسلم يقتص لنفسه بنفسه فهذا تعبير عن غياب دور الدولة كما هو في نفس الوقت يعكس انفلات الفتاوي الموجود في الخطاب الديني والذي انعكس علي العنف في الشارع وهنا لابد من تجريم مثل هذه الخطابات التكفيرية المحرضة علي القتل والكراهية. هناك قضايا كثيرة ضد اصحاب هذه الخطابات التكفيرية لابد من النظر فيها بكل جدية وتجريمها ومحاسبة الاعلام الذي يسمح ببث مثل هذه الخطب ومحاسبته وتوقيع غرامات كبيرة عليه وفقا للقانون خاصة ان مثل هذا الاعلام يبحث عن الاثارة وهو احد اسباب اراقة الدم في الشارع. لابد من معاقبة كل من يدعو او يساعد علي بث الكراهية والتمييز بين المصريين وتصنيفهم رغم اننا نمر بمرحلة دقيقة في تاريخ الوطن تحتاج للانضباط وعدم التفريق بين ابناء الشعب الواحد. يري الدكتور صفوت العالم( استاذ الاعلام بجامعة القاهرة) ان استباحة دماء المصريين سببه الكثير من الممارسات الدعائية الخاطئة علي المستوي السياسي أو في الخطاب الديني وبالتالي نحن بحاجة لتعلم ثقافة الاختلاف وتجنب الحده في الخطاب السياسي والديني وان نتعلم كيف نجري حوارا دون اللجوء للعنف والتهديد. وكما نري جيل الوسط والكبار لا يتحمل الاختلاف في الرأي ماذا تركنا للجيل القادم من الشباب بصراحة هذا الجيل معذور انه يدفع ثمن اخطاء الكبار ولا يجد القدوة. حدة الخطاب الموجودة في الاعلام اثرت علي سلوكيات عامة الناس, نحن بحاجة لمقاومة هذه الأمراض وان نعترف بالاخطاء وان نعدل من هذه السلوكيات. لابد للاعلام ان يراجع ادواره الخطاب, اللهجة, اللفظ, الضيوف, احترام الرأي والرأي الاخر, اتاحة الفرصه لكل الآراء التزام المهنية التي تنبذ العنف والتمييز لضيف علي حساب ضيف اخر. تقول الدكتورة هدي زكريا( استاذ الاجتماع السياسي باداب الزقازيق): مؤشرات العنف والدم كانت موجودة من قبل في المشهد, و ستظل طالما ان هناك تجاهلا مستمرا وعدم احترام لارادة هذا الشعب والايمان بان الذي يحرك مصر هو شعبها والخائبون هم الموجودون علي المنصات وامام الميكروفونات.