شبعنا مليونات وسئمناها, وتجرعنا وطنيات وعنتريات, وأغطشنا نهارنا, وسودنا سماءنا, فهل أفقنا وانتفضنا من تواهاننا وضياعنا, وانتبهنا لمصدر وجودنا, رزقنا, كياننا نيلنا!! لقد جربنا وعركنا كل تجمع سياسي وإنقاذي, وما وصلنا لشيء سوي نسيان بلدنا, وطننا,, أمننا, واقتصادنا, وتعرينا أمام العالم, سمعة وتاريخا وكيانا. وتهنا بين جبهات تمرد, تجرد, وضمير غير حي, حتي هانت مصرنا علينا أولا, فهانت علي العالم بالتالي, ولم تعد مصر كما يظن البعض لا فجر الحضارة ولا ضمير الإنسانية, ولا محررة إفريقيا, ولا هبة النيل!! تكالبنا علي أنفسنا فتكالب علينا الآخرون, حتي جيراننا أشقاؤنا, من شربنا معهم من مصدر واحد ونيل واحد, دول حوض النيل, فإذا كانت مصر هبة النيل, فها هو النيل يوشك أن يضيع منا, شريان الحياة ومصدرها, أوشك أن يضمحل, بل أوشك أن يتقطع, وعليه ودونه, فلا كانت مصر ولا كان المصريون, ولا بشر ولا زرع, ولا ضرع لا قدر الله, روحنا تنزع منا ونحن نتشاجر ونتعارك, فهلا أفقنا واستفقنا, وانتبهنا لما يحاك بنا, يحاك بنيلنا مصدر حياتنا, ومقوم معيشتنا ونهضتنا, باني حضارتنا مصريتنا وإنسانيتنا. فتعالوا نصحو وننهض وننحي جانبا تمرد وتجرد, فنتمرد علي غفوتنا, وننشط صحوتنا, وننعش إفاقتنا, فيعود لنا عقلنا وفكرنا وانتباهنا. ان مصر هبة النيل تحتاج منا اليوم تضافرا قويا, وتماسكا عفيا, ونسيان الأيام والشهور, والتفرغ لبنائها, والسعي من أجلها بكل ما أوتينا من قوة وعزم, وروح وطاقة. نيلنا هو كل قلب ينبض, وكل عرق ينفض, فلا كنا ولا كانت مصر إذ لم يكن نيلنا, شامخا أبيا مستمرا, دائم العطاء, مأمول الرخاء. هيا بنا نعمل الفكر ونرشد العقل, فنشكل لجنة وطنية عليا تدير الأزمة, ونتفاهم مع إخواننا في إثيوبيا, أشقاء حوض النيل.. لجنة مختارة تضم أبرز متخصصينا وخبرائنا ومفكرينا وحكمائنا, لجنة وطنية عليا لها كل السلطات والاختصاصات والصلاحيات, ذات مهام واضحة تدرس وتدير الأزمة,, وتكون موضوعية مستقرة ودائمة, مع تأكيد الروابط والعلاقات المصلحية المشتركة, بيننا وبين إفريقيا التي تعيش أمل الصحوة ودول حوض النيل خاصة, وأولاها إثيوبيا الجار في المنبع والمصير. فمصر أولا, والنيل أولا وثانيا, وكلنا بمختلف انتماءاتنا عشنا علي أرضها وشربنا من نيلها وتنسمنا هواءها, وأكلنا زرعها, ورضعنا ضرعها ونيلها, فلا أقل من أن نذود عنها, ونموت إخلاصا لها ولنيلنا. د. فؤاد كامل ممتاز الجيزة