في ظل الصراع بين القوي والتيارات السياسية, والذي أحدث حالة من الإنقسام في الوطن, حمل علماء الدين مسئولية ما يحدث في مصر حاليا للحكومة والمعارضة ولجميع القوي والتيارات والأحزاب السياسية التي تسعي لتحقيق أهداف ومصالح شخصية, دون النظر لمصلحة البلاد. وطالب العلماء الحكومة بتقديم تنازلات وحلول واقعية للمشاكل التي يعانيها المواطنون, كما طالبوا الحكومة بضرورة الاعتراف بالأخطاء التي وقعت في الفترة الماضية سواء فيما يخص اختيار القيادات في الجهاز الإداري للدولة أو في مواجهة الأزمات التي تمس حياة جموع المواطنين, كما وجه العلماء اللوم للمعارضة التي لم تقدم البديل أو الحلول الواقعية لمشاكل الناس. كما حذر العلماء من خطورة سعي كل طرف لفرض رأيه سواء بالتمكين لنفسه أو إقصاء الآخر,لأن ذلك يهدد مستقبل البلاد, فالجميع شركاء في الوطن ولن يستطيع طرف أن يقصي الطرف الآخر, والحل الوحيد للخروج من الأزمة الراهنة يتمثل في المصالحة الوطنية والحوار والتوافق علي برنامج عمل وطني تلتزم به جميع القوي والتيارات السياسية, وتكون جميع القوي طرفا في تنفيذ هذا البرنامج. برنامج عمل وطني وقال الدكتور محمد نجيب عوضين أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة, إن الحل الوحيد للخروج من الأزمة الراهنة يتمثل في وضع خطة وبرنامج وطني من جانب القوي والتيارات السياسية بهدف الارتقاء بالبلاد وتجاوز الأزمات الراهنة, وطالب القائمين علي الحكم بضروة الاعتراف بالأخطاء, سواء في اختيار الكفاءات أو مواجهة الأزمات, كما طالب الأطياف الأخري من المعارضة بضرورة العمل علي تقديم البديل والحلول الواقعية لهذه الأزمات, لأن هذه القوي تستنجد بغيرها لتغيير الأوضاع, وهذا لا يعطيها مصداقية في المجتمع, لأن الغالبية العظمي من أبناء الوطن لا يلتفتون إلي هذا الزخم السياسي, لأن هؤلاء باحثون عن الاستقرار وعن قوت حياتهم, وبالتالي فليس هناك حل إلا تنازل كل طرف عن غاياته سواء كان بالتمكين لنفسه أو إقصاء الآخر, وهذا لابد أن يكون واضحا أمام جميع القوي والتيارات السياسية وأمام الحكومة والمعارضة, فأما الالتقاء عند نقاط مشتركة, وهذا أفضل حل سياسي, وإلا فالكل خاسر, وطالما أن جميع القوي والتيارات السياسية تريد مصلحة البلاد وتتخذ من المواقف السياسية ما تري أنه يحقق الخير لمصر, فلابد أن يستمع كل طرف للآخر, وأن يعترف الجميع بالأخطاء التي وقعت في الفترة الماضية, وهنا تكون بداية التفكير في كيفية الخروج من الأزمة, ووضع خطة لمستقبل البلاد, بالطريقة التي يتفق عليها الجميع, ولابد أن تخرج القوي السياسية للمواطن المصري وتعيد له الثقة, ويتم طرح ما تم الاتفاق عليه أمام الناس, بدلا من حالة القلق والانقسام والترقب التي تسود الشارع المصري حاليا التوافق ضرورة وشدد علماء الدين علي ضرورة أن يكون الحوار بين القوي والتيارات السياسية من أجل التوافق وليس غير ذلك, لأن تمسك كل طرف برأيه يضر بمستقبل البلاد, وقال الدكتور محمد أبو هاشم عميد كلية أصول الدين بالزقازيق أن مصر في هذه الظروف الصعبة تحتاج لتوحيد الصف والتوافق, ولذلك علي الجميع أن يقدم تنازلات, ووجه نداء للحكومة والمعارضة بضرورة تقديم تنازلات وحلول واقعية للخروج من الأزمة الراهنة التي تمر بها مصر حاليا, ولابد أن تكون البداية من جانب الرئاسة, فمصر لا تستحق هذا الهوان الذي تعيش فيه, ولم يكن يخطرعلي بال أحد أن تصل مصر لهذه المرحلة, لدرجة أن البعض أصبح يتندرعلي ما تمر به مصر من أحداث, والمسئولية هنا تقع علي الجميع, فالحكومة تتحمل المسئولية والمعارضة كذلك, والحل الوحيد أن يقدم كل منهما تنازلات لصالح الوطن, لأنه لو تمسك كل طرف برأيه, فلن يغفر الشعب لأحد, والخاسر الوحيد في هذه الحالة هي مصر فلابد من تغليب مصلحة الوطن فوق المصالح الشخصية, حتي تخرج مصر من هذا النفق المظلم. المصالحة الوطنية وناشد الدكتورعطية فياض أستاذ الفقه جامعة الأزهر جميع القوي والأحزاب والتيارات السياسية بضرورة الاستجابة لدعوة رئيس الجمهورية والتي أعلن فيها عن ترحيبه بلقاء الجميع والذهاب إليهم من أجل مصلحة الوطن, وهذه الدعوة لابد أن تنال كل تقدير من القوي السياسية, لأنها صدرت من جانب القائمين علي الحكم, وبالتالي فإن التعامل معها يكون ضروريا, لنقل وجهات النظر وكل ما يعاني منه الشعب من أزمات لصاحب القرار, فالجلوس علي مائدة الحوار مع رئيس الجمهورية يعد من الأمور المهمة التي لابد أن تحرص عليها جميع القوي. مشيرا إلي أن المصالحة الوطنية في مثل هذه الظروف تعد ضرورة وواجب لحقن الدماء وتحقيق طموحات المواطنين, فكل القوي الوطنية تريد مصلحة البلاد, ولديها حلول للمشاكل, لكن الأزمة هنا في الخلاف والشقاق بين هذه القوي, وبالتالي فالمصالحة الوطنية ولقاء شركاء الوطن وفرقاء السياسة علي مائدة واحدة لمناقشة أزمات الوطن أمر هام للغاية, ويجب علي المعارضة أن تستجيب لهذه الدعوة, وأن يضع كل طرف وجهة نظره التي قد تختلف مع الآخر لكنها قد تتكامل مع وجهات نظر أخري وفي النهاية يصل الجميع إلي نقاط مشتركة تكون بداية لانطلاق الوطن نحو المستقبل المشرق, وغير ذلك يدخل البلاد في فوضي عارمة تقضي علي الآخر واليابس, ولو حدث ذلك فالمستفيد الوحيد هو أبناء الثورة المضادة التي تسعي لإعادة إنتاج الظلم والاستبداد والفساد, كما أن أعداء مصر يراهنون اليوم علي الخلاف الذي يقع بين القوي السياسية ويرون أنه كفيل لتحقيق أهدافهم وأن تظل مصر في مرحلة عدم إستقرار. لا تنازعوا وأوضح علماء الدين أن الخلاف الذي يحدث بين القوي والتيارات السياسية في الوقت الحالي, أصبح كارثة تهدد مستقبل هذا الوطن الذي ناضل من أجل العيش والحرية والعدالة والكرامة الإنسانية, وقال الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه جامعة الأزهر إنه لا ينبغي أن يغيب عن أذهاننا, أن هذا الوطن روي ثراه فيض من الدماء الزكية ليعلو وينهض, وفاضت أرواح طاهرة وما زالت تفيض لتفدي أهله من أن يتعرض لسوء أو يعود إلي الوراء, وأيا ما كان اختلاف الرؤي بين القوي والتيارات السياسية, فلا ينبغي أن تكون سببا في الفرقة والتشرذم, فالحق سبحانه وتعالي يقولس ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم, كما دعا هؤلاء المختلفين للاعتصام بحبله المتين, فقال تعالي ز واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا, وقال جل شأنه ذما للنزاع والفرقة ز ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم, وقال الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم ز لا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا, المسلم أخو المسلم, لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره, التقوي ههنا, وأشار إلي صدره ثلاث مرات, بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم, كل المسلم علي المسلم حرام دمه وماله وعرضه ز, فهذه النصوص الجامعة البليغة تخاطب من يعدون العدة للتظاهر, وتأمرهم بما ورد فيها, من حرمة ظلم الإنسان لأخيه, وحرمة التنازع والخلاف والشقاق, وكل ما يقطع أواصر الأخوة والترابط بين أفراد المجتمع.