عندما يتعلق الأمر بضم ونهب المزيد من الأراضي وتنفيذ مخططات تهويد القدس ومحو هويتها العربية, لا تتواني سلطات الاحتلال في أي لحظة في استغلال أي فرصة لإصدار قوانين وتشريعات غير مبررة أو حتي تستند للمنطق. وقد برز علي السطح مؤخرا قانون' أملاك الغائبين' الذي يتيح لإسرائيل مصادرة أملاك الفلسطينيين في القدسالشرقية, وذلك بعد فتوي المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية يهودا فاينشتاين, حيث قال أن أملاكا موجودة في القدسالشرقية وتعود إلي سكان الضفة الغربية ستعتبر أملاك غائبين ومن ثم فهي تابعة بشكل أو بآخر إلي الدولة الإسرائيلية. ووفقا للقانون الذي صدر عام1950, والذي صدر في الأساس بهدف تقنين الاستيلاء علي أراضي المهجرين واللاجئين عقب نكبة1948, ويعرف ايضا باسم الحاضر الغائب, فإن كل شخص يمكث بدولة معادية أو أرض خارج سيطرة إسرائيل يعد غائبا ومن ثم تنتقل أملاكه إلي سيطرة حارس أملاك الغائبين', والغريب أن تل ابيب تعتبر الفلسطيني غائبا حتي وإن لم يغادر منزله لكن شاء حظه العثر أن جدار الفصل العنصري أخرجه وبالتالي تم إعتباره غائبا, كما أنه يتحدث عن أشخاص يقطنون في مناطق تخضع للسيطرة العسكرية الإسرائيلية بموجب قانون لا يستند إلي أي منطق. والمخاوف هنا أن القانون سيطبق علي عدد يتراوح بين100 و120 ألف مقدسي يقطنون خلف جدار الفصل العنصري سيفقدون هوياتهم وإقامتهم وحتي أملاكهم بالقدسالمحتلة. والأمثلة هنا كثيرة وتعتبر عائلة' عياد' أكثرها فجاجة فهم يملكون فندق يدعي' كليف' يبتعد مسافة200 متر عن موقع إقامة العائلة وبالنسبة لمجلس الحدود الإسرائيلية فإن الفندق يقع في المنطقة التابعة لدولة الإحتلال وبالتالي تم إعلان العائلة غائبين ونقلت ملكية الفندق للحكومة. ومع غض الطرف الدولي واتباع سياسة الدبلوماسية الهادئة فيما يتعلق بأي انتقادات توجه لسلسلة طويلة منظمة ومعقدة في ذات الوقت لإجراءات استيطانية لتغييرالوضع علي الأرض, فنجد مصادرة لأرض وأملاك هنا وقطع لأشجار هناك, فإنه أصبح من السهل جدا إختلاق الأعذار وحتي اختراع القوانين لتقنين تلك الأوضاع. وبهذه الطريقة تحول القانون إلي أداة ضغط شرعية أمام المجتمع الدولي. ويري المراقبون أن هذه الإجراءات الإسرائيلية إنما تسعي في الأساس إلي تأسيس واقع جديد يصعب تغييره في حال تم استئناف مفاوضات السلام مع الجانب الفلسطيني وتوصل الطرفان لإتفاق حتي وإن كان أمرا مستبعدا. والحقيقة أن القانون صاحبه جدل كبير في إسرائيل, وإرتبط العمل به مع صعود الحكومات المتطرفة, فمثلا تم منع تطبيقه علي القدسالشرقية عام1968, وعاد إلي واجهة الأحداث عام1977 مع صعود حزب الليكود وتوقف العمل به عام1992 في أثناء تولي إسحاق رابين رئاسة الوزراء ثم يعود مرة أخري بعد تولي رئيس الوزراء المتطرف أرييل شارون الحكومة في2004 وتعرض لانتقادات حادة من أحد القضاة في2005 وصدر قرار في2006 لإلغائه غير أن الدولة قدمت استئنافا ضد القرار. تبدو إسرائيل مصرة علي إتباع أي وسيلة تسود فيها شريعة الغاب لضمان تحقيق أحلامها بتهويد القدس, وبالتالي التحول لواحدة من أكثر الدول المكروهة علي مستوي العالم, بحسب إستطلاع للرأي أجرتها البي بي سي مؤخرا. قانون' أملاك الغائبين' تم تحويله إلي المستوي السياسي, بإنتظار أن يتم عقد جلسة للمحكمة الإسرائيلية العليا في سبتمبر القادم. ولا يعول أي من المعنيين بالقضية علي القانون الإسرائيلي فبالنسبة لهم القرار سيكون ضمن سلسلة قديمة من جرائم الاحتلال ضدهم, وإنما قد يكون هو الأكثر بشاعة, لانه يستهدف أقدس البقاع في الأراضي المحتلة, ولا يتملك أي واحد منهم أن تقوم الحكومة بالذود عنهم حيث أن القرار سيمس العديد من المستوطنات التي أقيمت مستخدمة نفس القانون غير الأخلاقي, وهنا فقط يعرف الفلسطينيون أنه لامكان لحقوق الانسان التي تتباهي بها تل أبيب وكونها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة إذا تعارضت مع ممارسات إسرائيلية عنصرية تسعي لفرض السيطرة علي الأرض.