سيطرت امس حالة من الغضب الشديد علي نواب مجلس الشوري من حزب النور والأحزاب المدنية لمغادرة رئيس مجلس الوزراء قاعة مجلس دون الانتظار لسماع آراء النواب وموقفهم تجاه سد النهضة الامر الذي تسبب في حدوث حالة هياج شديدة داخل المجلس حتي بعد خروج رئيس الوزراء من القاعة, وقد ردد بعض النواب حسبنا الله ونعم الوكيل. وقد اتهم ناجي الشهابي رئيس المجلس بمخالفة اللائحة واعطاء الفرصة لرئيس الوزراء للهروب من مواجهة النواب, وقال إن قضية مياة النيل قضية حياة أو موت, وان هروب قنديل من القاعة بهذا الشكل المهين دليل علي افتقاده لأدني درجات تحمل المسؤلية ودليل علي عدم وجود رؤية واضحة لديه عن كيفية مواجهة هذة الازمة, واكد البعض الآخرعلي ان مغادرة قنديل القاعة دليل علي افتقاده شجاعة مواجهة النواب, وخوفا من انتقاداتهم, وخاصة أن الكثيرين منهم كان سيشن هجوما عنيفا عليه للقصور الواضح في الاداء سواء عندما كان وزيرا للري أو حتي توليه مسئولية الحكومة.وأمام اعتراض النواب علي مغادرة رئيس الوزراء, حاول الدكتور أحمد فهمي رئيس المجلس احتواء الازمة بتاكيد انه لم يخالف اللائحة, وأن وزيري الري والكهرباء سيقومان بالرد علي مناقشات النواب وقال: إن لائحة المجلس لا تلزم رئيس الوزراء بالرد علي المناقشات عقب إلقاء البيان وأنها تحيل البيان إلي اللجان النوعية لإعداد تقارير عنها وعرضها علي المجلس للمناقشة ثم إبلاغ رئيس الوزراء برأي المجلس. ووجه الدكتور عبدالله بدران رئيس الكتلة البرلمانية لحزب النور انتقادات بالغة لبيان الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء وقال أنه لم يتطرق إلي أي حلول أو رؤية للخروج من المأزق وقال ساخرا أنه كان ينبغي عليه أن يشارك الجانب الإثيوبي في احتفالاتهم بتحويل مجري النهر بعد عودة الرئيس من إثيوبيا. وتساءل قائلا: إذا كانت هناك أي اتفاقيات سرية لم يفصح عنها رئيس الوزراء فينبغي أن نعقد جلسة سرية للمجلس لمناقشته فيها. وأضاف أن الشعب المصري يريد معرفة الحقائق بوضوح وشفافية وكان الدكتور أحمد فهمي رئيس المجلس قد استعرض في بداية الجلسة ردود الفعل الغاضبة لدي ملايين المصريين الرافضة لبناء السد وأكد أن القيادة السياسية قادرة علي اجتياز هذه الأزمة بعد أن أكدت أن مياه النيل خط أحمر لا يجوز المساس به تاريخيا وشدد علي أننا سنجتاز الأزمة بروح التعاون والتسامح بين الشعوب. وقال الدكتور هشام في بيان باسم الحكومة أمس أن مصر تحسب خطواتها بدقة ولديها رؤية موضوعية حول هذه القضية وأنها لم ولن تفرط يوما في حقها التاريخي الذي تكفله المواثيق الدولية لها في إطار الحفاظ علي مواردها المائية من نهر النيل. واكد أن صانع القرار المصري لديه خطة واضحة للتحرك هدفها الأساسي هو الحفاظ علي أمن مصر المائي وعدم المساس بأي قطرة من مياه النيل وأوضح أن هناك بدائل عديدة ومتنوعة منها الفنية والدبلوماسية والقانونية وغيرها في إطار التصدي للمخاطر المحتملة من بناء سد النهضة, وشدد علي أن مصر دولة عريقة وستسعي طبقا للإتفاقيات الدولية لحماية شعبها في هذا الإطار. وخلال إلقائه للبيان الذي استغرق نحو45 دقيقة, أوضح الدكتور قنديل أن إنشاء سد النهضة تم بخطوة إحادية الجانب من إثيوبيا في أبريل2011 وأن أثيوبيا مضت في البناء دون تشاور مع الدول الأخري مما كان محلا للقلق الرسمي والشعبي في مصر والسودان, وأشار إلي أن رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل ميليس زيناوي كان قد أكد أنه لن ينقص كوب واحد من مصر, وقال قنديل إن مصر طلبت وقتها الإطلاع علي الدراسات لهذه التصريحات الوردية. واستعرض رئيس مجلس الوزراء أهم النقاط التي وردت بتقرير اللجنة الثلاثية, وأوضح أن هناك قصورا شديدا في دراسات وتصميمات السد وأن المعلومات المتوافرة غير كافية ولا تتناسب مع الدرسات اللازمة لمشروع في حجم سد النهضة مؤكدا أن الدراسات أوضحت أنه في حالة ملء الخزان سيتم التأثير علي مخزون السد العالي مما سيكون لها آثار ومخاطر بالغة لتوفير مياه الري والكهرباء لفترة طويلة فضلا عن عدم وجود درسات وافية لا سيما عند فترات ملء الخزان والفيضان. وشدد الدكتور هشام قنديل علي القلق العميق للجانب المصري وأننا لا نوافق علي البناء علي ضوء المعلومات المتوافرة حاليا الأمر الذي يثير تساؤلات عديدة لابد أن يجيب عنها الجانب الإثيوبي للاستجابة للمتطلبات المصرية, وقال: إنه لأمر مستغرب أن تستمر أثيوبيا في استكمال بناء السد علي الرغم من التحفظات المصرية حول خطورة الموقف الحالي. وأكد أن مصر تؤمن بحق دول حوض النيل في التنمية الشاملة في إطار المنفعة المشتركة بين الدول وأن مصر لديها الاستعداد الكامل لتقديم الدعم الفني لتنمية دول الحوض الشقيقة ولكن لا يمكن أن يتصور أي طرف أن أمن مصر المائي قابل للمساومة أو التنازل عنه ولا سيما أن حصتها لازالت ثابتة منذ عام59 وهي55 مليار متر مكعب وقد زاد عدد سكانها من22 مليون نسمة إلي85 مليونا ومتوقع أن يصل إلي150 مليون نسمة بحلول2050. وأشار إلي أن مصر ستقوم بعدة تحركات دبلوماسية علي المدي القصير مع الجانب السوداني والذي قدم له التحية قيادة وشعبا كما أعلن أن مصر ستقوم بتحركات إعلامية ودولية لبناء موقف حازم وصلب لتوفير المناخ الملائم لعرض القضية دوليا, علاوة علي تشكيل مجموعة العمل الفنية والسياسية والقانونية التي خلص إليها اجتماع الرئيس محمد مرسي مع القوي السياسية. وأكد أن التفاهم والتعاون هما بوابة الإنطلاق المشرق للمستقبل مع دول حوض النيل لتكوين قوة اقتصادية إقليمية لتوفير الرفاهية والاستقرار الاجتماعي لشعوب الحوض. و كانت لجنة الشئون الافريقية بالمجلس قد شددت في تقريرها الذي استعرضه رئيسها علي فتح الباب علي ضرورة مطالبة الجانب الإثيوبي بالتوقف المرحلي التام لأية أعمال في السد لحين تقديم جميع الدراسات المطلوبة من جانب اللجنة الثلاثية, ودراستها والتأكد من عدم وجود أيه مخاطر أو تهديدات لهذا المشروع علي دول المصب السودان و مصر, أو الأنتقاص من حقوقها المائية. ودعا التقرير إلي بدء التفاوض مع اثيوبيا لإنشاء سدود بديلة لسد النهضة, تحقق لها الطاقة الكهربائية اللازمة, و بحيث تكون اكثر امنا واقل سعة. وفي حالة إصرار اثيوبياعلي بناء السد يتم عمل اتفاقية مكتوبة بعد التأكد من سلامة التصميمات, علي أن تتضمن خفض السعة التخزينية للسد وامتداد ملء السد اكبر فترة ممكنة بما لا تقل عن10 سنوات وان تضمن اثيوبيايحال انهيار السد تقديم التعويضات المناسبة للاضرار الناجمة عن ذلك لدولتي المصب. وشدد التقرير علي اسراع وزارة الخارجية في القيام بتحركات دبلوماسية لتوفير رأي عام داعم للجانب المصري من خلال الاممالمتحدة ومجلس الامن و الاتحاد الافريقي. كما دعا التقرير الي ضرورة الضغط علي الدول المانحة والداعمة لاثيوبيا لوقف التمويل المالي المباشر وغير المباشر لانشاء السد لما يمثله من انتهاكات للاتفاقيات والمواثيق الدولية وميثاق الاممالمتحدة. وأكد التقرير ضرورة استمرار التوافق بين الموقف المصري والسوداني في مفاوضات مياه النيل والاستفادة من القدرات السودانية في الثأثير علي موقف الدول الافريقية بالاضافة لتفعيل الاتفاقيات بين مصر ودول القارة الافريقية ولفت التقرير الي أهمية اعادة منصب وزير الدولة للشئون الافريقية والانتباه لتحركات العدو الاسرائيلي في دول حوض النيل داعيا للتعاون المباشر مع دول حوض النيل. وأكد التقرير أنه ينبغي ان تكون كل الخيارات مفتوحة للدفاع عن حقوق مصر المائية باعتبارها امنا قوميا. واستعرض المجلس عدة بيانات من لجانه المختلفة حول أزمة السد ومنها تقرير لجنة الأمن القومي الذي استعرضه الدكتور جمال حشمت وأكد ضرورة عدم التفريط في أي قطرة مياه من النيل,كما استعرض تقارير لجان الصناعة والزراعة وقال الدكتور خالد عودة أن التقرير الذي ألقاه رئيس مجلس الوزراء هو تقرير إنشائي وتنقصه الكثير من المسائل الفنية. كما طالب المهندس السيد حزين رئيس لجنة الزراعة بالمجلس لجنة السلم والأمن بالبرلمانات الأفريقية والعربية بالتدخل لسرعة حل الأزمة سريعا. وقال الدكتور عصام العريان زعيم الأغلبية إن هذه القضية لا تحتاج لمزايدات وحيا القيادة السياسية عن استماعه للجهات كافة رغم أن القضية تعد قضية أمن قومي وهي تخضع لسلطاته منفرد وطالب رجال الأعمال المصريين بإنشاء شركة كبيرة للاستثمار في إفريقيا حتي لو أغضب ذلك بعض الدول مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأكد أن نهر النيل إحدي القضايا التي غفل عنها النظام السابق, مؤكدا أنه ثروة وطنية وينظم القانون وسائل الدفاع عنه وتم استحداث مادة في الدستور الجديد. وقال: أرحب بكل مصري يدلي بدلوه في هذه القضية ومن حقنا أن نغضب وأن نشعر بالخطر وأن نلوم الجميع أيا كان هذا الإنسان إذا لم يقم بدوره والقيادة السياسية أمامها الملف والأدوات كثيرة جدا كما حدث مع قيادة سابقة تفاوضت من أجل طابا. وفي سياق متصل أكد الدكتور نصر فريد واصل أن إثيوبيا تضر بمصالح مصر وطالب مجلس الشوري بإصدار توصية بوقف إنشاء السد ودعت سوزي ناشد أن نهر النيل إلي اللجوء لمحكمة العدل الدولية.