في الوقت الذي يعاني فيه الإسرائيليون من وطأة الإجراءات التقشفية الناجمة عن حتمية سد العجز في الميزاينة وما ترتب علي ذلك من خفض في الإنفاقات الحكومية بقيمة7 مليارات دولار ولدرجة لم تسلم منها حتي المخصصات الدفاعية, فضلا عن تقليص الأجور والرواتب في الدوائر الرسمية والشعبية فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو لا يألو جهدا أو يحمر وجهه خجلا من تضخيم حجم النفقات علي لوازمه المظهرية واحتياجاته الشخصية والأسرية التي وصلت لحد الترف, وهو ما دفع الجماهير الغاضبة للتجمع أمام مقر إقامته الرسمي بالقدس وأمام منزله الخاص في كيساريا احتجاجا علي النفقات المرتفعة له ولعائلته. ويري المواطنون في إسرائيل أن رئيس وزرائهم بات منفصلا عن الواقع المالي المرير الذي تعيشه البلاد الآن, إذ بينما يضطرون للقبول علي مضض بالضعوط والأعباء التي تفرضها ميزانية التقشف علي الأنماط المعيشية لحياتهم اليومية والتي تأثرت بشكل كبير في مجملها بتلك الإجراءات, فإن نيتانياهو في المقابل يزيد من جحم نفقاته المنزلية التي تضاعفت خلال الأعوام الأربعة الماضية بما ذلك إنفاق الآلاف علي تصفيف شعره وماكياجه وأحذيته البراقة وملابسه الأنيقة والتي بلغت قيمة مصروفاتها وحدها18 ألف دولار. والطريف أن صحيفة ديلي تليجراف البريطانيةكشفت في تقرير لها جانبا من بذخ نيتانياهو الذي وصل لحد الإسراف, حيث أشارت إلي أنه أنفق ما إجماليه593 ألف استرليني علي محال إقامته الثلاثة الرسمي بشارع بلفور بالقدس ومنزلين خاصين أحدهما بشارع القيسارية والآخر بشارع غزة بالمدينة نفسها وذلك خلال العام الماضي فقط أي بزيادة بلغت80% عن حجم انفاقاته خلال2009 عقب وصوله لسدة الحكم. كما كشفت الصحيفة أيضا جانبا آخر من أوجه إنفاق نيتانياهو المبالغ فيها التي تمثل إحدها في تركيب سرير له ولزوجته سارة بتكلفة127 ألف دولار علي متن طائرة ركاب برفقة مساعديه وحرسه الخاص, وذلك خلال رحلة طيران استمرت5 ساعات من تل أبيب إلي لندن لحضور جنازة رئيسة الوزراء السابقة مارجريت ثاتشر, وذلك بهدف الراحة التامة. ولا شك أن هذا السلوك النيتانياهي يتسم بأعلي درجات العبث واللامسئولية وبروح الطفولة وسطحية التفكير المتمثلة في حرصه علي توفير حجرة نوم طائرةللزوجين. وأما الأطرف فهو ولع نيتانياهو بتناول المثلجات والآيس كريم, حيث أفادت أنباء في وقت سابق من العام الحالي بأن مكتب رئيس الوزراء يتمتع بميزانية سنوية قيمتها2700 دولار لشراء نكهاته المفضلة من المثلجات لا سيما تلك التي تحتوي علي الفستق من متجر للآيس كريم بالقدس. أما الأكثر طرافة أن الرجل لم يجد غضاغة في التحدث وبصراحة عن عقد تموله الدولة قيمته10 آلاف شيكل لشراء المثلجات سنويا وإحضارها لمقر إقامته الرسمي, وهو ما أثار انتقادات الساسة ودفع مكتب رئيس الوزراء لإلغاء الأموال المخصصة لهذا الجانب مؤخرا. كما بلغ إنفاقه علي الطعام والضيافة خلال العام الحالي88 ألف جنيه استرليني مقارنة ب39 ألفا عام.2009 والجدير بالذكر أن فضيحة نيتانياهو الجديدة لم تأت من قبيل المكاشفة الطوعية والشفافية الإدارية ولكنها جاءت عقب إجبار محكمة إسرائيلية لمكتبه بإصدار تقرير بالنفقات المنزلية لرئيس الحكومة, وهو ما يعني أن رأس هرم السلطة هناك لايتسم بأدني قدر من الشفافية والموضوعية, كما تضيف هذه الحادثة رصيدا جديدا إلي المخزون المتراكم من الفساد وسوء استخدام السلطة بإسرائيل والذي من أبرز إفرازاته ما واجهه إيهود أولمرت, رئيس وزراء إسرائيل السابق, من اتهامات بشأن استغلال المنصب والفساد والكسب غير المشروع, ومنه أيضا ما يواجهه الآن إفيجدور ليبرمان, وزير الخارجية الإسرائيلية السابق, من اتهامات مشابهة. ويأتي ذلك في الوقت الذي, كشف فيه تقرير صادر عن وزارة المالية الإسرائيلية أن17% من سكان إسرائيل دفعوا أكثر من ثلاثة أرباع الضرائب المباشرة في عام2008, في حين انخفضت دخول نحو نصف إجمالي عدد الإسرائيليين لتقع تحت عتبة ضريبة الدخل. وأما الأنكأ فهو تقرير منظمة التعاون والتنمية الدولي الذي أشار إلي أن إسرائيل من أفقر دول العالم المتقدم, حيث يبلغ معدل الفقر بين سكانها9,20%, متجاوزا بذلك معدلاته بالمكسيك التي لم يتعد سقفه بها حاجز4,20%, كما أضاف التقرير الذي نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن الدولة العبرية احتلت المرتبة الخامسة بين دول العالم المتقدم التي تعاني من التفاوت في الدخل, وهو ما يتناقض تماما مع فكرة المساواة واللاطبقية التي تتباهي بها الأوساط الإسرائيلية, وببساطة وفي النهاية فإن نيتانياهو يحمل الفقراء وأفراد الطبقة الوسطي فاتورة ترفه ورفاهيته.