رغم أن ثلث الأسر المصرية تعولهم امرأة إلا أن بطالة النساء تجاوزت ضعف بطالة الرجال, وذلك حسب ما جاء في تقرير منظمة العمل العربية حول البطالة في مصر والدول العربية. . فماذا عن تفسير هذه المعادلة؟.. وماهي أسباب بطالة النساء في مصر؟.. وما السبل للحد منها؟.. الخبراء والمختصون يردون علي هذه التساؤلات في السطور التالية: بداية يوضح د.رأفت رضوان أمين عام الاتحاد العربي لتكنولوجيا المعلومات ورئيس هيئة محو الأمية السابق قائلا: حجم قوة العمل في مصر حوالي28 مليونا من سن15 إلي64 وهؤلاء ثلاثة أرباعهم ذكور, أي21 مليونا والربع الآخر إناث أي7 ملايين, ومن هذا العدد الذي يمثل قوة العمل هناك ثلاثة ونصف مليون متعطل, واحد ونصف مليون منهم من الإناث و2مليون من الذكور.. ونسبة الإناث هذه( واحد ونصف مليون) تمثل حوالي22% من حجم قوة العمل من الإناث(7 ملايين), وبالتالي تمثل نسبة الذكور(2مليون) حوالي10% من حجم قوة العمل من الذكور(21 مليونا), وذلك بناء علي تقرير لمنظمة العمل العربية صدر مؤخرا, والذي أفاد بأن نسبة البطالة بين الإناث أكثر من ضعف نسبة البطالة بين الذكور, وهذه الإحصائية تنطبق علي معظم الدول العربية, وتفيد أيضا أن أكثر نسبة تشغيل للنساء- حسب الترتيب التنازلي- هي لبنان ثم الأردن ثم فلسطين ثم السودان ثم المغرب ثم الكويت ثم تونس ثم مصر ثم سوريا ثم العراق ثم السعودية ثم قطر ثم اليمن.. أي أن مصر تقع في المرتبة الثامنة من بين22 دولة عربية بالنسبة لتشغيل النساء. ويبرر د.رضوان أسباب بطالة النساء بأن هناك حوالي50% منهن غير راغبات في العمل, ويقول: هذه النسبة نضعها في الاعتبار عند عمل حسبة بطالة النساء, ومن ضمن الأسباب أيضا التعليم الذي لايلبي احتياجات سوق العمل, وينفي أن تكون نسبة الأمية الكبيرة بين النساء هي السبب الرئيسي في البطالة كما يظن البعض, ومن الممكن- كما يقول- أن تكون عاملا ثانويا وليس أساسيا, حيث إن نسبة البطالة بين الأميين4%, ونسبة البطالة بين المتعلمين الحاصلين علي مؤهلات عليا22%.. وبشكل عام نسبة البطالة من الجامعيين إلي نسبة البطالة من الأمييين4.7, بمعني أن كل خمسة جامعيين متعطلون يقابلهم واحد فقط أمي متعطل لأن الأميين لايملكون رفاهية التعطل لأنهم غالبا من الفقراء لذلك يقبلون بأي عمل. ويفسر أمين عام الاتحاد العربي لتكنولوجيا المعلومات علاقة عمل المرأة المعيلة وتحملها مسؤلية ثلث الأسر المصرية بتزايد البطالة النسائية قائلا: لأن المرأة المعيلة تقبل أي عمل حتي تلبي احتياجات من تعولهم, فهي لا تقبل بالتعطل, ولذا فليس هناك بطالة للمرأة المعيلة. وتؤكد د.كريمة الحفناوي الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري وعضو الجبهة الوطنية لنساء مصر أن المرأة المعيلة خرجت للعمل وزادت نسبة هؤلاء النساء نتيجة ماحدث في الفترة الأخيرة من غلق مصانع وخروج عدد كبير من الرجال العاملين نتيجة الخصخصة وخروج عدد كبير أيضا معاش مبكر مع عودة أغلب العاملين في الخارج نتيجة لأي ظروف حدثت في تلك البلاد.. وتبررأساب ضعف بطالة النساء لبطالة الرجال في مصر بأنه شيء طبيعي في مجتمع ذكوري يتجني علي المرأة في كل شيء, وتضيف: هناك اضطهاد للمرأة في العمل, وقانون العمل الذي يسوي بين الرجل والمرأة قولا وشكلا فقط ولكن فعلا لم يحدث, وعلي سبيل المثال لو أن هناك فرصة عمل وتقدم إليها رجل وامراة يفضلون الرجل حتي ولو كانت هذه المرأة أكثر كفاءة منه في هذا المجال وهكذا.. وتعد الخصخصة أيضا من أسباب بطالة النساء, أي أن هناك عاملين في الدولة يخرجون من ماتمت خصخصته بدرجة مدير عام مثلا وهذا ينظر إليه علي أنه صاحب خبرة خاصة أنه من الممكن أن يقبل أي مرتب ولو منخفض كثيرا عن ماكان يتقاضاه من قبل فهنا أيضا يحظي بفرصة العمل والتي تضيع بالطبع علي المرأة.. وهكذا, وكذلك الأمية والتي تعد من أهم الأسباب من وجهة نظري. وتري الحفناوي أن حل مشكلة بطالة النساء في يد الدولة نفسها بفتح المصانع التي أغلقت وعمل مشروعات قومية في الزراعة والصناعة تستوعب الأيدي العاملة من الرجال والنساء وتهتم بالقري بإنشاء مشروعات بيئية بها تتناسب مع بيئة المكان وخاماته وتمنحها ما تحتاجه من تمويل وتدريب العمالة, كما يجب مساعدة ودعم المرأة المتعطلة وتوفير فرص عمل لها من قبل منظمات المجتمع المدني والمنظمات النسائية والحقوقية, ومطلوب من المجتمع ككل أن يرفع من شأن المرأة ويعطيها حقوقها كاملة. وتحلل د.يمن الحماقي أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس ووكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشوري الأسبق ظاهرة ارتفاع بطالة النساء قائلة: هناك تجن علي المشاركة الاقتصادية للمرأة المصرية منذ سنوات, وهي من أضعف المعدلات في العالم مثلها مثل المرأة العربية بشكل عام, وهذا يعني أن لدينا ثروات بشرية وطاقات معطلة ولا نحسن استثمارها.. وبتحليل المشاركة الاقتصادية للمرأة المصرية نجدها علي سبيل المثال تتمثل في القطاع الزراعي مع زوجها أو أبيها أو أخيها تعمل ولكن بدون أجر, وهذا يعني عدم تكافؤ وعدم عدالة في توزيع الدخل, حيث يتوجب علي من يشغلها حتي ولو كان يعولها أن يعطيها أجرها.. وفي مجال الصناعة والملابس الجاهزة نجد أيضا أن المرأة تتقاضي أجرا أقل من أجر الرجل رغم أنهما يقومان بنفس العمل, وهذا في القطاع الخاص, وكم طالبنا بخطة واضحة لتحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة المصرية حيث إن المشروعات الصغيرة لاتتعدي نسبتها12% ولكن المتناهية في الصغر نسبتها عالية, والصندوق الاجتماعي من أكثر الهيئات الممولة لهذه المشروعات بنسبة تقدر بحوالي52%. وتؤكد الحماقي أن بند فقر القدرات للمرأة مثل أميتها وعدم تعليمها وعدم تدريبها وحالتها الصحية الضعيفة, كل ذلك يقلل من فرصتها للحصول علي فرصة عمل ودخل. وللحد من بطالة النساء تقترح أستاذة الاقتصاد تفعيل الإقراض للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر وتنشيط الحضانات الصغيرة والتي تعني استيعاب المشروعات الصغيرة حتي تقوي وتخرج لسوق العمل بإنتاج ملموس وكذلك التشجيع علي التصنيع للغير كشغل الإبرة مع تقديم الخدمات غير المالية كالتدريب ودراسة الجدوي وكيفية اتخاذ القرار لتنمية قدرات هؤلاء النساء. ويطالب فاروق سكر الأمين العام للاتحاد النوعي للأسرة والطفولة والأمومة بأن يتخلي المجتمع عن هذه النظرة الدونية التي ينظر بها إلي المرأة والتي هي سبب رئيسي في زيادة بطالة النساء علي حد قوله. ويرجع د.رشاد عبد اللطيف استاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان أسباب تزايد بطالة النساء إلي عدة عوامل أهمهازيادة البطالة بين الرجال, وبالتالي لايمكن أن يكون هناك عمل للنساء وترك الشباب بدون عمل في مجتمع ذكوري- علي حد تعبيره- وأيضا حالة الكساد التي تعيشها مصر منذ عامين والغياب الأمني, حيث كان هناك كثير من الأعمال التي تشارك فيها المرأة وانسحبت منها بإرادتها إما خوفا علي نفسها أو لعدم وجود عمل مناسب في ظل هذه الظروف.. وكذلك عدم إلمام النساء بالوسائل والاساليب الحديثة كاللغات والكمبيوتر ويتدخل أيضا عامل العادات والتقاليد, فهناك أعمال كثيرة في المدن الجديدة وشركات القطاع الخاص ولكن لا تقبل عليها المرأة لبعدها عن المسكن وخوفا من المغامرة وحفاظا علي الأسرة. ولمواجهة البطالة يقول استاذ تنظيم المجتمع:علي المرأة أن تبدأ بنفسها بعمل داخل المنزل كشغل الإبرة والمفروشات وتوريدها للمحلات وتسوق عن طريق الانترنت إذا كانت لديها المقدرة علي ذلك, وأن يكون هناك دور للصندوق الاجتماعي للتنمية وصندوق التنمية المحلية في منح القروض وتخصيص مشروعات خاصة بالمرأة, كمايجب أن يكون هناك اتجاه للدولة أن تعطي المرأة التي بدون عمل أجرا يساوي نصف أجر المرأة التي تعمل, وهنا ستوفر فرص عمل للشباب وتعطي للمرأة فرصة مراعاة أسرتها بشكل أفضل, وعلي المرأة أيضا أن تتشجع ولا تخاف وأن تغامر في المدن الجديدة والمصانع الخاصة, ولذا لابد من تأهيلها من خلال المنظمات النسائية والمجتمع المدني والجامعات والمدارس لكي تستطيع أن تقبل هذه الأعمال والتي توفر لها أجرا جيدا.