لم يعد خافياً ذلك الخطأ الجسيم الذي أرتكبته جميع الأطراف الدوليه والعربيه فيما يتعلق بكارثه إحتلال العراق عام 2003، بدءأً من الولاياتالمتحدة مروراً بالهيئات والمنظمات الدولية التي سوغت لمشروع الإحتلال , وصولاً إلى أطراف العملية السياسية في العراق نفسه .الذين باتوا يجمعون وبدرجات متفاوتة على أن ما حدث كان كارثه ، ليس فقط بالتخلص من صدام حسين , ولكن وتدمير العراق وانهاكه وخدمه أهداف مشروع اقليمى لا تقل نتائجه خطوره عما خلفته اتفاقيه سايكس بيكو فى المنطقه العربيه من العالم ولا يشذ عن هذه القاعدة سوى أن اغلب أطراف العملية السياسية، شركاء في تأجيج الطائفية من أجل مكاسب سياسية. وللإحاطة بما يجري في العراق من حراك شعبي وما يصاحبه من ردود أفعال متباينه ومواقف متناقضه لأطراف العملية السياسية بالداخل العراقى , ولأطراف اخرى من خارجه ، بعد ان اتضح مدى الاستغلال السياسي الطائفى لهذا الحراك الشعبي من خلال ركوب البعض موجة الانتفاضة ومحاولة تأطيرها بأطر الطائفية البغيضة . وقد أتسمت حقبة ما بعد احتلال العراق عام 2003 بظاهرة نشوء عدد كبير من الأحزاب العلمانية والدينية أسسها وشارك فيها المناوؤنللنظام البعثى قبل الاحتلال , والذين خرجوا من العراق لأسباب كثيرة من بينها القوانين العاملة آنذاك التي تمنع منعاً باتاً تأسيس أي حزب خارج الأطر الوطنية والقومية التي يؤمن بها حزب البعث العربي الأشتراكي، والبعض الآخر ممن يحمل أفكارا ديمقراطية تتناقض وسياسات الحزب الواحد مما جعلهم عرضة للاعتقال في كثير من الأحيان، وهناك الكثير ين ممن تركوا العراق بحثاً عن الحرية كما تصوروها , وكانت مبادئهم مناهضه للمشروع الوطنى العراقى الذى قاده الرئيس السابق صدام حسين , فان عدد ا قليلا من هذه الأحزاب التي شكلت ما سمي "مجلس الحكم" إبان ولاية بول بريمر أستمرت بوتيرة ثابتة في قدرتها على كسب الشارع العراقي بسبب امكانيتها في اقناع بعض شرائح المجتمع العراقي طائفياً، وذلك من خلال لبسها لعباءة الدين، وتتجلى هذه الحقيقة في الانتخابات التي اعقبت احتلال العراق، عندما شكل الاستقطاب الطائفي أبرز سمات تلك المرحلة، حتى بات صعبا على الاحزاب العلمانية مجاراة منافساتها من الاحزاب الاسلامية، مما جعل الطائفية الورقة الرابحة لكل السياسيين في العراق المحتل. أما الأحزاب العلمانية التي أنخرطت في المشروع الديمقراطي الأمريكي قد واجهت تحديات جمة في عملية الحفاظ ليس فقط على تواجدها بين الأوساط الشعبية، وإنما في محاولتها لكبح انتقال أعضائها إلى أحزاب إسلامية تستغل الدين لتمرير مشاريعها السياسية. و ليس من الغريب القول بأن معظم الأحزاب الضالعة في العملية السياسية تحصل على الدعم ليس من الشعب العراقي، وإنما من بعض دول الجوار أو الدول التي حشدت لاحتلال العراق، و ليس سراً أن بعض دول الجوار دربت عدداً من العراقيين قبل الاحتلال في سعيها لاستثمار مرحله ما بعد الاحتلال ، وهم من تسلموا اليوم حكم العراق لاحقا كما نرى الان ، وربما يكون هذا هو السبب الرئيسي في وصول العراق إلى هذه الحالة من الاحتراب الطائفي والتشرذم الداخلي بسبب تقاطع أهدافهم تبعاً لإختلاف مرجعياتهم الدولية. ولا وجه للخلاف على أن ما يجري الان هو تنفيذ لمخططات خارجية أو اقليمية تحت غطاء عملية سياسية مشوهة أريد لها أن تكون الوسيلة لتحطيم العراق واعادته إلى قرون التخلف والعبودية، ولا تخرج الاحداث الدامية الأخيرة عن إطار تلك الخطط التي تريد للعراق أن يبقى ضعيفاً ممزقا في محيطه العربي والاقليمي. لقد غابت الكثير من المفاهيم الوطنية في عراق ما بعد 2003، وحلت محلها بقوة المفاهيم الطائفية بعد أن حشدت الاحزاب الأسلامية – على اختلاف مرجعياتها - كل طاقاتها لاستقطاب الأصوات طائفياً، وهذا بالضبط ما جاء به الدستور الجديد عندما أسس للمحاصصة الطائفية في عملية حكم البلاد، فأصبح من الصعب تجاوز هذا المفهوم مما فاقم اشكاليات البحث عن حلول حقيقية لما يمر به العراق من فرقة وتشتت، كذلك أصبح من الصعب على هذه الأحزاب الدخول إلى الانتخابات دون إراقة الدماء من طرفي المعادلة (الشيعة والسنة) في سبيل تأمين فوزهم بالرغم من مقاطعة شريحة واسعة من الشعب لهذه الانتخابات. ولا مرجعيه لما يجري من تفجيرات دامية تحصد دماء العشرا ت يوميا الا الفوضى وتبادل الاتهامات بين السياسيين انفسهم، رغم اصرار رئيس الوزراء نوري المالكي على توجيه اتهامه الى البعثيين والتكفيريين والارهابيين، وهو ما لم يستطع اثباته بالرغم من الاعتقالات العشوائية لمئات العراقيين ، ومن ثم اعدامهم حتى بات العراق يتصدر قائمة أكثر الدول المنفذة للاعدامات بالرغم من المناشدات الدولية لوقفها، ومع ذلك تزداد معدلات العمليات الارهابيه والتفجيرات بوتيرة متصاعدة بالتزامن مع تعزيز الاجراءات الأمنية. ،ومن هنا وببساطة يقتنع المواطن العراقي اليوم بأن هذه الأحزاب باتت تعتاش أو تدمن على دمائه، وبالرغم من إيمان الشعب بأن الخلاص يكمن في التخلص منها ومن العملية السياسية، إلا أن بعضه مجبر على المشاركة في الانتخابات لاقتناعه بإنها سبب كل ما يجري من إرهاب وترويع، بل ويتمنى الاسراع بإجرائها حتى ولو كان قبل موعدها المحدد في العام القادم من أجل التخلص من هذه الفوضى.
وهنا يمكن القول بأن الانتفاضة الشعبية و التظاهرات المناوئه للعملية السياسية قد أثبتت صحة مسار مشروع المقاومة الذي بدأ منذ أول يوم من احتلال العراق، وما الاتهامات التي وجهت للمتظاهرين من قبل الحكومة العراقية إلا دليل على فعلها المؤثر على الأرض، فقد ظهر المالكي مرات عديدة وهو يتوعد المتظاهرين بالقمع وتوجيه الاتهام لهم بالطائفية، بينما أستغل الحزب الاسلامي هذا الاحتقان وطرح مشروعه التقسيمي المسمى (الاقليم السني) الذي أثار غضب المتظاهرين بسبب تقاطعه مع مطالبهم، وهو ما اضعف دور الحزب الاسلامي وبعض رجالات الدين الذين ركبوا موجة الطائفية هذه للتأثير على الانتفاضة من خلال رفعهم للشعارات الطائفية، ولكن المتظاهرين ما زالوا على موقفهم من رفض أي مشروع يصب في المحاصصة الطائفية التي أوجدها المحتل حتى الان رغم محاولات اختراق صفوفهم بالمذهب أو المعتقد من قبل زعماء الطائفيه . الذين يلعبون على وتر واحد، فالطرفان يدفعان باتجاه التأجيج الطائفي من خلال توجيه الاتهامات المتبادلة باستهداف مكون طائفي معين، كذلك الاتهام المتبادل بتنفيذ مخططات اقليمية أما إيرانية أو خليجية، بينما يستمر أصحاب مشروع الانتفاضة الحقيقيون بالتمركز في ساحات الاعتصام بالرغم من تهديدات القوات الأمنية بالهجوم على الساحات كما حصل في ساحة أعتصام مدينة الحويجة والذي راح ضحيته أكثر من مائة قتيل ومئات الجرحى، ما أدى إلى احتقان شعبي دفع بالبعض لحمل السلاح للدفاع عن ساحات الاعتصام. وبعيدا عن ما يروجه الإعلام فإن معظم من خرج محتجا أو متظاهرا هو واحد من الباحثين عن الأمن والأمان والمطالبين باطلاق سراح المعتقلين من السجون وأيقاف الاعدامات العشوائية واطلاق سراح النساء السجينات من السجون السرية والعلنية، الى أن بلغت الاحتجاجات مداها حتى وصلت إلى المطالبه باسقاط العملية السياسية التى خلفها الاحتلال الامريكى بالكامل, وهو الهدف الذى تعلنه كتائب المقاومه العربيه فى العراق بقياده الشيخ عزه ابراهيم نائب الرئيس العراقى السابق صدام حسين وأمين عام حزب اليعث , الذى يتشبث بموقفه منذ اليوم التالى للاحتلال الامريكى للعراق , وهو رفض كل ما نتج عن غزو بغداد حتى لو تحررت من الأمريكان . [email protected] لمزيد من مقالات ابراهيم سنجاب