هذا مكان له خصوصية وتاريخ وجغرافيا مختلفة, احترف أهله الطرب والرقص, منذ أنشأ حسب الله الأول فرقته, مع سنية كسارة وزوبة الكلوباتية. في شارع محمد علي.. عالم يأسرك بعتقه, دنيا مشدودة علي أنغام, تتسرب إليك من كل نافذة, وعندما تنعطف ل حارة العوالم لابد أن تستوقفك السير الذاتية لفراشات الرقص الشرقي اللاتي خرجن من هنا: سهير زكي وفيفي عبده ولوسي.. وغني حمص وحلاوة و رشدي وعدوية والحلو والأسمر وحمودة وآخرون. لوحات فنية ساخنة انتصبت في وجه الزمن, قبل أن تزيحها تجارة الأثاث والرخام والموبايلات. تغير إيقاع العالم ومزاج الخلق, كل حاجة بتتهز, وده حال الدنيا, فلم يتبق من الماضي إلا ذكريات تتقافز علي ألسنة أهل الحتة. عزت الفيومي65 عاما و أخر أعضاء فرقة حسب الله يقول: جئت إلي شارع محمد علي في عام1966 وكان الشارع مليئا بالفنانين والراقصات المحترمين, وكانت هناك حارة للعوالم في باب الخلق, ويضيف عزت الفيومي أن شارع محمد علي وحارة العوالم علي وجه التحديد كانت ذاخرة بنجوم الرقص الشرقي أمثال نجاة مكاوي وعطيات مكاوي, وحمص وحلاوة وحمدان وبهانة وبهية وياسين وخضرة وبخاتة وفاطمة بوكس و زوبة الجنتل وسني كسارة والسويسية وسوسو أم عمرو وزكية منافستو وليلة طرابيشي وسيدة الحمارة وسامية اومو ويصفهم الفيومي مؤكدا أنهم كانوا من أنظف الناس. ويشير الفيومي بيده باتجاه الشارع ويقول: هنا كانت تسكن الفنانة صابرين وهنا ولد الفنان محمد الحلو وفي هذه العمارة الفنانة لوسي وفي هذه الحارة حسن الأسمر ويشير مرة أخري إلي المقهي الذي نجلس عليه مقهي نجيب السواق هنا جلس محمد رشدي وأحمد عدوية وحسن الأسمر وعبد الباسط حمودة وحمص وحلاوة وكل مطربي مصر الشعبيين. ويترحم عزت الفيومي علي أيام زمان ويقول: أنظر الآن إلي شارع محمد علي كيف تحول من معرض للفن إلي معرض مفتوح للأثاث ومتاجر التليفون المحمول, ويضيف لم يعد الشارع مثل سابق عهده كان متنفسا لكل موهوب يبحث عن فرصة ليصبح نجما في سماء الفن, أما الآن لم يتبق منه غير عدد قليل من محال بيع الآلات الموسيقية. وبلغة المتمسك بالحياة وبالأمل يقول الفيومي أنا مازلت أعمل إلي الآن ولكن في الحفلات الخاصة ولدي فرقة حسب الله مكونة من ستة عازفين, نقيم حفلات أعياد الميلاد لبعض المشاهير ونقوم باستقبال السائحين في المطار, وفي حالة حصول فرقة رياضية علي بطولة دولية نستقبلهم في المطار, وزفة العفش ونعزف مقطوعات لعبد الحليم حافظ و وردة الجزائرية. عادل عبد المجيد صانع لآلات الإيقاع الشرقي يقول: أنا من طور آلات الإيقاع الشرقي قومت بعمل الطبلة من الألمونيوم بعد أن كانت تصنع من الفخار والآن تطورت من الألمونيوم لتكون الطبلة من الخشب وجلد السمك وهي تتميز بإمكانية إصلاحها في حال تعرضها للكسر, وعن شارع محمد علي يقول: كان أول متجر لبيع آلات الإيقاع الشرقي هو متجرنا وذلك في عام1948 وورثت هذه المهنة عن أبي, وعن أشهر الفنانيين بشارع محمد علي يقول: فيفي عبده ولدت في الحارة المجاورة لهذا المتجر وتربت في إمبابة, عبد الحليم حافظ قبل أن يلتحق بمعهد الموسيقي كان يأتي إلي هنا, الفنان سمير سرور عازف الساكسفون من مواليد شارع محمد علي, ومن الراقصات حياة نجفة وسعاد نجفة ولولا البرنس وكانوا رقم واحد خلال فترة السبعينيات, ويشير إلي مبني أما المتجر وبقول: الفنانة لوسي ولدت في هذه العمارة, والفنانة سهير زكي من مواليد شارع محمد علي. وعن ظاهرة تحول شارع محمد علي من شارع للفن إلي شارع لبيع الأثاث والتليفون المحمول يقول عادل: بدأت هذه الحكاية مع وجود سوق المناصرة التي تخصص في بيع الأثاث ثم أتسع السوق بعد رواج هذه التجارة ليمتد السوق إلي شارع محمد علي, بعد شراء التجار لمعظم المحال الموجودة بالشارع, فبعد أن كنا32 محلا لبيع الآلات الموسيقية أصبح عددنا لا يتجاوز10 محال, وأصبح شارع محمد علي خاليا من الفن والفنانين, فلا يوجد غير فرقة حسب الله حتي حارة العوالم أصبحت خالية من الراقصات وأصبح بها محال لتجارة الرخام والأخشاب وصناعة حديد الكريتال وأصبح الناس يكتفي بإقامة حفلات الزفاف بالنوادي والاكتفاء ب دي جي. الحاجة لولا83 عاما أقدم سكان حارة العوالم تقول: قمت بأداء مناسك الحج ثلاث مرات والعمرة عشرين مرة, وتضيف كانت تسكن في هذه الحارة عزيزة الصغيرة وأم قوطة وأنعام وأمينة وتشير إلي محل مغلق الآن وتقول هذا المحل كان لبيع آلات الإيقاع الشرقي وكان اسمه الزفتاوي, وتضيف الحاجة لولا أن معظم المحال التي تراها أمامك كانت دكاكين عوالم. وعن أجر الحفلة في تلك الفترة تقول: كان أجر إحياء الحفلة2 جنيه, أما الآن فملايين الجنيهات, وتتململ وتقول: أنظر إلي محمد علي زمان كيف كان, حتي البنات اللي طالعين اليومين دول قلة أدب وملابس مستفزة, وبدل الرقص لم تعد مثل السابق التي كانت أكثر احتشاما. وعن أشهر سكان الحارة تقول: الست أنيسة والدة الراقصة نبوية مصطفي, ورئيسة عفيفي وكانت زوجة الفنان إبراهيم عفيفي عازف الرق الشهير وأحد أعضاء فرقة أم كلثوم, وزوبة الكلوباتية وتقول يحسره: كلهم ماتوا والدنيا تغيرت.