قبل16 يوما فقط علي بدء الانتخابات الإيرانية لاختيار الرئيس الإيراني السابع منذ الثورة الإيرانية, يبدو أن آية الله خامنئي المرشد الأعلي للثورة الإيرانية والرئيس الأسبق لإيران اتخذ كافة الاحتياطات والإجراءات والتدابير الوقائية لمنع تكرار سيناريو انتخابات2009 ولإزاحة معارضيه من الصورة تماما. وقبل إعلان قائمة' الثمانية' المرشحين للانتخابات, اعترف خامنئي بأن الانتخابات التي ستجري في ال14 من يونيو المقبل ستحظي بأهمية مضاعفة, وأن المعيار الرئيسي لاختيار رئيس الجمهورية هو انتخاب أشخاص يتركز عزمهم علي صيانة عزة البلاد وحركتها في مسار الثورة. وبدلا من إلغاء المنصب الذي تحدي سلطاته خلال رئاسة محمود أحمدي نجاد ومحمد خاتمي, قرر المرشد الأعلي استبعاد ممثل أو رهان الإصلاحيين علي أكبر هاشمي رفسنجاني وممثل' التيار المنحرف' رحيم مشائي حليف نجاد. بالإضافة إلي استمرار تضييق الخناق علي زعماء الثورة الخضراء مير حسين موسوي ومهدي كروبي واستمرار وضعهما قيد الإقامة الجبرية. كما وجهت السلطات تحذيرات شديدة اللهجة إلي الصحفيين واعتقلت عددا منهم في محاولة لتكميم الصحافة خاصة الإصلاحية قبيل الانتخابات فضلا عن قيامها بتشديد الرقابة علي الانترنت. ' الثورة لم تأكل أبناءها فقط, بل أكلت آباءها أيضا', هكذا لخص مدرس إيراني ببساطة حقيقة استبعاد رفسنجاني من السباق الانتخابي بسبب ما اعتبروه أسبابا صحية ولاعتبارات كبر سنه. صدمة رفسنجاني الذي كان يحلم بتحقيق مفاجأة العودة إلي السلطة جعلته يكيل الاتهامات لخامنئي ولمجلس صيانة الدستور, كاشفا عن اجتماعه بالمرشد قبل أن يرشح نفسه وعن تلقيه الدعم منه. والأغرب أن رفسنجاني أحد المشاركين في قيام الثورة التي أطاحت بشاه إيران منذ أكثر من34 عاما, أشاد بأيام الملكية واعتبرها أيام' العزة الإيرانية'. أما نجاد فحاول يائسا إعادة مشائي إلي السباق عبر مقابلة المرشد وطلب إعادة النظر في هذا الاستبعاد, لكن الباب كان قد أغلق في وجه بالفعل. انتخابات إيران2013 لن تكون تنافسية أو تعددية, فخمسة من المرشحين ينتمون للمحافظين أو ما يطلقون عليه' تيار الثورة' وجميعهم يدينون بالولاء لخامنئي. المرشحون المنتمون للمحافظين المتشددين هم: سعيد جليلي كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين وأمين المجلس الأعلي للأمن القومي, ومحمد باقر قاليباف رئيس بلدية طهران, وعلي أكبر ولايتي وزير الخارجية الأسبق, وغلام علي حداد عادل رئيس البرلمان السابق, ومحسن رضائي أمين عام مجلس تشخيص مصلحة النظام والقائد العام الأسبق للحرس الثوري. وتتضمن القائمة كذلك3 مرشحين ممن ينتمون إلي التيار الإصلاحي هم: محمد رضا عارف عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام والنائب الأول لخاتمي, وحسن روحاني عضو مجلسي خبراء القيادة وتشخيص مصلحة النظام ومحمد غرضي وزير البريد والاتصالات الأسبق. قاليباف وحداد وجليلي, أقوي المرشحين الثمانية, أكدوا بعد تثبيت ترشحهم استعدادهم لإصلاح الاقتصاد الإيراني المتعثر من خلال استخدام' العقلية الثورية', واستعدادهم لحل الخلاف حول الملف النووي الإيراني مع الغرب, عبر التأكيد علي عدالة القضية. لكن جليلي الذي بدأ حملته الانتخابية منذ أيام قلائل عاد واستخدام لغة آية الله الخوميني بل ولغة نجاد أيضا المناهضة للغرب ولإسرائيل. المفاوض الإيراني الذي فشل في إقناع الغرب بمطالب إيران, أكد أنه سيواصل' سياسة المقاومة' ضد الغرب كما أنه سيجتث النظام الصهيوني من جذوره, وأشار إلي أن أولوية سياسته الخارجية تتمثل في توسيع نفوذ الإسلام في العالم ومواجهة قوي الغطرسة, في إشارة إلي الولاياتالمتحدة. جليلي الذي فقد ساقه في الحرب العراقية الإيرانية استعان بالخطابات النارية للخوميني وقال إنه سيعيد إحياء سياسات الثورة الإيرانية التي أوصلت رجال الدين إلي السلطة, كما سيطبق النظام الإسلامي لمواجهة الرأسمالية والاشتراكية. انتخابات الشهر المقبل ستحدد من في الثلاثة مرشحين هو الأقرب إلي قلب وعقل خامنئي ومن سيقدم فروض الولاء والطاعة أكثر, خامنئي مازال موقفه غامضا بعد أن أصدر أوامره للحرس الثوري والباسيج بعدم دعم أي من المرشحين. المعارضة تراهن علي الناخب الإيراني الذي لن يشارك في هذه الانتخابات التي ستمثل نتائجها تعزيزا لسلطة وشرعية المرشد الأعلي وإزاحة للمعارضة أو من يحاول الانقلاب علي هذه الشرعية. رئيس إيران المقبل أيا كان اسمه سيكون مجرد' دمية' خيوطها في أيدي المرشد الأعلي الذي استطاع إزاحة معارضيه من طريقه.