مرة أخري تكبد المضاربون في السوق السوداء خسائر فادحة بعد أن طرح البنك المركزي مزاده الأخير لبيع800 مليون دولار للبنوك لتلبية طلبات الإستيراد للسلع الإستراتيجية، وفي مقدمتها الأدوية وألبان الأطفال والمنتجات الغذائية والمبيدات الزراعية والتي تعرضت للتأخر في البنوك لعدم توافر النقد الاجنبي اللازم لتغطية الإعتمادات الخاصة بها حيث تراجع الدولار في السوق السوداء خلال خمس دقائق فقط بنحو جنيه كامل. حول هذا الموضوع كان اللقاء مع هشام عكاشة نائب رئيس البنك الأهلي والذي أكد علي أهمية قرارات البنك المركزي في المزادات التي يطرحها أسبوعيا بمبالغ صغيرة أو كل فترة بمبالغ كبيرة حيث سبق له طرح600 مليون دولار لمواجهة طلبات الإستيراد للسلع الإستراتيجية, والأسبوع الماضي طرح مزادا جديدا لنحو800 مليون دولار, وحقق هذا الطرح أهدافه حيث ساهم في تلبية إعتمادات الإستيراد المتأخرة لدي البنوك وذلك في إطار الأولويات التي حددها قرار المركزي للسلع الإستراتيجية أو الحيوية. وهذه الإجراءات من البنك المركزي مطلوبة وبشدة حتي نخرج من الوضع الراهن. واضاف أنه علي البنوك أن تحدد أولوياتها وفقا لما لديها من بيانات وإحصاءات عن حجم العمليات المعلقة وبحيث يكون التوجه لتلبية هذه العمليات وفقا لما حدده البنك المركزي من أولويات. وأشار إلي أن هدف البنك المركزي الرئيسي هو تخفيف الضغط علي السلع الأساسية في السوق وليس التأثير علي سعر الصرف أو محاربة السوق السوداء وهذا واضح وجلي, حيث أن تحرك المركزي يكون مرتبطا بالوضع الإقتصادي وحالة الطلب في الأسواق علي السلع والخدمات, وبصورة غير مباشرة يتأثر سعر السوق السوداء ولكنه بالتأكيد ليس هدفا لأن هذه السوق هشة للغاية ويتعرض السعر فيها إلي تذبذب شديد علي سبيل المثال قبل مزادات المركزي قفز السعر في السوق السوداء من750 قرش إلي850 قرش في ثلاث ساعات, ثم تراجع السعر في خمس دقائق إلي715 قرش, بينما السعر في الجهاز المصرفي يتزايد بتدرج بسيط للغاية ولكنه تدرج يعبر عن حقيقة سعر الصرف بعيدا عن المضاربة. وناشد عكاشة كل من في حوزته نقد اجنبي أن يستبدله في البنوك لأنه في الحقيقة لا يغذي السوق السوداء فقط ولكنه يزيد من تكلفة الإستيراد وبالتالي يزيد من إرتفاع الأسعار وما يجنيه من ربح بسيط من بيع العملة في السوق السوداء يدفع أضعافه في شكل زيادة في أسعار السلع والخدمات. والأمر الأخر كما يقول هشام عكاشة الذي يجعله يطلب من حائزي الدولار في حال رغبتهم في بيعه أن يبيعونه للبنوك هو' الوطنية' و'النخوة'.. هل والوطن جريح ويحتاج ليد كل منا بدلا من أن نساهم في تغيير الأمور للأفضل, نساهم في زيادة الأذي بالتعامل غير الرسمي علي العملة؟ وأضاف بأنه مطمئن أن المرحلة الحالية إنتقالية سنخرج منها سريعا عقب إستعادة الإستقرار الأمني والسياسي, وعندها ستعود الإستثمارات الأجنبية مرة اخري والسياحة بما يعني زيادة في مواردنا من النقد الأجنبي وبالتالي التحسن في الأداء الإقتصادي والذي سيعني بكل تأكيد تحسن في قوة العملة وفي سعر الصرف. ويري أهمية إنجاز الحكومة السياسات التي بدأتها في توفيق أوضاع رجال الأعمال لأنه بدون وجود قطاع خاص وطني لا يمكن إنجاز خطة التنمية مؤكدا ضرورة تحقيق المزيد من المشاركة السياسة التي ستعني في نهاية المطاف تحسن في تصنيف مصر الإئتماني. وحول التضخم ودور البنك المركزي أكد أن السياسة النقدية تستهدف التضخم ولكنها وحدها لن تنجح في كبح جماحه فهي مثل حبة الأسبرين تقلل من الإحتقان ولكن لابد من معالجة الأمر عبر سياسات إقتصادية مؤثرة, فلابد من زيادة معدلات الإنتاج والتصدير وتقليل معدلات البطالة وفتح مجالات رزق للناس حتي يمكن أن يتحرك الإقتصاد وتدور أليات العرض والطلب فهناك فرق بين كبح جماح التضخم عبر سياسات نقدية وتقليل معدلات التضخم عبر سياسات إقتصادية وإنتاجية. وطالب بضرورة المتابعة الحكومية للأسعار للتأكد من أن زيادة الأسعار حقيقية وليست مفتعلة نتيجة أي علاوات دورية أو زيادة في الأجور والمرتبات حيث يبادر التجار برفع الأسعار بما يلغي اثر هذه الزيادة وبالتالي ندور في حلقة مفرغة. لابد من عمل كافة الأجهزة في الدولة لمحاربة التضخم والقضاء علي أسبابه.