جاءت زيارتا رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نيتانياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس المتزامنتان إلي بكين لتكون خير دليل علي أن الصين تتجه وبقوة لتحقيق كل مفاهيم' القوة العظمي' فهي لم تكتف فقط بالتفوق الاقتصادي الذي دفعها لأن تصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولاياتالمتحدة, ولم تكتف أيضا بسعيها الحثيث للتفوق العسكري وامتلاك التكنولوجيا الحربية المتطورة, ولكن التنين الصيني يسعي اليوم للعب دور أكبر في الساحة الدبلوماسية لواحدة من أكثر مناطق العالم أهمية وسخونة وهي الشرق الاوسط. فقد طرحت الصين لدي استقبالها عباس ونيتانياهو عدة مبادرات حول السلام في الشرق الأوسط منها خطة من أربع نقاط لتحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين والاعلان عن استعدادها استضافة اجتماع ثنائي بين نيتانياهو وعباس في بكين إلا أن هذا الاجتماع لم يتم حيث غادر الرئيس الفلسطيني العاصمة الصينية قبل أن يصلها نيتانياهو قادما من شنغهاي. وبرغم أن خطة السلام التي طرحها الرئيس الصيني تشي جين بينج لم تأت بجديد- حيث تتركز علي قيام دولة فلسطينية وفقا لحدود1967- فإن العديد من المحللين يعتبرونها خطوة في طريق تعزيز نفوذ الدبلوماسية الصينية في المنطقة.فالصين تحتفظ بعلاقات جيدة مع الطرفين العربي والإسرائيلي حيث تتمتع بعلاقات تجارية قوية مع إسرائيل تقدر ب10 مليارات دولار سنويا, كما أنها دعمت فلسطين في العديد من المحافل الدولية فضلا عن علاقاتها الاقتصادية مع الدول العربية وإيران حيث تستورد الصين نحو نصف احتياجاتها البترولية من الشرق الاوسط. ولكن الصين تواجه في الوقت نفسه العديد من الصعوبات التي قد تحول دون لعب دور ابرز في قضايا المنطقة.فوفقا للخبراء فإن بكين موقفها معقد بسبب دعمها الدبلوماسي لإيران والدول العربية وهو ما ترفضه إسرائيل ويجعلها رافضة لأي رؤية صينية في شئون الشرق الاوسط. فقد وقفت الصين بجانب روسيا عدة مرات للحيلولة دون فرض مزيد من العقوبات الدولية ضد إيران وسوريا,كما أنها طالما أيدت المواقف الفلسطينية واعلنت مرارا تأييدها لإقامة دولة فلسطينية ورفضها الاستيطان.فضلا عن ذلك, فإن بكين غير مستعدة بعد لاستثمار المال في هذا الصدد; إذ تسهم بكين بمبلغ متواضع في ميزانية السلطة الفلسطينية, مقارنة بمانحين كبار, مثل الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي. وبينما بنت اليابان مطارا في غزة, فإن الصين بنت مدرسة ابتدائية واحدة. ويقول ين جانج الخبير في دراسات الشرق الاوسط بالاكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية إن الصين بعيدة جدا عن الشرق الاوسط فهي لم تستطع حتي التوصل إلي حلول جيدة لمشاكلها الاقليمية مثل مشكلة كوريا الشمالية والنزاع البحري مع اليابان وجيرانها في المنطقة. وعلي أية حال فإن المبادرة الصينية حول السلام في الشرق الاوسط هي محاولة لتقوية دور الصين كلاعب اساسي علي الساحة الدولية, ربما لن تتكرر ولكن ربما ايضا تعقبها محاولات اخري من قبل الرئيس الصيني الجديد' تشي جين بينج' الذي أطلق مؤخرا مصطلحا جديدا شغل به الساحة الصينية السياسية والشعبية وأثار حماستها هو مصطلح' الحلم الصيني' علي غرار' الحلم الامريكي'- في إشارة الي أن تشي ينوي أن يدفع بالصين إلي المزيد من التقدم والقوة لتحقيق ما وصفه بحلم الأمة الصينية.