برغم ملاحظاتي الأولية والكلية حول التعديل الوزاري الذي شهدته مصر مؤخرا, فإنني كنت أنوي التزام توصية الدكتور رئيس الجمهورية التي كتبها في تغريدته:( أعطوهم فرصة). ولكن بعض أولئك الوزراء الجدد هم الذين لا يريدون اعطاءنا نحن فرصة! إذ بادر الدكتور علاء عبدالعزيز وزير الثقافة( في مسلك استعراضي ومتسرع جدا) إلي التصريح بأنه سيلغي اسم:( مكتبة الأسرة) وسيحوله إلي:( مكتبة الثورة).. وبصرف النظر عن شكلانية الأمر ومظهريته, وعدم منطقية احتلاله هذه الأولوية المتقدمة للغاية عند السيد وزير الثقافة( أطلق تصريحه في الساعات الأولي لاعتلائه مقعد الوزير) وتسييسه لما لا ينبغي تسييسه فان هناك مشكلة( دلالية) تجعل من ذلك التغيير أمرا جانبه الصواب تماما. فالثورة( كمفهوم) لم تندلع ضد الأسرة( كمفهوم) أيضا, وبحيث تحل الأولي مكان الثانية, ومن ثم فان الطريقة الدراماتيكية التي أعلن بها الوزير تغييره تبدو مهرولة ومرتبكة ومضحكة إلي حد بعيد. كان من الممكن فهم الأمر لو أن الوزير أطلق سلسلة جديدة باسم( مكتبة الثورة) تتعرض لتواريخ الثورات في العالم أو تعرض نماذج للفكر الثوري المحدث أو بعض انساق الإبداع الثوري الجديد, وإلي جانبها يحافظ علي اسم مشروع مكتبة الأسرة خاصة أنه ليس اسم( عيب) لا يصح ذكره علانية! مثل ذلك السلوك في الواقع يذكرني بمحمد عبدالمنعم الصاوي حين صار وزيرا للثقافة عقب جابر عصفور, فقد راح بنفسه يزيل صور الرئيس السابق من مكاتب الوزارة( كما نشرت الصحف السيارة في ذلك الوقت) وقلنا وقتها:( هذا ليس شغلك أولا.. ثم أن أولويتك ثانيا أن تقدم إلي الأمة برنامجا سوف تسعي لتنفيذه وليس أن تنزع الصور وتعلق التعاليق).. نحن نريد وزراء سياسيين متحمسين لا نجوم استعراض في منتهي الخفة, وأول ما نريد سماعه من وزير الثقافة الجديد هو فهمه للعلاقة بين الفاعليات الثقافية والإبداعية وبين المفاهيم والمزاج المغايرة التيتطرحها بعض الفصائل في مصر الآن, وكذلك طبيعة الصيغة التي يتبناها الوزير في التعامل مع متغير حتمية الانفتاح علي ما يجري في العالم.. أفهمت يا سيادة الوزير؟ نأمل ونتمني. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع