تملكتني منذ اللحظة الأولي التي وطأت قدماي فيها شوارع البلدة القديمة بالقدسالمحتلة الموجود به المسجد الأقصي المبارك وقبة الصخرة وكنيسة القيامة في عام2005 مشاعر فياضة بالألفة مع المكان. وسرعان ما لاحظت أن أي صحفي مصري مثلي يزور المدينة يشعر بنفس الإحساس وفي البداية أرجعت هذا الشعور إلي أن كل شيء في القدس من بشر وحجر له نظير في مصر حيث تتشابه الحارات والأزقة والمباني بالمدينة مع مثيلاتها في الأحياء التاريخية في مصر إلا أن هذا التماثل أيضا كان يحتاج إلي تفسير وبالفعل جاء هذا التفسير بالمصادفة عندما سمعت أحد كبار المسئولين الفلسطينيين يقول أن علي المصريين ان يدافعوا عن القدس لأن أكثر من90% من مبانيها أقيمت بأموال وأياد مصرية وهنا التقطت الخيط للتحقق من هذه المعلومة. في البداية حاولت اللجوء إلي خبراء الآثار والمتخصصين الفلسطينيين لمعرفة الحجم الحقيقي للوجود المصري في خريطة القدسالمحتلة ولكنني كنت دائما الحظ أن إجاباتهم دبلوماسية غير حاسمة ربما خوفا من أن يأخذ البعض إجاباتهم حججا عليهم ويظهر من يدعي ان القدس يجب أن تعود لمصر وليس لفلسطين ونسوا أو تناسوا أن أحدا في مصر لايمكن أن يجادل الفلسطينيين في حقهم التاريخي بالقدس وأن الحديث يدور فقط عن مساهمة مالية وفنية مصرية في إأعمار منطقة مقدسة لدي المصريين مسلمين كانوا أو أقباطا. وكانت ابرز الردود الدبلوماسية هو ماقاله لي السيد خليل التفكجي رئيس دائرة الخرائط ونظم المعلومات ببيت الشرق بالقدس حيث اجاب قائلا ردا علي سؤالي عن الآثار المصرية بالقدس: المعالم داخل مدينة القدس كثيرة ولا نستطيع ان نقول إن هذا البناء او هذا السور قد تم في فترة معينة حقيقة لأن اسوار مدينة القدس قد تم اقامتها في فترة المماليك وتمت اعادة بنائءها في فترة العثمانيين. كذلك الابنية التاريخية المملوكية والخانات والاسواق والتكايا اقيمت في هذه الفترة لكن تاريخ القدس هو مزيج من العناصر بدات منذ فترة البيزنطينيين وانتهاء بالفترة العثمانية, وجزء من كنيسة القيامة اقيم بالفترة المملوكية, كذلك قبة الصخرة تم ترميمها بأياد مصرية. واليوم هنالك مدارس كبيرة اقيمت باموال مصرية اهمها المدرسة القبطية في بيت حنينا. ولأن الأجابات لم تشف غليلي فقد قررت العودة للمراجع وكتب التاريخ في مهمة مجهدة لحصر الوجود المصري بالقدس وبالفعل وصلت إلي نتائج مشجعة ولكنها ليست كاملة وان كانت تعطي مؤشرات بأن القول بمصرية المدينة المقدسة حجرا وبناءا وليس ارضا ووطنا واقع لايجب أن نشكك فيه. من ابرز المباني المصرية بالقدس: قبة الصخرة: تقع في ساحة المسجد الأقصي المبارك, ولكنها ترتفع عن مستوي بناء الأقصي نحو4 م, وقد بنيت في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان سنة66 ه/685 م. واكتمل البناء سنة72ه/691م وصرف علي البناء خراج مصر في سبع سنين. واحتلها الصليبيون عام1099 م, وحولوها إلي كنيسة, وقد حررها صلاح الدين عام1187 م, وقد اهتم المماليك بالصخرة وبخاصة الملك الظاهر بيبرس والناصر محمد بن قلاوون. المسجد الأقصي: وكان أول بناء للمسجد الأقصي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب نحو عام20 ه, وكان مبنيا من الخشب. أما المسجد الثاني فقد بناه عبد الملك بن مروان وأكمله ابنه الوليد وذلك ايضا من خراج مصر وكانت مساحته ضعف مساحة البناء الحالي. واما المسجد الحالي فيرجع إلي الفترة الفاطمية حيث قام المعز لدين الله الفاطمي الذي كان يتخذ من القاهرة مقرا لحكمه بتضييق المسجد أزال أربعة أروقة من كل جانب. قبة موسي: أنشأها الصالح نجم الدين أيوب سنة647 ه/1249 1250 م كما ظهر في أحد نقوشها. القبة النحوية: تقوم هذه القبة في الزاوية الجنوبية الغربية لصحن قبة الصخرة المشرفة, وقد تم تعميرها في الفترة الأيوبية في عهد السلطان الملك المعظم عيسي في سنة604 ه خصيصا لتكون مقرا لتعليم علوم اللغة العربية. مئذنة باب السلسلة: تقع هذه المئذنة في الجهة الغربية للحرم الشريف بين باب السلسلة والمدرسة الأشرفية, تم بناؤها في عهد السلطان المملوكي محمد بن قلاوون في سلطنته الثالثة709 ه-741ه/1309 م1340 م علي يد نائبه الأمير سيف الدين تنكر الناصري سنة730 ه-1329 م. مئذنة باب الغوانمة( منارة قلاوون): تقع هذه المئذنة في الركن الشمالي الغربي للحرم الشريف بجانب باب الغوانمة, تم بناؤها في عهد السلطان حسام الدين لاجين(696 ه698 ه/1297 م1299 م) علي يدي القاضي شرف الدين عبد الرحمن بن الصاحب كما تم تجديدها في عهد السلطان محمد بن قلاوون في نفس تاريخ إنشائه مئذنة باب السلسلة, وقد عرفت مئذنة باب الغوانمة أيضا بمنارة قلاوون. مئذنة باب الأسباط: تقع هذه المئذنة في الجهة الشمالية للحرم الشريف, بين باب حطة وباب الأسباط, وقد تم بناؤها في عهد السلطان الأشرف شعبان(764 ه-778 ه/1363 م1376 م). - سبيل الكأس:- يقع أمام المسجد الأقصي في الجهة الجنوبية أنشيء في عهد السلطان الأيوبي سيف الدين أبو بكر أيوب عام589 هجري. سبيل البصيري:- يقع شمال شرق باب الناظر, جدد في عهد السلطان الأشرف برسباي عام839 هجري. مقبرة الإخشيديين: وتقع في مقبرة باب الأسباط, وبها قبر محمد بن طفيح الإخشيد مؤسس الدولة الإخشيدية في مصر, وقبر أنوحور بن محمد الإخشيد, وقبر علي الإخشيد شقيق أنوحور. الأملاك القبطية بالقدس: استمر الوجود القبطي في القدس, بعد الفتح الإسلامي, حيث أكدت العهدة العمرية علي الوجود القبطي في القدس, وضمنت الامان لكل الطوائف المسيحية في المدينة المقدسة, ومن الممتلكات الدينية للأقباط في القدس, الان, مايلي .1 دير السلطان, وبه كنيستا الملاك, والأربعة حيوانات. .2 دير مارانطونيوس, شمال شرق كنيسة القيامة. .3 دير مارجرجس, في حارة الموارنة. .4 كنيسة باسم ماريوحنا, خارج كنيسة القيامة. .5 كنيسة صغيرة, باسم الملاك ميخائيل, ميصقة للقبر المقدس في الغرب. كما ترتب علي الوجود القبطي في القدس, إنشاء بعض المؤسسات ذات الطابع المدني, من أشهرها المدرسة القبطية( الكلية الأنطونية), وكلية الشهيدة دميانة للبنات. فضلا عن وجود جمعية خيرية اجتماعية, لرعاية الأقباط في القدس. ألاوقاف المسيحية: حفلت الوثائق القبطية بالعديد من حجج الأوقاف المرصودة علي القدس. والجدير بالذكر أن الوقف لم يكن حكرا علي الأماكن المقدسة في القدس, من الأثرياء الأقباط فحسب, بل كانت معظم الأوقاف من أفراد الطبقة المتوسطة القبطية وهناك عديد من الأوقاف القبطية, تشتمل علي عمارات صغيرة, أوجزء من عقار, بعضها موقوف لنفع الأبناء والذرية, علي أن تئول, فيما بعد, إلي الأماكن المقدسة في القدس. وعند بناء كنيسة القيامة بعد اكتشاف الصليب المقدس استعانت الأمبراطورة هيلانة بالبنائين المصريين لخبراتهم في فنون العمارة ووهبتهم بئرا سميت بئر الملكة هيلانة و هو المكان الموجود به حاليا كنيسة القديسة هيلانة باسمها تكريما لها. وقد أكد لي القمص ميصائيل الأورشاليمي راعي كنيسة القديسة هيلانة أن الكنيسة بنيت مع كنيسة القيامة في عام325 ميلادية ومن مياه البئر التي أمرت بحفرها الإمبراطورة هيلانة أم الإمبراطور أوجستين الروماني تم بناء كنيسة القيامة في المكان الذي يعتقد أن المسيح عليه السلام دفن فيه ومنه قام مرة أخري. وبصحبة القمص ميصائيل زرت معلما مصريا آ-خر ولكنه مغتصب وهو دير السلطان ذلك الدير التابع للكنيسة القبطية المصرية والذي استولي عليه الرهبان الأحباش بمعاونة السلطات الإسرائيلية ويعد القمص ميصائيل الراهب المصري الوحيد الذي توجد له قلاية داخل دير السلطان المغتصب. وعودة لحارة الأقباط في القدس حيث نري علي يسار كنيسة القديسة هيلانة بالقيامة دير القديس أنطونيوس وهو يعد منذ عام1912 عندما جري ترميمه وتجديده مقرا رسميا للبطريركية وفيه يقيم البطريرك أبراهام بطريرك الكنيسة القبطية في فلسطين وفيه أيضا تجري سيامة القساوسة وبجواره تقع الكلية الأنطونية وهي مدرسة ثانوية قبطية يتم التدريس فيها طبقا للمناهج المصرية.