بالرغم من أن تجارة الأنفاق بسيناء أصبحت من التجارات المربحة جدا, فإن هذه التجارة لم تسلم من أيدي مزوري العملات لشراء البضائع من مصر والعريش وبيعها للفلسطينيين بقطاع غزة بما يعادل خمسة أضعاف السلعة بمصر, لذا فإن بعض تجار الأنفاق أرادوا أن يحصلوا علي الأموال بطريقة أكثر ربحا لشراء بضائع من مصر بنقود مزورة. فقد تمكن تشكيل عصابي من الحصول علي ماكينة تصوير فائقة الجودة, وأوراق نقود خاصة, وطباعة فئة المائة دولار علي الورقة لشراء السلع والمستلزمات التي يحتاجها الفلسطينيون بقطاع غزة, ويقومون بإعطاء التاجر ثمن البضائع دولارات مزورة, ويتم تهريب البضائع عبر الأنفاق إلي قطاع غزة, ويحصلون من التاجر الفلسطيني علي دولارات صحيحة, أما التاجر المصري فما عليه إلا أن يجلس باكيا علي أمواله التي ضاعت, وبالطبع لن يستطيع إبلاغ الشرطة, خاصة أن السؤال الأول سيكون: ما هو المقابل الذي حصلت عليه نتيجة هذه الدولارات المزورة؟ وبالطبع لأن التجارة غير مشروعة ومجرمة قانونا, فإن التاجر يلتزم الصمت وما عليه إلا أن يبحث عن أفراد العصابة التي اشترت منه البضاعة بإحدي وسائل البلطجة الأخري من تأجير بلطجية وخلافه للبحث عنهم, وغالبا أيضا ما تكون نتيجة بحثه سلبية, إلا أن المصادفة البحتة قادت قسم مكافحة جرائم الأموال العامة بمديرية أمن شمال سيناء إلي ضبط هذا التشكيل العصابي, خاصة بعدما انتشرت وبشكل كبير كميات كبيرة من الدولارات المزيفة بالمحافظة, حيث تمكنت من ضبط العصابة وبحوزتها كمية كبيرة من الدولارات, والماكينة المستخدمة في الطباعة. وأوضح اللواء سميح بشادي مدير أمن شمال سيناء أن ضبط التشكيل العصابي تم في أثناء مرور إحدي السيارات لكمين استاد العريش الرياضي وإيقافها, واشتبه الضباط في قائد السيارة وشخص آخر كان يجلس بجواره, وبتفتيش السيارة عثر بداخلها علي مبلغ197.900 دولار مقلدة بطريقة التصوير الإلكتروني, وتم العثور علي ماكينة تصوير ألوان تستخدم في طباعة الدولارات, وتمت إحالة المتهمين للنيابة العامة, التي قررت حبسهما أربعة أيام علي ذمة التحقيقات. وقد اعترف المتهمان بقيامهما بتزوير العملات لشراء مستلزمات وبيعها عن طريق الأنفاق, وأوضح اللواء أحمد السعيد الخبير الأمني بسيناء أن الأنفاق أصبحت تهدد الاقتصاد المصري بكل جوانبه, فارتفاع الأسعار بشمال سيناء, خاصة المستلزمات الغذائية, ينذر بكارثة حقيقية, فضلا عن انتشار كميات كبيرة من الدولارات فئة الورقة100 دولار بالعريش ورفح يهدد بشكل واضح الاقتصاد المصري. وأضاف أن المزورين يستخدمون تقنية حديثة جدا في التزوير يصعب اكتشافها إلا عن طريق متخصص في العملات, أو من خلال ماكينة فرز العملات الورقية لبيان مدي التزييف الواضح فيها. وبعيدا عن صرخات التجار الذين تعرضوا للنصب والاحتيال جراء حصولهم علي دولارات مقلدة, فإن صرخات المواطنين بشمال سيناء أصبحت أكثر علوا, خاصة أن السلعة الوحيدة الموجودة بسيناء من أسماك البردويل أصبحت تباع بالعملة الصعبة أيضا لتجار الأنفاق, الأمر الذي استحال معه حصول المواطنين علي الأسماك, التي ارتفع سعرها إلي أكثر من ضعفين, خاصة مع تزايد قيمة الدولار والشيكل الإسرائيلي, اللذين يستخدمهما تجار الأنفاق في تجارتهم الرابحة, غير مكترثين بما تسببه هذه التجارة من كوارث حقيقية للمواطنين المصريين بسيناء.