منذ أيام زار رئيس وزراء اليابان شينزو السعودية والإمارات العربية وهي الزيارة الثانية للمملكة والأولي للإمارات, وعلي الرغم من قلة عدد الزيارات التي يقوم بها كبار المسئولين اليابانيين للمنطقة أو الخليجيون لطوكيو فإن العلاقات بين اليابان ودول المنطقة خاصة السعودية عميقة وقديمة وتعود الي ما قبل الحرب العالمية الثانية كما يحكي السفير الياباني السابق والمستعرب المعروف كاتاكورا كونيو في كتابه الرائع عن اليابان والشرق الأوسط. والحقيقة أن اليابان والخليج في حاجة شديدة كل للآخر, من الممكن أن تشيد علاقات إستراتيجية طويلة الأمد بين الطرفين أقوي وأعمق مما هي عليه الآن, حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بين اليابان ودول مجلس التعاون الخليجي150 مليار دولار في عام2012, منها55 مليار دولار مع السعودية و48.5 مع الإمارات العربية. فاليابان تحتاج الي مصادر الطاقة التي تفتقر اليها وتوفر منطقة الخليج نحو86% من احتياجات الطاقة لليابان وقد نجح الخليج العربي في توفير احتياجات اليابان من النفط في ظل أزمات كثيرة مرت بها منطقة الشرق الأوسط.. وعلي سبيل المثال فقد تم استثناء اليابان من القرار العربي بفرض حظر تصدير النفط علي الدول المعادية خلال حرب اكتوبر المجيدة عندما استخدم العرب النفط كسلاح في المعركة. كذلك نجح الخليج العربي في تأمين احتياجات اليابان من الطاقة خلال الحرب العراقية الإيرانية, ثم حرب الخليج أو تحرير الكويت ومن بعدها حرب الاطاحة بصدام حسين. ويحكي السياسي الياباني المخضرم أتشيروا اوزاوا في كتابه خارطة جديدة لليابان كيف اسهم كل ياباني ب100 دولار في حرب تحرير الكويت وهو المبلغ الذي طلبته الولاياتالمتحدة من اليابان لعدم قدرتها علي المشاركة في الحرب بقوات حيث يمنع دستورها ذلك, من أجل ضمان استمرار تدفق شاحنات النفط من الخليج الي اليابان, وكيف غضبت اليابان عندما نشرت الكويت إعلانا ضخما في الصحف الأمريكية تشكر فيه كل دول العالم علي اسهامتها في حرب التحرير, ونسيت اليابان! غير ان الكويت تداركت ذلك وقام الأمير بزيارة خاصة لليابان ليعبر عن تقديره لدورها في حرب التحرير. وقد كان رئيس الوزراء الياباني آبي عندما قال في كلمته بالسعودية إن التكامل بين الشرق الاوسط الشاب الذي يمتلك طموحات اقتصادية وصناعية واليابان القوة الاقتصادية والصناعية, والتي تمتلك الخبرة والمعرفة والتقنية, سوف يتحقق.. لأن الطرفين شريكان وتحدوهما مصالح واهتمامات مشتركة, وإن العلاقات أحادية الجانب التي يبيع فيها جانب ويشتري الآخر قد ولي زمانها, وهو يعني أنه إذا كانت الدول الخليجية تقدم لليابان مواد الطاقة, فإن اليابان يمكنها أن تقدم الخبرة والمعرفة وتكنولوجيا الطاقة المتجددة والطاقة النووية التي تتميز بأنها الأكثر أمانا في العالم. وفي الإطار فإن رئيس وزراء اليابان طرح مشروعا جديدا مع السعودية من الإمارات أطلق عليه التعاون الفني مع تقاسم التكاليف بمعني أن اليابان سوف ترسل خبراء من هيئة التعاون الدولي اليابانية( الجايكا) من ذوي الخبرة لتدريب وتعليم الفنيين في السعودية والإمارات مع تحمل البلدين تكاليف إقامة هؤلاء الخبراء اليابانيين, وهو ما أشار اليه آبي في كلمته بالسعودية عندما قال إنني سعدت للغاية عندما سمعت أن السعودية والإمارات أبلغتا اليابان بأن التكاليف ليست المشكلة. وأهم بنود المشروع الذي طرحه رئيس وزراء اليابان خلال زيارته هو أن اليابان سوف تقوم بتدريب20 ألف متدرب من السعودية والإمارات خلال السنوات الخمس المقبلة, وأنه سوف يتم زيادة عدد الطلاب الدارسين من السعودية والإمارات, وقد كان عدد الطلاب السعوديين الدارسين في اليابان منذ سبع سنوات لا يزيد علي30 طالبا وسيصل العدد خلال السنوات الخمس المقبلة إلي500 طالب, وسوف يرتفع عدد الطلاب الدارسين من الإمارات من60 طالبا إلي500 طالب خلال المدة نفسها وهكذا فإن اليابان قد نجحت في تأمين احتياجاتها من الطاقة من دول الخليج, في حين عرفت دول الخليج هي الأخري طريقها الي الاستفادة من الخبرة والتكنولوجيا اليابانية من خلال التعليم والتدريب الذي يعد مفتاح التقدم في كل دول العالم.