من أخطر المشكلات المعاصرة في تربية الأولاد هي الصحبة, فللصديق تأثير بالغ في قيم وأخلاق وسلوكيات صديقه, فقد يعينه علي ذكر الله وطاعته, وقد يضله عن الصراط المستقيم.. وقد يكون كحامل المسك ريحه طيب, وقد يكون كنافخ الكير ريحه كريهة, ولقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:( المرء علي دين خليله, فلينظر أحدكم من يخالل) كما أوصي صلي الله عليه وسلم بصحبة المؤمنين الصالحين الأتقياء, فقال لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي. وفي دراسة له يبين الدكتور حسين شحاتة, الأستاذ بجامعة الأزهر, أن من أعظم وأهم مناهج وطرق ووسائل التربية للنشء الاهتمام باختيار الصحبة الصالحة لهم منذ النشأة, فإذا كانت الصحبة صالحة نشأ صالحا وإذا كانت الصحبة فاسدة نشأ فاسدا. ويشير شحاتة إلي أن حسن اختيار الصحبة ضرورة شرعية ومن الموجبات الدينية التي أوجبها الله سبحانه وتعالي, وقد أشار القرآن الكريم إلي أهمية الصحبة الصالحة فقال تعالي: واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا(. وفي ذلك يقول الرسول صلي الله عليه وسلم من يرد الله به خيرا يهده خليلا صالحا إن نسي ذكره, وإن ذكر أعانه. ويقول في حديث آخر: مثل الجليس الصالح والسوء, كحامل المسك ونافخ الكير, فحامل المسك إما أن يحذيك, وإما أن تبتاع منه, وإما أن تجد منه ريحا طيبة, ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك, وإما أن تجد ريحا خبيثة. وسرد د.شحاتة عددا من شروط وصفات الصحبة الصالحة, منها: - الإيمان والتقوي التي تحث وتحض الصاحب علي تقوي الله وخشيته في السر والعلن وإلي الالتزام بشرع الله في كل أحواله, وهذا ترجمة لوصية رسول الله صلي الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي. - حسن الخلق بصفة عامة, ولقد لخص الله سبحانه وتعالي في الآية الكريمة: خذ العفو وأمر بالعرف, وأعرض عن الجاهلين, وحض رسول الله صلي الله عليه وسلم علي مكارم الأخلاق وجميل المعاشرة وإصلاح ذات البين وصلة الأرحام. وقال صلي الله عليه وسلم اتق الله حيث كنت, وأتبع السيئة الحسنة تمحها, وخالق الناس بخلق حسن. - البر بالآباء والأمهات, وأصل ذلك قول الله تبارك وتعالي: وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا, وسئل رسول الله صلي الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلي الله تعالي؟ قال: الصلاة علي وقتها, قال: ثم أي؟ قال: بر الوالدين - حسن التعامل مع الآخرين بالأدب واللين واللطف, قال الله سبحانه وتعالي لنبيه محمد صلي الله عليه وسلم: واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين. - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ويقصد بذلك أن يكون الصديق فاعلا في المجتمع ايجابيا يدعو بقيمه وخلقه وسلوكه الحسن الناس إلي الخير وينهاهم عن المنكر بالحسني والحكمة والدعوة بالموعظة الحسنة, لقول الله عز وجل: قل هذه سبيلي أدعو إلي الله علي بصيرة أنا ومن أتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين. واختتم د.شحاتة دراسته بالإشارة إلي أنه يجب أن يكون المسلم دائما مع الصالحين وأن يتأثر قلبه وخلقه وسلوكه بهم وإن اختلط المسلم الصالح بغير الصالحين فليجتهد أن يقلب ذلك المجلس طاعة لله.كما يجب علي الآباء متابعة أبنائهم للتيقن من صحبتهم الصالحة, وأن يكون التوجيه بالحكمة والموعظة الحسنة, فهذه مسئولية وفقا لحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم: والرجل في بيته راع ومسئول عن رعيته.... وعلي الأبناء الاستجابة لنصائح الآباء بمصاحبة الصالحين من عباد الله لأن الملائكة قالت: السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين وهذا من الموجبات الدينية ومن البر بهما.