عمال اليومية أرزقية لم تتغير أوضاعهم كثيرا بعد25 يناير بل علي العكس زادت معاناتهم.. عددهم في الاوراق الرسمية يزيد علي ثلاثة ملايين عامل, يواجهون استغلال المقاولين وارتفاع الاسعار وتناقص فرص العمل.. بل إنهم يعملون دون تأمينات أو معاشات أو تعويضات عن إصابات العمل. كلهم جاءوا إلي القاهرة من الأقاليم تاركين أسرهم جريا وراء لقمة العيش وفي الميادين يجلسون متراصين في انتظار مقاول الانفار الذي يأتي.. وقد لا يأتي! تحقيقات الأهرام اقتربت من هؤلاء للتعرف أكثر علي معاناتهم ومشكلاتهم. حماد مختار الذي جاء من الفيوم تاركا زوجته وأولاده الخمسة, يمكث في القاهرة أسبوعا يحضر فيه يوميا إلي ميدان المطرية في انتظار مقاول الأنفار الذي بمجرد ظهوره يهرول إليه علي أمل الفوز بالعمل.. لكن العمل هذه الأيام شحيح وقد تمضي أيام طويلة دون عمل يقول حماد بعد ما كانت يوميتي تتراوح بين50 و100 جنيه أصبحت الآن لا تتعدي70 جنيها, وأحيانا تصل إلي30 جنيها حسب طبيعة العمل, وأنا مضطر للموافقة علي اي شروط للمقاول حتي لا أعود لأسرتي في نهاية الأسبوع وأيدي فاضية! أما متولي حسانين(23 عاما) فهو عائل لوالدته المسنة وأخته الصغري وشقيقه الذي يعمل في مهنته نفسها, والذي أصيب العام الماضي بشكل أقعده عن العمل بعد سقوطه من علي السقالة, التأمينات التي صرفها لا تزيد علي100 جنيه ولديه3 أبناء. العم متولي يأتي من بني سويف الي القاهرة للعمل مع الأنفار ليجمع طوال الاسبوع بعض المال بالعمل الشاق لينفق علي أسرته وأسرة أخيه, متولي يسأل: لماذا لا تنظر إلينا الحكومة فنحن مصريين أيضا ولولانا ما تم بناء عمارة واحدة! شعبان مندور له حكاية أخري فقد استأجر شقة مع20 عاملا يدفع كل منهم100 جنيه في الشهر حتي يمكنهم, الإقامة في القاهرة اطول فترة ممكنة. فالسفر إلي المنيا يكلفه الكثير, خاصة أنه لا يعمل سوي15 يوما في الشهر, بل إن الأوضاع تسوء ولا يشعر بنا أحد, مما جعلني أشارك اكثر من مرة في وقفات أمام اتحاد العمال لكنها كانت وقفات دون أي فايدة. وكما يقول المهندس عمرو صالح صاحب شركة مقاولات فإن مشكلة هؤلاء العمال أنهم بلا أي خبرة باستثناء القيام بأعمال الهدم والمحارة وبعض الإنشاءات المحدودة, كما أن أعدادهم كبيرة بسبب تقلص الرقعة الزراعية والتي كان أصحاب الأراضي يستأجرونهم لزراعتها مما دفعهم للعمل كأجرية في المعمار, ومع الركود الراهن قل الطلب عليهم, خاصة مع ارتفاع أسعار المازوت والأسمنت والكهرباء والطوب. ويضيف أن هؤلاء العمال تتراوح أجورهم بين30 و125 جنيها في اليوم حسب طبيعة عملهم, بل إن أجورهم انخفضت أخيرا ولا تكفيهم, والمؤسف أنه لا وظيفة ثابتة لهم ولا تأمينات ولا تأمين صحي. أما المستشار علاء عوض المتحدث الرسمي باسم وزارة القوي العاملة فيقول: إن العمالة غير المنتظمة ظلت مهمشة فترة طويلة دون رعاية من الدولة, وقامت القوي العاملة بعمل حصر لهذه العمالة في القاهرة وبعض المحافظات فوصلت إلي3 ملايين عامل والحصر مستمر في باقي المحافظات. الوزارة انشأت وحدات لرعاية العمالة غير المنتظمة في كل محافظة لتقديم رعاية صحية لهم وللحصول علي حقوقهم من أصحاب الأعمال, كما تم تشكيل لجنة لتعديل قانون العمل بالنسبة لهؤلاء, والأمل أن تسهم هذه التعديلات في حل مشكلات العمال الأرزقية.